باعتبارها الهيئة القضائية المستقلة الضامنة لعلوية الدستور والحاسمة في مسالة الشغور والفيصل في كل التساؤلات، ولكن أصبح اليوم من الصعب في فترة وجيزة وفق كل الفرضيات المطروحة تجاوز هذه الاشكالية .
المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية مستقلة ضامنة لعلوية الدستور وحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي وللحقوق والحريات ونص الدستور التونسي على ارسائها بعد سنة واحدة من الانتخابات التشريعية بعد ان ينتخب اعضاء مجلس نواب الشعب 4 اعضاء من تركيبتها ثم يقوم المجلس الاعلى للقضاء ورئيس الجمهورية كل منهما بتعيين 4 اعضاء بدوره ، باعتبارها تتكون من 12 عضوا.
عدم الانتهاء من ارساء هذه المحكمة بالرغم من انتهاء تقريبا المدة النيابية ترك فراغا قانونيا وفتح الباب امام عدة تأويلات وقراءات في صورة وجود فراغ على مستوى رئاسة الجمهورية وحتى الحديث اليوم عن العمل ليلا نهارا من اجل استكمال مسار ارساء المحكمة الدستورية يبدو صعب التحقيق باعتبار ان المؤسسات الثلاث المعنية بذلك امامها جملة من العراقيل والعقبات.
الفرضية الاولى او العائق الاول على المستوى التشريعي وتحديدا مجلس نواب الشعب الذي تنتهي مدته النيابية رسميا مع موفى شهر جويلية المقبل مع العلم ان المجلس انتخب القاضية روضة الورسغني ومطالب بانتخاب الثلاثة اعضاء المتبقين في عهدته مرشحين اثنين من المختصين في القانون ومرشح وحيد من غير المختصين في القانون وقد دعا في هذا الاطار رئيس المجلس محمد الناصر لقرابة 20 اجتماعا بين الكتل من اجل تقريب وجهات النظر بسبب رفع البعض الفيتو ضد بعض المترشحين – الاختلاف حول العياشي الهمامي- وتجدر الاشارة الى انه تم الاتفاق في البداية حول العياشي الهمامي وسناء بن عاشور في صنف المختصين في القانون وعبد اللطيف البوعزيزي من غير المختصين في القانون ، ثم تم رفع الفيتو في المترشح العياشي الهمامي وقد سحبت سناء بن عاشور ترشحها وحتى في صورة استعجال المجلس النظر في انتخاب بقية الاعضاء فان الاشكالية مازالت قائمة .
مع التذكير ان اللجنة الانتخابية المختصة قبلت 8 ترشحات تتعلّق 6 منها بالاختصاص القانوني، والمرشحون هم العياشي الهمامي، وروضة الورسغيني، وسناء بن عاشور، وسليم اللغماني، وزهير بن تنفوس ونجوى الملولي. فيما قبلت ترشّحين فقط من غير الاختصاص القانوني، وهما لشكري مبخوت رئيس جامعة منوبة، وعبد اللطيف بوعزيزي مدير المعهد العالي للحضارة الاسلامية، والانتخاب يتم بأغلبية ثلثي الأعضاء.
الاشكال الثاني يكمن في المجلس الأعلى للقضاء الذي يعين 4 اعضاء من بين 12 عضوا للمحكمة الدستورية والذي لم تستكمل بعد تركيبته هو ايضا ، وما يتطلب ذلك من وقت مع وجود اختلافات وتجاذبات...
اما الاشكالية او العائق الثالث فهو على مستوى رئيس الجمهورية والمطالب بتعيين 4 اعضاء المتبقين من اعضاء المحكمة الدستورية وبالتالى مسار ارساء المحكمة الدستورية اليوم مرتبط بتجاوز هذه العقبات ضيق الوقت والوضع الصحي لرئيس الجمهورية وتجاوز المجلس الأعلى للقضاء لاشكالياته.