حركة النهضة والانتخابات التشريعية والرئاسية: كلمة السر: عبد الفتاح مورو

كل شيء اعد بعناية ليحقق المراد منه، الاضاءة توزيع الحاضرين ومن يجلس بين وخلف «الشيخين/الاستاذين»والمتداخلين،

منصة القاء الكلمات وغيرها من التفاصيل التي اثثت المشهد يوم امس في قصر المؤتمرات بالعاصمة اريد منها ان تحقق هدفا وحيدا، وهو تسويق حركة النهضة في صياغتها الجديدة، التي تمزج بين ربطة عنق راشد الغنوشي وجبة عبد الفتاح مورو.
كثيرة هي الاشارات التي توحي بان الندوة الوطنية التي عقدتها حركة النهضة امس لتقديم برنامجها في الاستحقاقين الرئاسي والتشريعي، اعدت على مهل واستلهم جزء منها من تجربة حزب العدالة والتنمية التركي، فالنهضة وهي تستقبل انصارها وقيادات صفها الاول ومرشحيها في الاستحقاق الرئاسي والتشريعي، حرصت علي ان تترك انطباعا وحيدا لديهم، هي انها انتقلت من حركة ايديولوجية تعارض منظومة حكم قديمة، الى حركة سياسية العقد الرابط بينها وبين المواطن الخدمات والبرامج الاقتصادية التي تقدمها له.

حزب سياسي محافظ
هكذا ودون مواربة لم تبحث النهضة التي استعانت بكل ما لديها الا عن تاصيل هذه الفكرة الباحثة عن قطع الصورة الذهنية القديمة لها وتعويضها بصورة جديدة تبرزها كحزب سياسي محافظ، حتي وان ابقت النهضة على جزء من تقاليدها وهي افتتاح نشاطها باسم الله وبتلاوة القرآن. صورة يبدو ان النهضة ستواصل العمل عليها في الاسابيع القادمة جنبا الي جنب مع صورة الحزب الاكبر/الفائز لتحقيق ما يطمح اليه، وهو الفوز في الاستحقاق الرئاسي في ١٥ سبتمبر وفي التشريعي الـ٦ من اكتوبر القادم وضمان اكبر عدد من المقاعد الممكنة.
ولأنّ تحقيق هذا الهدف لا يقتصر فقط علي الشكل والخطاب التسويقي، فقد ارادت الحركة ان تبين في برنامجها الانتخابي هذه النقلة، ليغيب عن برنامجها الانتخابي في الرئاسية والتشريعية محور «الهوية» التي كانت حجر الاساس في برامج الحركة في الاستحقاقين الانتخابيين الفارطين. ٢٠١١ و٢٠١٤. فالنهضة تتقدم هذه المرة ببرنامج اقتصر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي دون الخوض وان تلميحا او تضمينا في ملف الهوية التي اعتبرها رئيسها راشد الغنوشي قد حسمت بالدستور وان محاور الفرز اليوم بين الاحزاب هي برامجها لتحسين المعاش اليومي للتونسيين. معاش يعتبره الغنوشي هو نقطة الالتقاء بين حركته وباقي الاحزاب التي ادركت ان التوافق هو المسار الافضل لتونس في السنوات القادمة.

في صناعة الصورة الجديدة
يوم امس كان الظاهر المعلن مخصصا للبرنامج الانتخابي للنهضة الذي قدمه خليل العمري وبين محاوره التي تنوعت بين الاقتصادي وتغيير منوال التنمية وتحديث الخدمات العمومية في مختلف القطاعات عبر تمويلات عمومية او شراكة بين العام والخاص او عبر تمويلات مصدرها الصناديق الاستثمارية وغيرها من النقاط التي اكد القيادي رضا العيدي في تصريح لـ«المغرب» انها فصلت وتضمنت موازنتها ومصادر تمويل كل برنامج علي حدي.

هذا الهدف الظاهر، لكن ما لم تعلنه النهضة بكل صراحة ان هدفها الرئيسي من ندوة امس هو تثبيت صورتها جديدة، في اذهان الفاعلين في المشهد، سواء قادتها او خصومها وبالاساس وسائل الاعلام التي بحثت عبرها النهضة عن استهداف جمهور اوسع.
جمهور حددته النهضة في انه انصارها القدماء، وهولاء حرصت علي ان تكون له رسائل طمأنة بانها لاتزال حركة وفية لخطها القديم وان بعد التحديث، فهي وعلى لسان رئيسها راشد الغنوشي ستظل ترفع مقولات الاسلام الديمقراطي. الذي حل محل الاسلام السياسي منذ ٢٠١٦. اما الصنف الثاني من الجمهور المستهدف فهو من الانصار الجدد وهؤلاء غازلتهم الحركة برسائل عدة ولكن مع جعل البعد الخدماتي والبرنامج الاقتصادي في صدارة الرسائل التي سيقتفونها.

