خزانها الانتخابي وبفقدانه تفقد قدرتها على ان تكون جزءا من منظومة الحكم، التي ترغب في تقاسمها هذه المرة مع قيس سعيد وقوى الثورة.
عقدت حركة النهضة امس ندوة صحفية لتقديم برنامجها الانتخابي في التشريعية، او هذا ما اعلنته الحركة في خطابها الرسمي، الذي ركز علي برنامجها ووضعها للمسائل الاقتصادية والاجتماعية كاولوية منذ المؤتمر العاشر لها في 2016، وغيرها من النقاط التي صدرت عن رئيس لجنة البرامج جليل العمري، او عن رئيسها راشد الغنوشي.
لكن ما لم يقل بشكل صريح ان الندوة لم تكن مخصصة لعرض البرامج وإنما لهدف أخر، وهو مغازلة قواعدها الانتخابية عبر مختلف الوسائط، وما الندوة الا مطية لتحقيق ذلك، وهذا ما كشفه الغنوشي، حينما كشف بشكل غير مباشر عن سبب عقد الندوة.
فرئيس الحركة دعا وسائل الإعلام ليبلغها -ومن خلالها يبلغ خزان النهضة الانتخابي- عن وجود خطر ومخاوف من ان لا تتحقق أهداف الثورة إذا لم تفز حركته في التشريعية، فإما ان تفوز وتاتي في المرتبة الاولى واما ان يفوز خصمها الجديد حزب قلب تونس، وهنا كشف الغنوشي عن السيناريو الذي يخيفه، وهو نجاح المترشح المستقل قيس سعيد في الوصول الى رئاسة الجمهورية ونجاح حزب قلب تونس في الانتخابات التشريعية، فهذا سيؤدي وفق قوله الى «تصادم بين رأسي السلطة التنفيذية والدولة.
سيناريو اعتبر الغنوشي انه «لا يحقق اهاف الثورة» وهو غير مناسب لتونس على عكس السيناريو الاخر، القائم على فوز سعيد في الرئاسية والنهضة في التشريعية، هنا لن يقع تصادم وفق الغنوشي الذي اعتبر ان حركته قادرة على التعامل مع قيس سعيد كرئيس، كما انها من داخل قوى الثورة التي لم يفته الإشارة الى إمكانية الاختلاف بينها لكن في النهاية «قادرة على عقلنة سياستها».
سيناريو يطمح الغنوشي في ان يتحقق وقد شدد على ان حركته تدعم قيس سعيد في الرئاسية وتدعو الشعب الى التصويت لها في التشريعية لتصل قوى الثورة، التي يمكنها العمل من اجل تحقيق اولويتان، القضاء على الفساد والفقر. إذ قال الغنوشي انه في صورة فوز حركته فإن تحالفاتها ستكون على أساس القضاء على الفساد والفقر»، مشددا على انهم «سيتحالفون مع القوى الثورية التي ليست لها تحالفات مع الفساد»
هنا كشف العغنوشي ان فوز حركته سيترافق مع فوز خصمه الجديد قلب تونس في التشريعية، لذلك فهو يامل في ان تمنح النهضة القدرة على تشكيل اغلبيتها والحكم، اذ انها مهيأة لذلك بتجربتها وبعزمها على عدم التحالف مع أي حزب تحوم حوله شبهات فساد. وأيضا نيتها بعدم تغيير الدستور، طالما ان دستور 2014 «لم يُعط الفرصة الكاملة وبالتالي لا يمكن تغيير دستور لم يأخذ حظه».
ما لم يقله الغنوشي وهو يستعرض برنامج حركته في التشريعية بشكل صريح انه يغازل قواعد حركته الانتخابية التي انفضت من حولها على خلفية خيار التوافق، وان غزله الى هذه القواعد قوامه ان الحركة تظل من القوى الثورة وانها افضل خيار ممكن للثوريين لضمان ان تتحق اهدف الثورة وان لا تعاد تجربة السنوات الخمس.
هذا الغزل الذي اتاه الرجل تجاه قواعده الانتخابية الغاضبة والى الخزان الانتخابي المحافظ ليس الا صيحة فزع كشف من خلالها ان النهضة ولئن أعلنت انها بخير ولا تعاني من ازمة حياة او موت، فانها امام لحظة مفصلية في مسارها منذ التاسيس.