مراكز اقتراع طبربة .. الشويقي .. وقرية المهرين : إقبال محتشم ... وآمال مُعلقة لتجاوز معضلات التنمية والتشغيل في المناطق المهمشة

تغطية: وفاء العرفاوي وفتحية سعادة

في مشهد انتخابي جميل يُخرج تونس من طريق الديمقراطية «الوعر» إلى طريق الانتقال السلس والسلمي للسلطة، شهدت معتمدية طبربة

التابعة لولاية منوبة ومنطقة الشويقي التابعة لمعتمدية طبربة وقرية المهرين الريفية الواقعة بين برج العامري والبطان يوم أمس توافد أعداد متزايدة من الناخبين من مختلف الفئات والشرائح العمرية للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها واختيار رئيس للجمهورية من بين 26 مرشحا. وطغت فئة الناخبين من كبار السن على فئة الشباب وذلك في عزوف نسبي للشباب عن هذا الحدث الانتخابي الهام . ناخبو المناطق الريفية المتوافدون على مراكز الاقتراع بالمهرين والشويقي حملوا آمالا كبيرة وانتظارات أكبر من «الرئيس الجديد» وذلك في رهان جديد لإنجاح مرحلة الإنتقال الديمقراطي في تونس ومعالجة المشكلات الاقتصادية الصعبة والقضايا الاجتماعية الشائكة التي دفعت الشباب لقيادة ثورة 2011.

داخل مركز اقتراع حي المهرين التابع لمعتمدية البطان بدا الإقبال في البداية محتشما إلاّ أن الناخبين بدأوا في التوافد على مكاتب الاقتراع الموجودة بالمدرسة الابتدائية بالقرية الريفية الواقعة بين البطان وبرج العامري، بمختلف الشرائح العمرية رغم أن الفئة السائدة كانت فئة الشيوخ والمسنين الذين لم يتوانوا رغم المرض وصعوبة التنقل عن الإدلاء بأصواتهم. واللافت للنظر أن الاقتراع الرئاسي في المدارس التي زارتها «المغرب» أمس شهد حضورا كثيفا لكبار السن، وغيابًا لافتا للشباب، كما كان للحضور الأمني اللافت وقع على الأجواء الانتخابية في المنطقة حيث لمسنا نوعا من التكاتف بين الناخبين من أبناء المنطقة وأعوان الأمن ووحدات الجيش.

هاجر 32 سنة عاطلة عن العمل تنقلت من مدينة سكرة للإدلاء بصوتها في مركز الاقتراع بمدرسة المهرين التابعة لمعتمدية البطان، اعتبرت أنّ المشاركة في الاقتراع يجب أن تشمل كافة الفئات من شباب كهول وشيوخ لما تحمله العملية الانتخابية من أهمية بالغة في إطار تجسيد مبدإ ممارسة الحق الانتخابي الحر والنزيه، وتابعت أنّ انتظارات أغلب مواطني الجهة تصب في نفس الخانة سواء على صعيد المواصفات التي يجب أن يتمتع بها رئيس البلاد من حنكة ودراية بالحياة السياسية، أو على صعيد الكفاءة والنزاهة التي يجب أن تكون معيارا لاختيار رئيس جديد في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.

بعد مكتب اقتراع حي المهرين توجّهنا إلى المدرسة الابتدائية الحبيب ثامر طبربة حيث بدأ الناخبون بالتوافد على المركز وسط حضور أمني مكثف وتطلّعات كبيرة من الناخبين الذين ظهرت عليهم علامات التشكيك في بعض المرشحين تارة والتفاؤل تارة أخرى بمستقبل أفضل . ورغم سلاسة العملية الانتخابية في مدينة طبربة إلاّ أن محيط المدارس الابتدائية الحبيب ثامر وابن خلدون طبربة لم يخل من محاولات قلة قليلة من الناخبين للتأثير على سير عملية الاقتراع عبر محاولات مستميتة منهم لإقناع من لم ينتخب باختيار مرشح معين .

«التنمية والتشغيل»
من جهته أكد لسعد . 49 سنة مواطن -بعد الإدلاء بصوته في احد مراكز الاقتراع بمعتمدية طبربة - أنّ أولى أوليات أي رئيس قادم مهما كانت توجّهاته يجب أن ترتكز بالأساس على تنشيط الحياة الاقتصادية والعمل على تجاوز الصعوبات الاجتماعية من خلال توسيع آفاق التشغيل والتنمية وذلك بهدف معالجة تنامي ظاهرة العنف والإدمان والانحراف المتفشية خاصة في صفوف شباب منطقة طبربة العاطل أغلبه عن العمل».

