تخبط ومحاولة لايجاد حل لازمة وجدت عدة احزاب تفسها تخوضها، ومن بينها حركة مشروع تونس التي كانت من مناصري التعديلات على القانون، حركة تجد نفسها اليوم مشتتة بين تقديم قائماتها الانتخابية وبين البحث عن مخرج من الازمة السياسية التي احدثها موقف الرئيس، وضع يتحدث عنه محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس في الحوار التالي:
افتتح باب الترشح للانتخابات التشريعية؟
نحن انطلقنا في تقديم قائمات للهيئة، ونحن سنترشح في الدوائر الـ33 وقد منحنا تفويضات لرؤساء القائمات، وكما حدث في كل الاحزاب احتجنا إلى وقت لضمان التوازنات، اذ الجميع يعلم ان هنالك هشاشة في الحياة السياسية والحزبية، وهذا يبرز في فترة الانتخابات التي تشهد تجاذبات بشان رئاسة القائمة والمواقع الثلاثة الاولى، واعتقد ان الاحزاب التي لها هياكل هي التي تعاني اما التي لا هياكل لها فهي لا تعاني. نحن نامل ان تنتهي الفترة ونغادر باخف الاضرار.
مع فتح باب الترشح برز غياب ممثل قوي للعائلة الوسطية، حزب او ائتلاف؟
بكل موضوعية نحن ابرز حزب عمل من اجل توحيد العائلة الوسطية، سواء مع حركة تحيا تونس او نداء تونس والبديل. لكن واجهنا اشكالا رغم كل محاولتنا التوحيد الكل اختار العمل بشكل منفرد، ونحن في حركة مشروع تونس اضعنا وقتا هاما جدا على حسابنا.
كيف ذلك؟
نحن شاركنا في الانتخابات البلدية في ائتلاف، ومنذ تلك الفترة ونحن نتحدث عن التوحيد وضرورته مع الجميع ولم نتحدث عن حركتنا،كما ان البحث عن توحيد العائلة الوسطية جعل تموقعنا ضبابيا لدى البعض، فهم لا يرون اننا نعمل من اجل التوحيد بل يرون اننا في كل مرة مع طرف. فيقولون اننا غير مستقرين.
هذا نتيجة فشل التوحيد؟
بكل اسف عمليات التوحيد فشلت لتفاصيل متعددة، منها ان احد الاحزاب يشترط ان يكون المرشح للرئاسية منه والا فانه يرفض المسار التوحيدي، وحزب اخر اتفقنا معه في فترة تاسيسه على العمل المشترك والذهاب في مسار توحيدي ولاحقا بعد استكمال مسار تاسيسه بات يرفض التوحيد بل يدعونا الى الانصهار فيه بشروطه وتوازناته الداخلية. احزاب اخرى حتى التي تاسست قريبا التف عليها اصحاب منافع وطامحون الى الوصول الى البرلمان واقنعوها بعدم الذهاب في مسار توحيدي لانه ينسف مطامعهم.
لهذا لم يبق امامنا غير الذهاب بمفردنا وبقائمتنا الخاصة التي اخترنا لها شعار «الحل الشعبي».
أليست في هذا شعبوية؟
هناك فرق بين الشعبوي والشعبي، نحن لسنا شعبويين نحن شعبيون. وما اقوله هو اساس تموقعنا الانتخابي. ورجائي من الاحزاب التي ستطلع على الحوار ان لا تقوم بسرقة الشعار كما فعلت مع شعارتنا السابقة. اذ ان هناك أحزابا وبكل أسف عوض الاعتماد على ذكائه الجماعي لصياغة خطاب يخصها تقوم بسرقة ما نقدمه نحن من مقولات وحلول.
لنقف عند الشعار ماذا تريدون ان تقولوا من خلاله؟
الحل الشعبي نريد من خلاله ان نقول أولا حق الشعب في المشاركة اكثر في السلطة وهذا يكون عبر تعديل النظام الانتخابي، فالنظام الحالي يجعل من المستحيل ان يقع تمثيل كل معتمديات البلاد، فنظامنا الحالي يجعل دور بعض المعتمديات محدودا في تقديم الاصوات لبعض المرشحين من المناطق الاخرى.
الحل الشعبي يتضمن ايضا الاقرار بانه لا يمكن القيام بالاصلاحات الضرورية دون تضامن اجتماعي حقيقي، اي ان الدولة مطالبة ببذل كل جهدها لتقديم حلول، من بينها ان تتجه الى العاطلين وتقدم لهم مقترحا بتلقي تكوين مهني مقابل راتب ومن ثمة مقابل عمل. كما نقترح ان يقع اعتماد اسم الهندسة المهنية عوضا عن التكوين للتخلص من الصورة السلبية التي ارتبطت بالتكوين المهني القاليم بهذا قد يوفر عشرات الآلاف من الوظائف.
