المناظرات الرئاسية: نجاح الشكل وسقوط المرشحين في المضمون

خلال الأيام الثلاثة الفارطة عاشت تونس علي وقع المناظرات الرئاسية، التي نجحت في نقل الحملة الانتخابية إلى مربع جديد لم

يتمكن كل المرشحين من بلوغه، وهو نقل الحملة الى سرعتها القصوى والبروز كمرشح جدي لكسب أنصار جدد من بين ملايين التونسيين الذين شاهدوا المناظرات في دوراتها الثلاثة.

ثلاثة ايام متتالية كانت كافية ليقف الناخب التونسي علي ما يحمله المترشحون للاستحقاق الرئاسي من مشاريع وبرامج انتخابية، قاموا باستعراضها خلال المناظرات في حصصها الثلاثة التي شارك فيها 24 مترشحا نظرا لتعذر مشاركة كل من نبيل القروي وسليم الرياحي.

ثنائي تخلف عن الحدث الذي نجح في جمع 26 مرشحا وزعوا على ثلاث مجموعات الأولى والثانية نظريا ضمت كل منها 9 مرشحين في حين ضمت المجموعة الثلاثة 8، بتعذر مشاركة كل من نبيل القروي ضمن المجموعة الأولي وسليم الرياحي ضمن المجموعة الثانية، بات التوزيع 8/9/7 مترشحين في كل مجموعة.

مناظرات قيل عنها الكثير منذ الإعلان عنها، واستمرت في جذب الانظار اليها الي غاية انعقاد اول دورة لها يوم السبت الفارط بمشاركة اول مجموعة من المرشحين والتي شاهدها اكثر من 3 ملايين تونسي بشكل مباشر علي القناة الوطنية إضافة إلي مئات الآلاف الآخرين عبر وسائط أخرى. قبل ان ينخفض الرقم في المناظرة الثانية الى 2.5 مليون متابع عبر القناة الوطنية.

هذا الرقم الضخم من المتابعين لأولى دورات المناظرة، يعكس بشكل جلي حجم الانتظارات التي يطلبها التونسي من المنافسين ليحدد لمن يمنح ثقته، لكن قبل الخوض في هذا التفصيل المهم، لابد من الإشارة إلي أهمية تثمين التجربة شكلا ومضمونا، حتي وان كان بعض المرشحين مروا بجوار الحدث دون تأثير فيه.

اذ ان هؤلاء المرشحين الـ17 الذين اطلوا تباعا من سهرت السبت والاحد الفارط علي التونسيين، لم يحقق اغلبهم ما نشدوه من المناظرة، وهو اقناع الناخب التونسي بما يحمله من تصور وبرنامج، ليكتشف جزء هام من الناخبين التونسيين قصور تصورات بعض المرشحين، واعتمادهم علي خطابات عامة، باستثناء انصار المعني بالامر.

شهدت الشبكات الاجتماعية نشاط لافتا تزامن مع المناظرات، انقسم فيه التونسيون الى فرق ومجموعات، يمكن اعتماد موقفها لتوزيعها علي فريقين، الاول هم انصار المرشحين الذين اعتبروا ان ما قام به مرشحهم كاف ومقنع ويحمل تصورا وبرامج على عكس باقي المرشحين الذين وقع نقدهم والتهكم عليهم الفريق الثاني هو منن لم يحدد بعد لمن سيمنح ثقته وهؤلاء كانوا اشد نقدا لمرشحين دون غيرهم خاصة من مر بجوار الحدث دون قدرة على استغلاله اذ ان جل المرشحين خاصة في المجموعة الاولى كشفوا انهم توجهوا الى المناظرات دون استعداد لها، وهذا عكسته اجابتهم على اسئلة الصحفيين، ليلجأ اغلبهم الي عبارات فضفاضة تهدف الي تجنب الاقرار بغياب الاجابة.

عبارات فضفاضة واجوبة لا تتعلق بمضمون السؤال بشكل مباشر كان لها الحضور الطاغي خلال الحصة الاولى من المناظرات، قبل ان يتحسن الامر نسبيا في الحصة الثانية التي استعد لها المرشحون اكثر واستعملوا تقنيات اتصالية اكثر حدة من بينها التعليق علي اجابات الاخرين والتدخل لمحاولة ابراز خطئها.

الخروج من التحفظ والاقتصار علي الاجابة على الاسئلة ضمن الوقت المخصص لكل مرشح وغياب الوضوح والتصور في الردود يبدو ان بعض المرشحين في الحصة الثانية خيروا الابتعاد عنه باستهداف مرشحين اخرين والبروز بشكل «صارم»، شهد بدوره تعليقات حادة من التونسيين على مواقع التواصل.

في الحصتين الفارطتين، في انتظار ما ستكشف عنه الحصة الثالثة والأخيرة، قد يكون من الانصاف ان نقيم المناظرات بالفصل بين الشكل والمضمون قبل التقييم الاجمالي، لعدم بخس الحدث حقه، اذ ورغم الهنات والنقائص يحق للتونسيين اليوم الافتخار بما انجز منذ الثورة من انتقال ديمقراطي.

فعلي مستوي الشكل، نجحت تونس والجهات المنظمة للحدث في كسب رهان عقد مناظرات رئاسية، تنظيم محكم إخراج تلفزي جيد وصورة رائعة، والاهم متابعة ملايين من التونسيين للحدث في منازلهم او في الفضاءات العامة التي خصصت شاشات لبث المناظرات.

هذا على مستوى الشكل، اما المضمون فلا يمكن المرور دون الوقوف مطولا على ضعف المرشحين وغياب الوعي باللحظة، اذ غلبت الخطابات الفضفاضة والوعود على تقديم برامج مفصلة ودقيقة، تكشف ان من يراهن علي كرسي قرطاج مرشح جاد وليس شخصية طموحة ترغب في خوض مغامرة شخصية لا يعرف مآلها.

وهن التصور وضبابيته وتداخله يبين ان الطبقة السياسة في تونس مازالت تتبنى اليات العمل السياسي القديمة والتصورات ذاتها، دون ادراك فعلي لما هية اللحظة او الخطة التي يتقدم لها المترشح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115