«ساسي» 69 سنة موظف متقاعد أدلى بصوته في مركز اقتراع طبربة مدرسة الحبيب ثامر قال–على حد تعبيره - انه صوت لصالح من سيبث رياح التغيير في البلاد التي مافتئت كافة القطاعات فيها تشهد انتكاسة منذ سنوات ، وشدد «ساسي» على ضرورة أن يكون الرئيس المقبل للبلاد الذي سيصل إلى منصبه بتصويت التونسيين ملما بالمصاعب التي تمر بها البلاد وأوضاع المواطنين المعيشية المتدهورة في الحكم في السابق،مشيرا إلى أنّ نظامنا برلماني لهذا لن يكون هناك تأثير كبير لرئيس الجمهورية لكن الأهم إحداث تغيير في السلطة».

من جهته قال جمال .موظف متقاعد «نحن كناخبين نبحث عن القطع من الفترات السابقة ونبحث عن التغيير بوجوه جديدة ووظائف جديدة بعيدا عن المحامين والأطباء وأصحاب الوظائف التقليدية ، وقال جمال أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى بث روح جديدة عبر انتخاب مثقفين وفاعلين في المشهد الثقافي والاجتماعي بعيدا عن الصورة النمطية للرئيس المحامي أو الرئيس الطبيب».

«إحياء ملف المنطقة الصناعية»
حمزة الملولي ملاحظ عن الاتحاد العام التونسي للشغل قال أنّه «لم تكن هناك إخلالات تذكر إلى حد الآن سواء داخل المركز أو خارجه ماعدا مشادة كلامية بين احد ممثلي الأحزاب ورئيس مكتب اقتراع ، مضيفا أنّ سير العملية الانتخابية كان سلسا وعاديا إلى حد الساعة 11 صباحا». وتابع» تطلعاتنا هي نفسه تطلعات المواطنين في كافة تراب الجمهورية سواء على صعيد التنمية أو التشغيل أو النقل، وأضاف «نحن في طبربة مثلا ننتظر مسؤولين جديين قادرين على تفعيل المشاريع العالقة في المنطقة مثل «المنطقة الصناعية» وتحسين قطاع النقل والصحة والتعليم وخاصة البنية التحتية المهترئة ،فتفعيل المنطقة الصناعية المعطلة منذ عقود طويلة قد يكون احد آفاق التنمية والتشغيل في المنطقة لما وفره من مواطن شغل لأبناء المنطقة العاطلين عن العمل».

محمد بن صوبة رئيس مكتب اقتراع بالمدرسة الإعدادية الحبيب ثامر طبربة قال انه «تمت إضافة مكاتب اقتراع جديدة هذا العام مقارنة بانتخابات 2014 نظرا لتزايد عدد الناخبين المسجلين من فئة الشباب».
وتابع بالصوة أنّ «نسبة الإقبال محتشمة في الساعات الأولى للصباح، إلا أنه المؤكد أن الساعات المقبلة ستشهد إقبالا أكبر باعتبار أن عدد الناخبين المسجلين بالمكتب يبلغ 491 ناخب لم يصوت منهم إلى حد الساعة سوى 20 ناخبا ».

«توجيهات وتوصيات»
بين التوجيهات والتوصيات من مختلف الأحزاب والانتماءات داخل مكاتب الاقتراع وخارجها، تشتت ذهن الناخب. أحد الناخبين رغم انه أدى حقه في الانتخاب الاّ انه زاحم فئة من الشيوخ، بتعلّة انه يقوم بمساعدتهم في البحث عن أرقامهم، ليسرّب إليهم قناعاته في التصويت لمرشح «يخاف ربي» على حدّ تعبيره.
رجل آخر تجول بين الناخبين، استهدف الفئات الضعيفة، ليذكرهم بملامح المرشح لحزب «قلب تونس». حديث تم تداوله خارج مكاتب الاقتراع التي تمكنت «المغرب» من زيارتها ومن ضمن ما قاله: «زجّ ظلما بالسجن لأسباب سياسية» وهو «الأقرب للمواطن» هو «ابن الشعب»...
كل ذلك كان دون تدخل لأعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، خاصة بمركز الاقتراع بالمدرسة الابتدائية ابن خلدون بطبربة من ولاية منوبة. في خضمّ كل هذه التجاوزات والانفلاتات، قرر عمّ الطاهر ممارسة حقه في انتخاب رئيس جمهورية، رئيس اقتنع بانه سيقدّم الأفضل لمصلحة البلاد التونسية.
مشهد عمّ الطاهر وهو يخرج من مكتب الاقتراع بخطى متأنية كلها أمل على ان يكون الغد افضل اثار اهتمام المتواجدين بمركز الاقتراع.

