يؤدوا واجبهم الانتخابي، شبه غياب للنساء حضور كبير للكهول وقليل من الشيوخ والشباب هكذا كانت الصورة في بعض المناطق الريفية في الفحص في يوم عمل عادي في مناطق فلاحية بالأساس.
بملابس مبللة بالعرق ومن منزل يبعد عن مكتب الاقتراع نحو 7 كلم قدم عم علي وزوجته شاذلية للتصويت بمدرسة أساسية في جهتهم المفاجأة كانت أنهما مسجلان في مكتب آخر بعيد عن المكتب الذي قدما إليه. الصدمة التي أبداها عم علي عندما علم أنه لن يصوت كانت كافية لتقول أن كل التونسيين أصبحوا يؤمنون بأنفسهم وأنهم فاعلين. «عم علي» أقسم باليمين بأنه سيرفع قضية بمن لم يسجله في هذا المكتب. زوجته كانت متفهمة رغم التعب الذي بدا عليها أخذته وغادرا بأسى بليغ.
في مكتب سجل فيه 235 ناخبا لم يدلي سوى 30 ناخبا بأصواتهم، بمرتفعات حيث لا توجد تجمعات سكانية عالية الكثافة لا وجود لمظاهر توحي بوجود حدث. ومكاتب أخرى فيها نحو 600 ناخب لم يصوت سوى 60 شخصا وآخر بـ 350 ناخبا صوت فيه 70 شخصا. الصور التي يتم تداولها عن طوابير لناخبين في مراكز المدن بعيدة كل البعد عما تشهده الأرياف وهي ليست استنقاصا من قيمة أي طرف آو إعلاء شان آخر لكن هناك إيمان قوي لدى سكان تلك المناطق بأنه لن يتغير شيء.
التفرس في الوجوه علنا نعثر عمن يتفاءل خيرا لكن دون جدوى، الأماكن ذاتها كانت أكثر حياة في الانتخابات السابقة، ربما الانتظارات كانت اكبر من القدرات أو ربما هي مبالغة في التمني في الوضع الذي تمر به البلاد.
في ساحات المكاتب غابت كل مظاهر التوجيه من طرف الأحزاب وكل الناخبين توجهوا بإرادتهم، في المقاهي المجاورة كان تأثير المناظرات التلفزية واضحا حيث عبر الكثير عن تغيير اراءهم إثرها وأنهم توجهوا أكثر نحو مترشحين لم يتقلدوا مناصب سابقة في الدولة.
الخطوات متثاقلة، بطيئة مترددة والوجوه تعكس حيرة حتى بعد الدخول إلى مكتب الاقتراع والخروج بعد التصويت، لم يكن الأمس يوما استثنائيا بل كان اليوم الذي يستحقه كل هؤلاء ممن لا صوت لهم يسمع سوى هذا، الصوت الذي قد يغيرلا قدر شخص ولا يغير قدرهم في هذه الأرياف المنسية أو كما تسمى مناطق نائية.
إن كانت المقارنة تجوز فان الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها شهدت أقل عدد من الملاحظين مقارنة بالمواعيد السابقة الحضور الأكبر كان لملاحظي الاتحاد العام التونسي للشغل، بعض ملاحظي الأحزاب.
جندت الأحزاب للانتخابات الفارطة سيارات لنقل الناخبين وهو ما ساعد اغلبهم على التنقل لكن الموعد الانتخابي الذي شهدته البلاد أمس غابت عنه السيارات وهي ملاحظة للناخبين أيضا الذين قدموا مترجلين هذه المرة ليتساءل كثيرون عن أسباب تجاهلهم هذه المرة والتي يبدو أنها ستكون في كل مرة.