وهذا كشف عن تقاطع في مواقف عدد لا باس به من المترشحين في نقاط محددة ابرزها الموقف من حركة النهضة التي تنافس بدورها بمرشح في الرئاسية سيجد نفسه مجبرا علي الرد علي جملة من النقاط المثارة على غرار الجهاز السري والاغتيالات السياسية وأبرز التحالفات.
خلال الايام التي تلت اعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن قائمة المترشحين المقبولين لخوض الاستحقاق الرئاسي يوم ١٩ اوت الجاري، تعددت الاطلالات الاعلامية للبعض منهم ممن يقدمون انفسهم على انهم منافسون "ذوو ثقل" وانهم جديرون بالمرور الى الدور الثاني. وهولاء لم ينتظرو طويلا للبدء في لعب أوراقهم القوية.
واقوى هذه الاوراق العلاقة بالآخرين، وينطلق ذلك من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، من منطلق ان تحديد التموقع في المشهد سيكون حاسما لحشد انصار وناخبين يبحثون عن مرشح يمثل "قناعاتهم" وهؤلاء يعتقد جزء لا باس به منهم ان العلاقة مع النهضة هي مفتاح اساسي لتحديد خيارهم.
هذا التوجه تلقفه جزء من المترشحين الذين بنوا رؤيتهم الانتخابية على ملفات محددة اولها الجهاز السري وثانيها الاغتيالات السياسية دون الخوض بشكل صريح الي غاية الان في العلاقة بحركة النهضة باستثناء مترشحة وحيدة بنت مروية صعود حزبها علي موقف راديكالي من الحركة منذ اكثر من سنتين.
باستثناء عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر التي يعلم الجميع موقفها من الحركة وتعهدها باقصائها من المشهد السياسي التونسي، فان البقية باتوا يكشفون عن الكيفية التي ستكون عليها علاقتهم بالنهضة وذلك بالتلميح الى انها ستكون مبنية علي ثنائية "هم" و"نحن" التي تكشف عن نفسها بتعهد مرشحين على غرار سلمي اللومي بفتح ملف الاغتيال السياسي الذي تتهم فيه النهضة وتحميلها المسؤلية السياسية عن حدوثه ان لم تكن مسؤلية مباشرة خاصة بعد الكشف عن "الجهاز السري" وهو ملف تعهد المترشح عبد الكريم الزبيدي بفتحه هنا يتقاطع مترشحان يمثلان العائة الوسطية في نقطة مشتركة وهي بناء استراتيجية حملتيهما على حركة النهضة والبروز كخصمين لها لطمأنة جزء هام من الخزان الانتخابي لحركة نداء تونس. الذي انفض عن الحركة بسبب التقارب مع النهضة والذي سيكون نفي امكانية حدوثه الهاجس السياسي لجزء لا باس به من المترشحين علي غرار المهدي جمعة ويوسف الشاهد ومحسن مرزوق.
لكن مقابل التقاء العائلة الوسطية عند نقطة مشتركة تتمثل بالاساس في العلاقة بحركة النهضة يلتقي المترشحون الاخرون، وفق العائلات التي يمثلونها، عند نقاط مشتركة أخرى فلدى اليساريين يلتقي المترشحون الثلاثة عند نقطة معاداة منظومة الحكم بشقيها النهضاوي والندائي/تحيا تونس، وعند العائلة "الثورية" التي تنقسم الى فريقين الاول مازال يتبنى خطاب معاداة الثورة المضادة وضرورة استكمال الثورة والثاني المتمثل في مرشحي حزبي، الحراك والتيار، يتبنيان خطابا يبحث عن عقلنة المشهد وانهاء الاستقطاب القائم علي الثورة والثورة المضادة منطلقين من ان الدستور حسم الصراع.
في خضم هذه الحملة السابقة لاوانها التي انطلق فيها عدد لا باس به من المترشحين الذين كشفوا عما يمكن اعتباره جوهر استراتيجيتهم التسويقة برز عنصر مهم وهو ان الاستراتيجية قائمة علي الخلط بين ما يحدده الدستور من صلاحيات والصورة التي رسموها للرئيس القادم وبين الصورة الموروثة من تجربة ٦٠ سنة كان فيها الرئيس محرك العمل السياسي في تونس.