جديد، كان المراد منه وضع حد للصورة القديمة للمترشح، وهي صورة رئيس حكومة ليفسح المجال لصورة المترشح للرئاسية التي تثبت في اذهان الناخبين بمقوماتها الجديدة بهدف احداث «المفاجأة».
يوم امس اطل يوسف الشاهد المترشح للانتخابات الرئاسية المبكرة، في اول حواراته الصحفية بعد ان فوض صلاحياته كرئيس للحكومة الى وزيره كمال مرجان، ليقدم نفسه لاول مرة منذ ثلاث سنوات للتونسيين في صورة غير الصورة التي اعتادوا عليها وهي صورة رئيس حكومة تلاحقه الانتقادات لفشل حكومته في معالجة وضع التونسيين.
الشاهد الذي اطل دون ربطة عنق، ليتخلص من الطابع الرسمي الذي رافقه لثلاث سنوات، ويؤسس لصورة ذهنية جديدة لدى الناخب التونسي، مفادها انه مترشح للرئاسية يتمتع بعدة ميزات، من ابرزها برنامجه الذي اراد تسويقه في الحوار الذي امضى اكثر من نصفه في تبرير في خيارات سابقة، وشرح سبب العثرات التي عانت منها حكومته.
الشاهد الذي تخلص من ربطة عنقه، وهو قرار يبدو ان المسؤولين عن التسويق والاتصال في فريقه بهدف إلى احداث قطيعة بين صورته كرئيس للحكومة وبين صورته كمترشح، بحث جاهدا على تحسين صورته٫ التي لم يغفل عن الاشارة الى أن الانطباع السلبي بشأنها لدى الناخب التونسي سببه حرب «الاخرين» ضده. اخرون من بينهم حافظ قائد السبسي والحروب التي جمعت بينهما وانعكست على العمل الحكومي، وقائمة الاخرين تشمل تلميحا الى مجلس النواب الذي مازال في غرفه ١٠٠ مشروع قانون لم تقع المصادقة عليه.
لكن ابرز «الاخرين» اختزلهم الشاهد في كلمة واحدة٫ وهي «المافيا» التي قال انها تغلغلت في اروقة الدولة واجهزتها، مما دفعه الى اعلان الحرب عليها لانقاذ الدولة منها، عملية انقاذ اطنب الشاهد في ابراز أهميته، ووفق ما اعلنه فان المافيا باتت تستهدف الدولة برمتها، عبر محاولة السيطرة عليها والتحكم فيها، لكنه واجهها ودفع الثمن بوضع مستقبله السياسي على الطاولة.
مستقبل سياسي قال انه لو بحث على ضمانه لكان اختار اما ان يتعاطى مع المافيا او عدم مواجهتها، وهذا قد يؤدي وفق قوله الى ان تحكم المافيا تونس في السنوات العشرين القادمة، ولتجنب هذا فتح معها مواجهة مفتوحة هدفها القضاء عليها قبل ان تقضي على الدولة. هنا لم يفت الشاهد ان يبين ان من يتهمه بالنزوع الى الدكتاتورية يغفل عن ان البلاد تسير بشكل صريح الى «ديكتاتورية المافيا».
مافيا قال ان لها اذرعا اعلامية وسياسية كشفت عنها الاحداث الاخيرة، في اشارة الى ايقاف المترشح للرئاسية نبيل القروي الذي شدد ان لا علاقة له بالامر فالقضاء مستقل ولا سلطان لاي مسؤول في السلطة التنفيذية عليه، بل وشدد على ان ايقاف القروي له انعكاس سلبي على الشاهد نفسه.
خلال حواره امس كشف الشاهد الذي حافظ نسبيا على جزء من خطابه القديم، لكن مع رفع حدته وتخلص نسبيا من التحفظ ليوجه نقدا صريحا ويشرع في الترويج لحركته السياسية التي قال ان هدفها من ترشيحه للرئاسية القيام بالاصلاحات الكبري، اصلاحات قال ان وصوله لقصر قرطاج مع تمكن حركته من الفوز بعدد هام من المقاعد في البرلمان سيمكن منها،
لتنطلق في تحقيق ابرز الاولويات، وهي المحكمة الدستورية والوضع الليبي وضرورة لعب دور متقدم، اضافة الى ارساء منطقة تبادل حر بين تونس والجزائر كخطوة في البناء المغاربي. اما اولويته الاجتماعية فهي المساواة في الاجور بين الجنسين، والاهم من هذا هو منع تدخل العائة في السياسية والحكم.
الشاهد الذي تحدث كثيرا وهو يمهد لبناء «جسم» صورته الجديدة كمترشح للرئاسية له تصور واستراتيجة تقوم على محاربة الفساد واللوبيات التي تغلغلت في الدولة، لم يغب عن كلماته انه يعكس هاجسا اساسيا يشغله هو وفريقه السياسي، فالرجل يدرك ان له صورة سلبية علقت في اذهان الناخبين وان حظوظه مرتهنة بمدى نجاحه في رسم صورة جديدة وتحقيق مفاجأة تثبت هذه الصورة في اذهان الناخبين.
صورة سلبية انطلق الشاهد في محاولة محوها من اذهان الناخبين عبر استراتيجية جديدة مختلفة عما كانت عليه في الاشهر الفارطة٫ فالرجل الذي كان يمني النفس بضمان تجربة حكم ناجحة وجد نفسه بحصيلة حكم ثقيلة جدا بات يبحث عن تقليص تداعياتها بصورة المترشح المستهدف من قبل المافيا بسبب قناعاته وسياساته، التي لم يتضح بعد ان كان الرجل متبنيا لها فعليا ولما تمثله في مستوياتها المختلفة ام انه ما يزال في طور التسويق لنفسه وهذا فرض عليه تقديم خطاب جديد.