الانتخابات الرئاسية المبكرة: الصورة مفتاح «صناعة الرئيس»

فعليا مازال نسق الحملة الانتخابية للرئاسية بطيئا لا يكشف الكثير عن المنافسين، لكنه يقدم مؤشرات لا بد من الوقوف عندها، من أبرزها

«الصورة» و«الصورة الذهنية» التي يسعى كل منافس الى «صناعتها» خلال حملته بالأساس، وهنا سنقتصر على ما تكشفه معلقاتهم الرسمية، في انتظار وضوح الصورة خلال اليومين القادمين.
يبدو ان فرق الحملات الانتخابية الخاصة بالمرشحين الـ26 للاستحقاق الرئاسي لم تستكمل بعد تلصيق معلقاتهم وبياناتهم الانتخابية بعد، فعدد لا باس به لم ينطلق بعد في هذه العملية خلال اليومين الفارطين، لأسباب لم تتضح بعد.

لكن وفي انتظار ارتفاع نسق الحملات الانتخابية ورفع وتيرة عمل الفرق الخاصة بكل مترشح، يمكن اليوم وبالاستناد لما نشر من صور للمترشيحن، وخاصة الرسمية منها والتي اعتمدت في الحملة- ملاحظة الهاجس الاساسي للمترشحين وهو «صناعة الصورة» الخاصة بكل منهم.
صناعة يبدو ان جل المترشحين لجأوا لتحقيقها إلى «مختصين»، قدموا لهم نصائح عامة ومفصلة لكيفية انجاز مهمة تثبيت صورة ذهنية بالاستناد إلى عدة محامل، لدى الناخبين، واول هذه المحامل كانت الملصقة الرسمية لكل منهم.

ملصقات كشف ما نشر منها الى غاية يوم أمس، ان جل المترشحين، يدركون اليوم ان الصورة الذهنية وما تعنيه من كونها مفتاح التواصل مع الناخب الذي ستكون الصورة بالنسبة له بمثابة الدليل لفهم وادرك وتفسير الأشياء والأفراد، والموقف الذي سيتخذه ازاء موضوع او شخص معين وما يترتب عن ذلك من ردود أفعال سلبية أو إيجابية.
صورة ذهنية عادة ما يقع تشكيلها استنادا على المباشرتية أو على الإيحاء المركز والمنظم، مع عدم اغفال اهمية تسويقها عبر محامل ووسائل مختلفة، معتمدة اليوم في صناعة الرؤساء والتي باتت مهنة لها أصولها وقواعدها وبرامجها ومخططوها ومحترفوها.

هذه القواعد نجد بعضها طبق بشكل جلي في المعلقات المعتمدة، معلقات غلب على جلها اللجوء إلى اللون الأحمر والازرق والابيض، وهي الوان لها قدرة على اثارة المشاعر الايجابية وقدرة التاثير على المشاعر والمزاج والأنماط السلوكية العامة. الا ان المترشحين خيروا اللجوء الى قواعد التسويق الاستهلاكي لضمان ترويج منتوجهم للفت انتباه المستهلك.
مستهلك سياسي يبدو ان المترشحين قد حددوا حاجياته، فاختار كل منهم ان يبرز قدرته على توفيرها وتحقيقها من خلال الصورة والشعار والخلفية التي حملتها كل ملصقة، فنجد لدى من يعتبر ان الحاجة الاساسية للناخب التونسي اليوم هي «دولة قوية» قد عمد الى اللون الاحمر مع اشارات واضحة لقوته ولتمتعه بكاريزما تمكنه من تحقيق هذا.
اضافة الي اللون الاحمر عمد البعض الى اللون الازرق وما يرمز اليه من «امل» مع الاشارة بعبارات واضحة الى ان المترشح سيقدم هذا الامل للتونسيين، هذا دون اغفال اعتماد صورة تنقل هذا الاحساس.

اللون الثالث المعتمد بقوة هو «الابيض/الفراغ» الذي يمثل الحياد، وهنا ليس حياد المترشح وان كان البعض يبحث عن ايصال هذه المعلومة، وانما حياد المتلقي، فاللون الابيض او الفراغ الحاضر بقوة في المعلقات الرسمية للمترشحين يعكس بشكل جلي رغبة هؤلاء في توفير ارضية اساسية لصورتهم لدى المتلقي.
ارضية تنطلق من ان الصورة الاولية لهم تتسم بالسلبية والرفض من البعض ولتنجنب هذا يستند للفراغ واللون الابيض لصرف هذا الرفض وتحقيق تواصل بصري، بين المعلقة والمترشح، تواصل يراد منه ان يكون خاليا من الصور النمطية او الاحكام المسبقة ليقع اسقاط الصورة الذهنية الجديدة. صورة جديدة تستند بالاساس على كلمات لكل مرشح، فهي الديمقراطية وهي الامن والرفاه وهي الارادة..الخ..، هذا دون اغفال اهمية صورة المترشح المرافقة للكلمات.

معلقات المترشحين لا تكشف كافة تفاصيل الصورة الذهنية التي يرغب كل منهم في صناعتها وتثبيتها في عقل الناخب خلال الايام المتبقية في الحملة، لكنها تكشف عن ان المترشحين قد استوعبوا ان السياسية لم تعد فنا بل باتت صناعة تعتمد على الصورة بشكل كلي تقريبا، لهذا فهم حريصون اليوم على صناعة صورة تمكنهم من بلوغ قصر قرطاج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115