اما الصنف الثالث من الجمهور فهم جمهور عبد الفتاح مورو، مرشحها للرئاسية الذي تريد ان تنقله من خانة مرشح لحركة الى مرشح لكل التونسيين، مع الاستفادة من تحوّز الرجل على جمهور وانصار خاصين به يمكن استمالتهم لصالح الحركة في الانتخابات التشريعية، هذا الجمهور الذي تشده شخصية مورو الطريفة ليس له الثقل الكافي حاليا ولكن النهضة تريد ان تزيد من حجمه باستهداف القابعين على هوامشيها او من المترديدن بين مترشحين او من المتخوفيين من الاسلام السياسي.

لن أكون نهضاويا
رغبة دفعتها الى صناعة صورة وخطاب سياسي لمرشحها ينطلق من النهضة ويتجاوزها، وهذا ما حرص الرجل على قوله امس، فهو وبشكل صريح توجه لقيادات حركته ومرشحيها للاستحقاق التشريعي ليعلمهم انه إذا فاز في الرئاسية فانه لن يكون نهضاويا بل سيكون تونسيا، وانه سيقطع معهم وان كان حبهم سيظل في قلبه.
قطيعة تحدث عنها مورو وجعلها رسالة مسموعة بشكل معتمد ليس لتحذير اخوته في الحركة بل لتصل الي مسامع التونسيين وهي انه وان رشحته حركة النهضة الا انه لا يدين لها ان وصل للمنصب بل يدين للتونسيين الذين قد يمنحوه ثقتهم، وهذه الثقة ستلزمه بان يكون على ذات المسافة من الجميع ابتداء بحركته وانه سيبحث عن تجميع التونسيين وليس كسر وحدتهم.
حركة قال مورو انها سيتعامل معها كبقية الاحزاب ولن يكون لها موظئ قدم في قرطاج، القصر الرئاسي الذي تعهد بانه إذا دخله كرئيس فانه سيسعى لتحقيق عدة اولويات، منها احداث الجيش الرابع المختص بالامن والدفاع السبرنتيقي ففي ظل عالم جديد باتت الحروب تقوم علي المعلومات والامن المعلوماتي يجب ان يكون لتونس جيش معلوماتي يحمهيا، كما انه لا يليق بتونس التي حققت نجاححات في حربها على الارهاب ان يتعرض مواطنوها في المدن الي السرقة والسلب بالقوة لهذا تعهد بان يكون الامن اوليوته. وقائمة الاولويات تمتد لتشمل علاقات تونس بجيرانها، جيران قال مورو انه سيمد يده اليهم وانه سيحرص علي ان تكون تونس بوابة أفريقيا، ومن أجل فرض الأمن لسلامة كل التونسيين.

النهضة تنزل بثقلها
هذه الصورة التي بحث مورو على ان يضمن وصولها للتونسين وقبله حرص رئيس حركته راشد الغنوشي على تثبيتها في اذهان مستمعيه، تكشف ان حركة النهضة نزلت بثقلها بهدف تثبيت هذه الصورة مكان صورتها القديمة كحركة ايديولوجية اسلامية منغلقة الي حزب مدني محافظ ذي خلفية اسلامية.
صورة تراهن النهضة على ان تثبيتها في اذهان التونسيين سينهي الي الابد الصراع بينها وبين جزء من الشاراع ينظر اليها بريبة على اعتبار انها حركة اخوانية، ريبة تدرك النهضة انها ستجد بعض الاحزاب التي تغذيها ولاستباق ذلك حرصت على ان تقلص من هواجس التونسيين في هذا الاستحقاق التشريعي والرئاسي الذي سيكون عنوانه الاساسي عبد الفتاح مورو الوجه الجديد للنهضة.

وجه تريد منه الحركة ان يكون حلقة الربط في عملية الانتقال بالاستناد الى صورته التي ثبتت منذ ٢٠١١ «كشيخ واستاذ» والي طباعه التونسية وملبسه الذي منحه مكانة مختلفة عن بقية «النهضاويين». مكانة تريدها النهضة اليوم ان تكون جسرها للقطع مع الماضي وتهيئة الاجواء لاستكمال مخاض انطلق منذ ٢٠١٦ ويبدو انه سينتهي في ٢٠٢٠ بمرحلة ما بعد الشيخ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115