الحل الشعبي يتضمن أيضا نظام الجهات، وهذا يتضمن حق كل جهة في أن تنتفع على عين المكان بجزء من عائدات ثرواتها سواء كانت فسفاط أو موارد أخرى . وايضا ودون المس من الاستثمار يجب علينا تطبيق مبدأ اين يقع الانتاج يقع التحويل وهذا يتطلب تقديم التشجيعات.
الحل الشعبي يتضمن السيادة الوطنية فوق كل اعتبار، ونحن حاليا نشعر ان سيادة تونس مهددة بالمال الاجنبي.
كيف ذلك؟
سيادة تونس تقريبا مستباحة، ومن أمثلة ذلك السفير التركي يتحدث عن الصعوبات التي تواجه المستثمرين الاتراك في تونس وتقريبا يحاكم في الوضع، وهذا لا يقوم به ديبلوماسي. سفير الاتحاد الاوروبي يتحدث عن حكم اللوبيات، وان اكنت اشاطره التحليل، الا ان دبلوماسي لا يمكنه ان يقول ذلك.
المثال الآخر يتعلق بالمال الأجنبي، فبعد رفض الرئيس الختم وإثارة قضية قانونية، ماذا سيحصل في ملف المال الأجنبي، الذي تحصل عليه بعض الطامحين للترشح طوال السنتين الفارطتين. ولا أظن أن تدفق المال ألاجني عليهم سيتوقف فأين هي سيادة تونس هنا.
وما الرابط بين الحل الشعبي وحماية السيادة التونسية ؟
الحل الشعبي هو من ضمانات السيادة الوطنية، نحن لاحظنا منذ مدة وجود قطيعة حقيقية بين الشعب ونخبه والآن حان وقت المصالحة، وهنا أشير إلى إننا بدورنا كنا مخطئين ونحن اليوم استعدنا وعينا بهذا، وحين نقول قطيعة بين الشعب ونخبه فإننا نعنى بذلك سياسييه ومثقفيه وإعلامييه، نعني النخبة برمتها التي عليها المصالحة مع شعبها.
هذه المصالحة متأخرة وقد لا تكون كافية لتحقيق ما تشير إليه في ظل رفض أحزاب أخرى الإقرار بالأمر من بينها تحيا تونس؟
دورنا أن نشير إلى الطريق لا أن نتحمل مسؤولية الآخرين.
لكن إشارتكم للطريق لن تنقذكم ان سقط الآخرون وسحبوكم معهم إلى الأسفل. في ظل تنامي النزعة العقابية؟
الراي العام في المراحل الانتقالية لا يتتبع الحقائق، وانما الانطباعات وهذا من حقه. لكن في تونس هناك حقائق قد لا تكون معلومة للجميع والسبب ان في الفعل السياسي أحيانا لا يمكنك كشف كل الحقائق وإلا فان الفعل السياسي يفقد المعنى.
ماذا تريد ان تقول؟
مثلا دخولنا في الحكومة لم يكن بهدف الحصول على مواقع والدليل تمثيليتنا في الحكومة كانت محدودة، نحن دخلنا في الحكومة لان الظرف كان يتسم بصراع بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة وبرزت فرصة موضوعية لحركة النهضة للهيمنة على الحكم، فكان اختيارنا أن لا نسمح بذلك. فدخلنا للحكم لنحافظ على توازنات نسبيا والأسلم لدى بعض الناس أن لا نشارك وان نحافظ على موقعنا وننتقد الحكومة والمنظومة ، لكن نحن لدينا التزامات تفرض علينا عدم السماح لطرف سياسي واحد بالهيمنة على الحكم.
نحن انتصرنا للشاهد قبل ان يكوّن حزبه وساعد دخولنا في الحكم على القيام بتعديل نسبي للتوازنات وعدم هيمنة النهضة على الحكم، وهنا انا لا اتهم النهضة او أدينها، فانا لا أجادل من يهيمن بل من يقبل ان تقع الهيمنة عليه. فانا لدي إشكال مع الانتهازية الطوعية والضعف الطوعي، وليس مع النهضة او وجودها موضوعيا حالة القدرة على الهيمنة على السلطة.
كما أننا شاركنا في الحكم للضغط من اجل تحسين أداء الحكومة. ودون ان اقول اننا قمنا بالدور الكبير الا ان مؤشرات الحكم تحسنت في الاشهر الـ6 الفارطة، واي تقيم موضوعي سيقر بهذا لكن نحن اليوم في مرحلة تنامي النزعة العقابية وللمفارقة فان الية التصويت العقابي ستعاقب الشعب وليس النخبة السياسية.
