الشاهد وحزبه والانتخابات: البحث عن معجزة

منذ سنة ونيف كان يوسف الشاهد رئيس الحكومة الورقة الرابحة مما اغرى الطامحين بتكرار مسار نداء تونس ومؤسسه

الباجي قائد السبسي، فالتفوا حوله آملين ان تكون 2019 شبيهة بـ2014 . لكن الخطى تعثرت منذ تأسيس «تحيا تونس» الذي بات كل من فيه يدرك انهم في وضع صعب إلا إن حملت الاشهر الثلاثة القادمة معجزة يكون صاحبها الشاهد.

صائفة 2016 كشف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عن «عصفوره النادر» لشغل منصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية وقد كان يوسف الشاهد، الاربعيني الذي تدرج في المناصب الحكومية من خطة كاتب دولة الى رئيس للحكومة، قدم في تلك الصائفة على انه «المنقذ». صفة لازمت الشاهد في اوساط نداء تونس الى ان جد اول صدام بينه وبين نجل الرئيس، لتنطلق حرب الاخوة في الكواليس المتناثرة بين قرطاج والقصبة والبحيرة والعائلة.

حرب الاخوة وقبلها الحرب على الفساد ، كانت الدفعة التي احتاجها الشاهد كلما تعثرت خطى حكومته في السنوات الثلاث الفارط، التي لم ينل فيها هو وحكومته نسب رضا عالية كتلك التي حققت له في فترة الحربين، الاولى في ماي 2017 والثانية ماي2018.

حروب شهر ماي التي دخلها الشاهد وسرعان ما غادرها، لم تكن قادرة على ان تكون قاطرة له ولمشروعه السياسي الى ما لا نهاية، اذ سرعان ما انهارت مكاسبه تدريجيا، ليحقق اقل نسبة رضا نالها رئيس حكومة في تونس منذ2011، بل انه خسر انصاره لصالح اشد خصومه، عبير موسي ونبيل القروي.

خسارة لم تتوقف عند الشاهد بل انتقلت لحزبه الذي عجز عن سدّ الفراغ الذي خلفه انهيار نداء تونس، واقترابه من نهاية قصته، فالحزب الذي نجح في ان يكون في المرتبة الثانية لشهرين لم يستطع الصمود اكثر لينهار بدوره منذ ماي 2019.

شهر ماي الذي حمل في السنتين الفارطتين الشاهد الى عنان السماء، كان هذه السنة مخالفا لكل احلامه هو ورفاقه في حركة تحيا تونس، التي شكلت من الغاضبين والمنشقين من نداء تونس وممن غادر حزبه ، على امل ان يلتحق بقاطرة «العائلة الوسطية» الجديدة ويكرر سيناريو نداء تونس.

سيناريو ظن قادة تحيا تونس وزعيمهم يوسف ان تحقيقه سهل عليهم، بل وأنهم قادرون عليه بأبسط الأشياء مما قادهم تباعا لارتكاب أخطاء قادتهم اليوم الى حيث هم، حزب يصارع لضمان الفوز بمقاعد بالبرلمان وتجاوز عتبة 30 مقعدا.

صراع فاقم من تازم الاوضاع الداخلية في الحزب الذي عجز عن اغراء ما يطلق عليه «بالماكينة» حيث راهن الشاهد والمحيطون به على انه وبمجرد تأسيس حركتهم ستلتحق بهم «الماكينة» وهنا القصد الالة الانتخابية التي ورثها نداء تونس عن حزب التجمع الدستوري المنحل. لكن «الماكينة» لم تلتحق بل خيرت الالتحاق بأحد خصمي الشاهد، الحزب الحر الدستوري او قلب تونسّ وهذا ما يدركه الشاهد وجماعته.

تأزم المشهد وإدراك ان كل حساباتهم ذهبت ادراج الرياح اربك الحركة التي لم تحسم الى غاية الان من سيكون على راس قائماتها الانتخابية في ظل تشابك الحسابات ورهانات كل طرف على حدة.

صراع وارتباك المشهد داخليا أقره جزء من قادة تحيا تونس وان الخروج منه غير ممكن الا في حالة وحيدة، وهي «معجزة الشاهد»، اي ان يتمكن يوسف الشاهد وحكومته في الاشهر الثلاثة الاخيرة من القيام بانجازات ملموسة لدى التونسيين.

هذه الانجازات يقول البعض ان الحكومة تخفيها في جعبتها، لكن ما تخفيه الحكومة هو الحديث عن كيفية الحد من عجز الميزانية، ومن عجز الميزان التجاري وكيف نجحت في ضمان استقرار الدينار في الاسابيع الاخيرة وغيرها من الانجازات القائمة على مؤشرات وارقام.

انجازات يدرك من في تحيا تونس والحكومة انها لا تنال استحسان التونسيين وخاصة الناخبين، الذين لا يرون ان ما تتحدث عنه الحكومة من مكاسب انعكس على واقعهم اليومي ومعاشهم، بل ان ما تحمله التطورات يدين الحكومة في نظرهم اكثر، خاصة عند مستوى تدني الخدمات العمومية، من صحة وتعليم ونقل.

معجزة الشاهد يمني كل من في تحيا تونس ان تاتي قبل سيل الطوفان الذي يهدد بنسف الحزب والقضاء عليه قبل ان ينهي سنته الاولى، ان فشل في تحقيق نتائج في الانتخابات القادمة، مصير يرونه نصب اعينهم خاصة وان عدد من قادة تحيا تونس وممن في الحكومة مر بهذا المصير سابقا مع الحزب الديمقراطي التقدمي الذي خسر انتخابات المجلس التاسيسي في ثلاثة اشهر بعد ان كان في صدارة الاحزاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115