مع استمرار تقديم الترشحات للتشريعية: من يستطيع أن يحكم تونس 2020 ؟

«قد نعجز عن تشكيل حكومة» هذه العبارات تصدر هذه الايام عن اكثر من جهة سياسية تتسابق اليوم لتودع قائماتها

المترشحة للانتخابات التشريعية لدى الهيئات الفرعية للانتخابات، وفي قولهم صواب، فالمؤشرات العامة توحي بشكل جلي ان تونس ما بعد الانتخابات ستكون عصية على «الحكم».

يوم امس اشار رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق في حواره المنشور في عدد «المغرب» الى ان خشيته الكبرى هي ان تنتهي الانتخابات التشريعية وقد رسمت خارطة سياسية وبرلمانية تؤدي الى صعوبة افراز اغلبية بمقدورها ان تشكل حكومتها وتسير البلاد.

خشية لا تنبع من هوية من سيكون صاحب اكبر عدد من النواب في البرلمان القادم، او بروز من يرى انهم شعبويون، بل في ما ستفضي اليه النتائج من برلمان فسيفسائي يتشكل من كتل صغيرة متناقضة التوجهات والسياسات في الغالب.

خشية عبر عنها من قبل حمة الهمامي في حوار هو الاخر نشر في عدد «المغرب» الصادر يوم السبت الفارط، حيث اشار بدوره الى ان امكانية تعثر اختيار رئيس حكومة وبالتالي صعوبة تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات اكثر من واردة، وحجته كما حجة محسن مرزوق تركيبة البرلمان القادم، وفق ما تشير اليه نتائج سبر الاراء.

نتائج بينت بان موازين القوى انقلبت في تونس لصالح قوى جديدة، اعتمدت على خلق شبكة علاقات زبونية بينها وبين التونسيين، لكن هذه الشبكة لم تمنحها افضلية مطلقة بموجبها تستطيع عقد تحالفاتها لتشكيل حكومتها، بل جعلتها تتصدر مشهدا مجزّءا الأبعد حد.

مشهد يتوقع الفاعلون السياسيون في الاحزاب المرشحة لان تكون ضمن تركيبة البرلمان القادم، ان تتجاوز حالة التشتت فيه ما كان عليه الامر في 2011 اثر انتخابات المجلس التاسيسي التي تمثل لفاعلين السياسين أسوء السيناريوهات رغم انها افضت لتشكيل اغلبية حاكمة في نهاية المطاف، تكونت من النهضة والمؤتمر والتكتل.

ما يخشاه الفاعلون وهم كثر اليوم، ان مجلس 2020 سيكون اكثر تشتتا من 2011، أي ان يحول تعدد الاحزاب الممثلة في البرلمان مع ضعف تمثيليتها دون تشكل اغلبية تحكم، هذه الاغلبية ان تعذر خلقها، ستكون تونس امام خيارات لا تحمد عقباها.

فالفرضيات التي يناقشها الجميع افضل ما تقدمه حكومة ضعيفة لا تحتكم لحزام حزبي وسياسي قوي لدعمها في السياسات التي ستكون مجبرة على اتباعها، وهنا القصد القيام بالاصلاحات الكبرى، التي عجزت حكومات ما بعد 2014 على القيام بها لغياب الدعم السياسي، والحال ان حكومتي الصيد او الشاهد حظيتا باغلبية في

البرلمان، دون الخوض في ان كانت هذه الاغلبية دعمتها ويسرت مهامها ام كانت عقبة امامها.

وجود اغلبية برلمانية، وان عبر تشكيل تحالفات سواء بين النهضة والنداء قبل 2019 او بين النهضة والشاهد ولاحقا تحيا تونس ومشروع تونس خلال هذه السنة الانتخابية، سيكون العنصر الغائب عن المعادلة القادمة وفق قراءة جزء من الاحزاب الفاعلة اليوم في المشه.

هذه القراءة التي تنطلق من ان الحصول على الأغلبية في البرلمان القادم ستكون شبه مستحيلة، سواء كان ذلك بسبب النتائج او بسبب استحالة التحالف بين مكونات المشهد البرلماني القادم، الذي سيبرز فيه لاعبون جدد على حساب مكونات الحكم الحالي.

لاعبون من بينهم الحركات الشعبوية التي قد تتصدر المشهد البرلماني القادم لكنها ستكون عاجزة عن عقد تحالفات الا في صورة وحيدة وهي تحقيق حركة نداء تونس لنتائج ايجابية في الانتخابات، وهذا شبه صعب بالاستناد الى نتائج سبر الاراء التي بينت ان الحركة خسرت ناخبيها لصالح القوى الجديدة الصاعدة، والقصد هنا قلب تونس وعيش تونسي بالأساس.

خسارة قد تؤدي لتمثيلية ضعيفة لنداء تونس في البرلمان، وهذا قد يعقد حسابات حلفائها الجدد، حزب قلب تونس برئاسة نبيل القروي، الذي قد يلجأ الى البحث عن تحالف مع حركة النهضة ان عجز عن عقد تحالفات مع بقية الاحزاب التي تقدم نفسها كاحزاب وسطية تقدمية.

امكانيات محدودة للمناورة والتحالف ستشمل الجميع وليس قلب تونس، فالنهضة بدورها تدرك انها قد تحاصر في البرلمان القادم ان عجزت عن تحقيق مفاجأة والفوز بالمرتبة الاولى او على الاقل ان تحل في المرتبة الثانية بفارق ضئيل عن الاول، فهذا سيمنحها هو افضلية في ادارة النقاشات.

افضلية سيبحث عنها الجميع منذ الان، بهدف استباق خطر استحالة تشكيل حكومة تسير البلاد من قبل الاغلبية في المجلس مما قد يعني اللجوء لخيارات بديلة وضعها البرلمان، وهي تكليف رئيس الجمهورية القادم لشخصية يختارها بان يكون رئيسا للحكومة، ولكن حتى هذا الخيار سيواجه تحديا وهو منح الحكومة الثقة من النواب. ثقة تستوجب 109 أصوات غير مضمونة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115