كيف هذا؟
النخبة السياسية تمتلك فرصا تجعل حياتها لا تتأثر بنتيجة التصويت العقابي فمنها من يستطيع ان يكون خبيرا دوليا أو أن يلتحق بمواقع مختلفة في تونس او خارجها، لذلك فان التصويت العقابي ومنح السلطة للشعبويين سيكون تأثيره على التونسيين الذين ستتعقد أوضاعهم أكثر وسيدفعون الثمن المباشر لتدهور الأوضاع .
لهذا علينا أن نشرح للناس أن تداعيات سياسة رد الفعل والنزعة العقابية، التي اقبل صدورها عن الناس ولكن لا افهم كيف التحق بعض من النخبة بهذه الهستيريا عليهم ان يتعقلوا قليلا. نحن دورنا ان نقول الحقيقة حتى وان كانت ضد توجه الراي العام واليوم هناك سياسون واحزاب خائفة لا تريد ان تقدم اي موقف من اية قضية، هم يريدون ان يستحموا دون ان يمسهم الماء، وهذا لا يعقل.
هذا يجعلنا نتحدث عن ان جزءا من الطبقة السياسية يفتقد الشجاعة كما يفتقد لآليات العمل السياسي؟
انا منذ 3 اشهر دعوتهم للمناظرة، وهذا لابين هل ان السياسيين الموجودين في المشهد ينتمون الى فئة السياسيين ام إلى فئة «ليساسي». هناك مترشحون لرئاسة الجمهورية يتحدثون عن كل شيء إلا عن صلاحيات الرئيس، عليهم ان يقدموا لنا ماذا سيفعلون في عدة ملفات منها والتوقف عن تقديم العموميات والشعارات الفضفاضة كـ«الحل عنا». هؤلاء عليهم التواضع والتوقف عن الكذب. عليهم مصارحة الناس بان الحلول صعبة وان يقدموا لهم حقيقة الأوضاع لا أن يدعوا أن لديهم عصا سحرية سيغيرون كل شيء ان فاز هؤلاء عليهم ان يدركوا ان تونس في حاجة الى إيجاد أغلبية حكم قادرة على القيام بإصلاحات كبرى وهذا يعني عملا مشتركا.
هذه الأغلبية القائمة على التحالفات والعمل المشترك، كان يمكن الحديث عنها ان دخلت التعديلات حيز التنفيذ، لكن اليوم المشهد الانتخابي يبين أننا نتجه إلى أغلبية من الشعباويين؟
من المؤسف جدا أن يقوم الرئيس بخرق الدستور، وهذا عمل لا دافع دستوري له من قبل الرئيس الذي اعتقد انه كان محكوما بردود فعل وبتحالف بين نجله وبين نبيل القروي. لهذا فانا اعتبر ان خرق الدستور هو هدية لحلف ذي طبيعة عائلية مصلحية تريد استغلال الفقراء والإعلام لافتكاك السلطة. والسؤال اليوم هو اذ اخترق الرئيس الدستور اليوم فما المانع من أن يخترقه البقية.
لكن الرئاسة على لسان المستشار السياسي تشير إلى أنها لم تخترق الدستور بل هي حامية له ولها صلاحية التأويل في غياب المحكمة الدستورية؟
الرئيس لا حق له في التأويل. الدستور واضح جدا في هذه المسالة ولا تأويلات في هذه القضية. الدستور منح الرئيس خيارين في حال لم يعجبه القانون الأول ان يعيده إلى البرلمان ليصوت عليه 132 نائبا والثاني ان يعرضه على الاستفتاء. الرئيس لم يستعمل أيا من الصلاحيات الدستورية الممنوحة له في الملف. وهذا أحالنا إلى أن الرئيس يتعامل مع القوانين بمقاربة «عجبني ومعجبنيش». والأنكى ان هذه المعالجة من اجل مصلحة ابنه وليس من اجل المصلحة العامة. واقول هذا بكل وضوح فما قام به الرئيس انه حشرنا في منطقة «اللا دستور».
الدستور لا تاويل فيه في هذه النقطة ولكن الرئيس لم يلتزم به واخترق الدستور واحكامه، وهو خرق جسيم للدستور لا تبرير له، ويضاف لهذا خروج نجل الرئيس ليعلم الراي العام ان الرئيس لن يختم القانون، وهنا اريد ان اسأل المستشار السياسي للرئيس ما معنى هذا؟
الرئاسة قالت ان نجل الرئيس عبر عن رايه الخاص؟
لا لم يعبر عن رايه، هو اعلن ان الرئيس لن يختم وقدم معطيات، وبالنسبة لمستشار الرئيس ادعوه بكل صداقة الى عدم السقوط اكثر، عليه ان لا ينحدر في المستوى اكثر فالجميع سيحاسب على هذا مستقبلا.
