مكتب مجلس النواب الذي عجز عن حسم الجدل بل وعن الخروج برواية موحدة عما دار في اللقاء ناهيك عن الاحداث التي شهدها المجلس الخميس الفارط ويصر نواب نداء تونس على ان يشكل فريق تقصي لمعرفتها.
بعد اسبوع عن احداث الخميس، الذي تزامنت في ساعاته عدة تطورات امنية وسياسية بالبلاد، اجتمع مكتب مجلس نواب الشعب للنظر في مطلب تقدمت به كتلة نداء تونس (انظر الصورة)، والمتعلق بتشكيل فريق عمل حدد تركيبيته برئيس للفريق وهو النائب الثاني لرئيس المجلس و8 اعضاء 7 يمثلون كل كتلة والثامن من غير المنتسبين للكتل.
مطلب احيى الجدل في المجلس بشان الانقلاب الذي تحدث عنه رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال. انقلاب اتهم النائب الاول لرئيس المجلس بأنه مشارك فيه، تهم نفتها النهضة ومورو طوال الايام الفارطة لكن يوم امس وبالتزامن مع سير الاجتماع نشر عضو مكتب المجلس عن النهضة اسامة الصغير تدوينة قال فيها ان محمد الناصر اقر بان عبد الفتاح مورو اتصل به وطلب منه القدوم.
تدوينه قام الصغير بشرحها اكثر في تصريح لـ«المغرب» قال فيه ان رئيس المجلس ومكتبه محمد الناصر قال في اجتماع المكتب امس ان « عبد الفتاح مورو اتصل به وطلب منه القدوم لتحمل مسؤوليته في ظل الوضع الحرج الذي تمر به البلاد».
تاكيد قال الصغير انه ترافق مع «تثمينّ» دور عبد الفتاح مورو من قبل محمد الناصر الذي قال، نقلا عن الصغير، انه «يكن احتراما وتقديرا لعبد الفتاح مورو» وذلك لروح المسؤولية التي يتحلى به النائب الاول للرئيس الذي شكره محمد الناصر على دوره طوال السنوات الفارطة.
لكن اقرار الناصر في اجتماع مكتب المجلس باتصال مورو به بهدف حثه على القدوم للمجلس لم يكن كافيا وفق الصغير، خاصة وان محمد الناصر رفض الاجابة عن السؤال الذي وجه اليه في الجلسة العامة عن من اتصل به. لهذا طلب منه ان يعلن الامر في جلسة عامة.طلب قال الصغير انه يضع حدا لصمت محمد الناصر عن مضمون الاشاعات التي طالت نائبه الاول.
الصغير وهو يسرد ما شهده الاجتماع لم يفته ان يشير الى ان محضر الجلسة والتسجيلات تؤكد كلامه، لكن دون ان يتطرق لموضوع الاجتماع وهو طلب تشكيل فريق عمل للنظر في احداث الخميس 27 جوان الفارط.
طلب وقع تاجيل الحسم فيه بعد ان احتدم الجدل بين اعضاء المكتب، اذ تصر الجهة المبادرة وهي كتلة نداء تونس على تشكيل الفريق رغم ادراك ممثليها في مكتب المجلس ان طلبهم لا يمكن الاستجابة اليه قانونيا.
فالنظام الداخلي للمجلس حدد اصناف اللجان وتركيبتها واجال تشكيلها، بما في ذلك لجان التحقيق التي منع تشكيلها في الاشهر الـ9 الاخيرة من العهدة النيابية، أي انه قانونا لا يمكن تشكيل لجنة، اما فريق عمل فالنظام الداخلي للمجلس لم يتضمن اية اشارة الى هذا الصنف.مما يعنى انه وقانونا لا يمكن تشكيل فريق عمل او لجنة للنظر في احداث الخميس، لكن رغم ذلك قرر مكتب المجلس تأجيل الحسم الى اجتماعه القادم.
اجتماع يبدو ان ملف فريق العمل لن يكون الوحيد على طاولته بل تضارب التصريحات وتناقضها بين اعضاء المكتب بشان مضمون الاجتماع وحقيقة تصريحات محمد الناصر. فما ينقله اسامة الصغير ينفيه فيصل خليفة عضو مكتب المجلس المكلف بالاتصال حيث يشدد الاخير على ان الناصر لم يشر الى ان عبد الفتاح اتصل به نهائيا لكنه وجه شكرا له على دوره في المجلس.
ما يقوله خليفة يتقاطع مع ما ينقله غازي الشواشي القيادي بالتيار الديمقراطي وعضو مكتب المجلس الذي شدد على انه لم ينته الى اشارة محمد الناصر الى اتصال عبد الفتاح مورو به بقوله «لم انتبه» لكن في المقابل اكد ان نواب النهضة بالمكتب طالبوه بتوضيح الصورة ودرء التهمة عن نائبه الاول.نائب قال الشواشي في تصريح لـ«المغرب» ان رئيس المجلس ثمن دوره وشكره واعرب عن احترامه وتقديره له.
هذا التضارب بين تاكيد ان محمد الناصر اشار الى اتصال عبد الفتاح مورو به ونفي ذلك لم تحسمه اية مصادر من مكتب المجلس التي نقل بعضها ما قاله محمد الناصر عن هذا الموضوع، ومن ذلك انه شكر كل من اتصل به للاطمئنان على صحته ومن بينهم عبد الفتاح مورو، كما انه شكر نائبيه على دورهما في الجلس وتحملهما للمسؤولية اثناء غيابه بداعي المرض.
غموض يستمر، فمحمد الناصر رفض الاجابة بشكل صريح عن ان كان نائبه الاول اتصل به ليطلب منه القدوم للمجلس يوم الخميس 27 جوان، مقتصرا على انه تلقى اتصالات عدة من بينها اتصال مورو الذي رفض الكشف عن مضمونه وهل تضمن دعوة للقدوم الى المجلس.
رفض استمر طوال ساعات الاجتماع، ولكن دون نفي لاتصال مورو، وكل هذا يترافق مع تشديد محمد الناصر على انه ليس محكمة للبت في ما يعرف بـ«الانقلاب» ولا يفتش في النوايا ليعلم حقيقة مواقف الاشخاص، لذلك فهو ووفق ما نقل عنه « لا يتهم او يبرىء أي طرف» في هذا السياق.
رفض الحسم يبرره الناصر بانه لا يريد المشاركة في بطولات او اتهامات أي من الطرفين، خاصة وان هناك طلب تشكيل فريق للتحقيق، اعتبر الناصر مصيره بيد المكتب بالقبول او الرفض.
جدل هل اتصل عبد الفتاح مورو بمحمد الناصر وطلب منه القدوم غطى على الخبر الاهم وهو مطلب تشكيل فريق تقصي، يهدف اصحاب المبادرة من خلاله اثبات وجود «محاولة انقلاب» بشتى السبل، وهذا يعيد طرح سؤال ما هو تعريف الانقلاب لدى النخبة السياسية في تونس؟ .