«كفانا تهميشا وعلى الرئيس تحمّل المسؤولية»
قرية الشويقي، وفي مشهد لم تعشه منذ الثورة، فرغم عدم تسجيل نسب هامة للمنتخبين، الّا أنّ إقدام فئة الشباب على الانتخاب كانت ملفتة للانتباه. فقد قرر شباب الجهة ممارسة حقه الانتخابي على ان يتحمّل الرئيس المقبل مسؤولياته في المساواة بين الجهات.
في هذا الإطار أكد رضا العزابي ناشط في المجتمع المدني منخرط بالرابطة التونسية لحقوق الإنسان رئيس جمعية الشويقي الرياضية ان قرية الشويقي، التي تعدّ أكثر من 4000 ساكن، ورغم مواردها الفلاحية الهامة تعاني من التهميش والتجاهل من قبل السلط المعنية. ذلك الى جانب معاناتها اليومية من غياب المرافق كالتلوث البيئي، حيث أكد وجود عطب في شبكة التنوير العمومي منذ أكثر من سنة تقريبا، والتقصير الكبير من قبل المجلس البلدي مرجع النظر بطبربة في ما يتعلق بنظافة المنطقة مما أدى الى تشويه منظرها الجمالي، خاصة وانّ لها تاريخا عريقا وتراثا غنيا.
كذلك الشأن في ما يتعلق بشبكة التصريف الصحي، مؤكدا «ان منطقة الشويقي قرية نموذجية، حيث أنّها من بين القرى القليلة التي كانت مرتبطة بشبكة الصرف الصحي، لكن وبعد نشوب إشكال عقاري بين مواطنيين اثنين ثم حرمان أكثر من 40 % من سكان المنطقة من التمتع بالخدمات المذكورة، إضافة إلى تهرئة

الشبكة وانسدادها في مختلف الانهج».
واضاف « في ما يتعلق بالماء الصالح للشراب، فان منطقة الشويقي بها 5 خزانات مائية، لكن هناك تقصير وإهمال كبير وكبير جدّا من قبل الشركة الوطنية لاستغلال المياه. أهالي الشويقي يحملون الرئيس القادم مسؤولية ضمان حقهم في الحصول على مياه صالحة للشرب وذلك من خلال توفير الحماية اللازمة والضرورية للخزانات، خاصة بعد الواقعة التي شهدتها المنطقة اثر وقوع كلب في الخزّان الرئيسي للمياه وتهرب الشركة من المسؤولية. كل ذلك يعتبر استهتارا بصحة المواطن».

من جهة أخرى فقد تطرق رضا العزابي الى إشكال وصفه بـ«الهام» والذي من شأنه ان يقضي على ظاهرة البطالة والتهميش في صفوف شباب المنطقة والمتمثل في الأساس بالأراضي الفلاحية. وأوضح مصدرنا ان الدولة، في سياق قرار التخلّي عن سياسة التعاضد وتشجيع الاستثمار الخاصّ في القطاع الفلاحي في التسعينات، وقد تسويغ حوالي 670 هكتارا، إلى شركة الإحياء والتنمية الفلاحيّة بالشويقي، لصاحبها محمود بالأمين وأبناؤه. هذا الأخير قام بسوء استغلال الأراضي حيث أهمل زراعات الكروم والزياتين ثم قام بإتلافها، علما وان التعاضدية كانت تشغل 200 شخص تقريبا، في المقابل فقد اكتفى «المستثمر» بتشغيل 3 أشخاص متقاعدين على أقصى تقدير.

وقد طالب اهالي منطقة الشويقي رئيس الجمهورية القادم بان يقوم بإصلاح كلّ هذه الأوضاع وتصحيحها، و»المساهمة في إرساء قوانين قادرة على تحقيق العيش الكريم للمواطن خاصة وان الأراضي الدولية «السائبة» بالجهة قادرة ان تكون أرضية للاستثمار وللقضاء على البطالة وبناء مشاريع ستساهم في تنمية اقتصاد البلاد».

«بين النظام والتجاوزات»
المدرسة الابتدائية ببئر زيتون بطبربة، شهدت تنظيما محكما، سواء على مستوى حضور الملاحظين أو على مستوى أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. كما كانت نسبة إقبال المترشحين محترمة مقارنة ببقية المراكز.

في هذا السياق اكّد سامي النفزي. مواطن انه ورغم التنظيم المحكمة خاصة من قبل حركة النهضة التي زرعت ملاحظيها بمختلف اركان مركز الاقتراع ، الا انها اكثر جهة خرقت القانون. حيث تعمّد مناصروها، في اكثر من مرة، توجيه الناخبين ومحاولة التأثير عليهم لانتخاب مرشحهم.
واعتبر النفزي في تصريح لـ«المغرب» أن من أولويات الرئيس الذي سيفرزه صندوق 2019 ان يبحث عن حلول للبطالة التي اصبحت افة تهدد نسبة كبيرة جدّا من شباب الجهة.

ذلك الى جانب تعديل الدستور، مؤكدا « لقد اثبت النظام البرلمان انه غير قادر على تصحيح مسار البلاد وتطويرها، كما انّ التحالفات بين مختلف الكتل والاحزاب لن تجدي نفعا في البلاد التونسية. لذلك بات من الضروري تغيير النظام».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115