الخرق الجسيم يحيلنا للحديث عن عزل الرئيس؟
أنا ألوم من يقوم بتسميم الحياة السياسية بترويج إشاعات، فانا وان اقر بان هناك خرقا جسيما للدستور إلا أني لا اقبل بترويج إشاعات عن وجود انقلاب على الرئيس أو توريط الجيش، فهؤلاء وبعد قبولهم بخرق الدستور يردون ان يخترقوا المؤسسات. وهؤلاء أقول لهم أن عهدت الرئيس لم يبقى منها
غير 4 أشهر فهل سنقوم بتغييره الآن. ولماذا؟
لقيامه بخرق مثلا؟
بكل أسف انا أقول ان الرئيس نزع عن نفسه صفته بما قام به، فمن المفروض انه هو ضامن احترام الدستور، له أن يبقى في القصر وعلى كرسيه لكن منصبه يفترض توفر ثلاثة عناصر فيه، وهي أن يشغل مكانه بصفته رئيس يمارس الشرعية القانونية، وهذا لم يقم به الرئيس، والمشروعية وهي رضا المحكوم على الحاكم وهذه ليست لديه، فماذا ظل للرئيس البقاء على الكرسي وتعطيل مؤسسات الدولة.
ماهي الحلول المطروحة بعد موقف الرئيس؟
نحاول أن نجتمع جميعا وان نستمع للخبراء في القانون الدستوري لنعرف ما يمكن القيام به، وهنا أشير إلى أننا وان ليقع التنصيص عليها في التعديلات، فإننا نطالب بان لم يقع المزج بين المنصب الحكومي والترشح للانتخابات القادمة، فمن يرغب ان يترشح عليه ان يترك منصبه فلا يعقل ان يترشح وزير للانتخابات فنحن نطالب بالحياد التام للادارة.
فما دفع التونسيين الى الشعبوية هو سلوك بعض الناس حول السلطة وأدائهم السيئ والخلط بين الحكم والعمل السياسي.
وان شارك في الانتخابات وهو في منصبه؟
سنقول انه خلط واستعمال للدولة وهو غير مقبول وعليهم الفصل بين الحكومة والانتخابات.
نعود إلى الصفقة التي اشرت اليها بين نجل الرئيس ونبيل القروي، ألا تعتبر ان هذا يدين الطبقة السياسية أكثر مما يدنهما، باعتبار ان الطبقة خلقت مجالا لمثل هذه الصفقات؟
الصفقة بين الطرفين هي محل استعداد وتحضير منذ مدة في القصر، ويقول الشاعر « في القصر شيء يحيك وشيء يحاك»، وعادة مثل هذه الصفاقات تحدث بسرعة لأنها لا تقوم على مبادئ ولا توجهات بل على مصالح شخصية واضحة وقع ترتيبها بين الطرفين. لكن رغم هذا انا احمل رؤساء الأحزاب مسؤولية ما بلغناه من وضع ورفض مسار التوحيد الذي حاولنا في المشروع ان ندفع في اتجاهه لكن فشلنا لرفض مسؤولي الأحزاب ذلك لأسباب تافهة وسيدركون فداحة خطئهم في الانتخابات الراهنة، لأني اخشي ان تنقلنا النتائج الى مرحلة «الا حكم»، اذ قد تفرز الانتخابات برلمانا عاجزا عن انتخاب حكومة ورئيسها.
ترى ان الخطر هو ان لا تحكم او ان تكون تحت حكم المافيا واللوبيات؟
الشكل المافوي للحكم واضح، فمن يؤسسون أحزابا لا برامج لهم، فقط لهم طموح بان يحكموا ولذلك يقوم بعضهم بتقديم نفسه كحامي للفقراء ويستغل قناته التلفزية لذلك، وأخر كمستمع لمشاغل التونسيين من اجل معالجتها، لكن إن وجهت إليهم أسئلة عن برامجهم لن تجد شيئا. وهذا شكل من أشكال حكم المافيا. هؤلاء ان وصلوا للحكم يقدونها الى صراعات لا نهاية لها ولا أهلية لهم للحكم.
ورغم ذلك بعض من اوساط النخبة يتبنى هذا ويروج له في ظل الدوخة الجماعية، وهؤلاء فلتتذكروا اسماءهم انهم في 2020 وبعد ان تتعمق الأزمة سيطلون من جديد ليعلنوا ان السياسيين هم السبب وينسون أنهم يقومون بالدعاية للشعبويين ويساعدونهم على الوصول الى الحكم تحت حجة ان هذا ضد يوسف الشاهد. البعض اليوم مستعد لاي شيء لانه يظن ان هذا يضر فقط بيوسف الشاهد.انا لا اتفق مع الشاهد ولا حركته ولكن لا اقبل بهذا لأنه يضر بمصلحة تونس أولا.