الحرب على العملاق الصيني «هواوي»: من يهيمن على التكنولوجيا والعالـم... أمريكا أم الصين ؟

تتسارع وتيرة تطورات حرب الولايات المتحدة الأمريكية على الشركة الصينية «هواوي» لتحمل معها كل دقيقة الجديد. وهذه المرة

كان تحذير الحكومة الصينية من أنها قادرة على حماية حقوق عملاق التكنولوجيا، لتنتقل الحرب بين الولايات المتحدة والصين الى خانة جديدة قد تجر معها العالم.

يوم امس اعلن المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية «غاو فنغ» ان حكومته قدّمت إحتجاجا شديدا إلى الولايات المتحدة بسبب طريقة تعاطيها مع شركة «هواوي» للاتصالات التي اعتبرها المتحدث تتعرض «لخطوات استقوائية» من طرف الولايات المتحدة وان أفضل رد على هذا هو «أن تواصل الشركات الصينية نموها».

لكن الرد على الاستقواء الأمريكي لن يقتصر على مواصلة الشركة نموها، فالمتحدث باسم وزارة التجارة شدد على ان الحكومة الصينية « ستكون قادرة على حماية حقوق الشركات الصينية». وهذا التلويح بان الصين ستحمي شركتها الرائدة في تكنولوجيات الاتصال وخاصة في تكنولوجيات الجيل الخامس. وهذا ياتي اثر اتساع دائرة الشركات العالمية التي أوقفت او أعلنت نيتها إيقاف تعاملها مع الشركة الصينية نتيجة ضغوطات أمريكية.

ضغوطات انطلقت منذ ديسمبر 2018 واستهلت باعتقال «منج وانزو» المديرة المالية لشركة «هواوي» وابنة مديرها ومؤسسها من قبل السلطات الكندية بطلب من السلطات الأمريكية. لتندفع الصين لحماية عملاق التكنولوجيا وتضغط على كندا لإطلاق سراح المديرة المالية بعد ايام من اعتقالها. لكن الحرب على الشركة استمرت لتصدر قرارات من جانب حكومات أوروبية إلى جانب واشنطن بحظر استخدام منتجات الشركة.

لفهم هذه الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية على شركة «هواوي»، لابد من العودة للمناورة الرقمية التي أجرتها السلطات الاسترالية في بداية 2018. مناورة الهدف منها كان التأكد من القدرة التدميرية التي يمكن إلحاقها بدولة معادية، في حال التمكن من الوصول إلى شبكتها من الجيل الخامس. والنتائج التي وقع التوصل اليها تبين أن شبكة الجيل الخامس تعرض امن الدولة وهنا كانت استراليا إلى خطر كبير، في حال الاستهداف.

تلك المناورة تلقفتها السلطات الامريكية بسرعة لتبني عليها سياستها لمواجهة شركة «هواوي» وهي تقوم على مبدإ حماية الأمن القومي الامريكي من خطر التجسس الرقمي الذي تتهم به الشركة لصالح الحكومة الصينية. لكن في الحقيقة لم يكن الخطر على الامن القومي هو السبب الفعلي لاعلان الحرب على الشركة الصينية، فالهاجس لم يكن يتعلق بالامن الرقمي بل من يسيطر على هذه التكنولوجيا ويتحكم فيها وفي الأنظمة الأمنية الخاصة بها.

اذ ان تكنولوجيا الجيل الخامس، هي انترنت الأشياء، أي ان كل شخص وكل شيء سيكون متصلا بالانترنت، بما في ذلك الأدوات والأجهزة في البيت او العمل او الشارع ومنشات البنية التحتية سيكون متصلا بشبكة الانترنت، وهذا يعرف اصطلاحيا باسم «المدن الذكية»، هذا دون إغفال التقارير التي ترجح ان عدد الأجهزة التي ستتصل بشبكة الإنترنت سنة 2020 سيفوق 50 مليار جهاز، من بينها التقرير الصادر عن شركة «انتل» الامريكية.

هذه المدن ستسمح بتدفق البيانات وتشكيلها في كل مكان من قبل أي شخص أو أي آلة، وسيتم تحليلها في أقل زمن وذلك دون تدخل من الانسان، فالاتصال ونقل البيانات وتحليلها والاستنتاج سيتم من آلة الى آلة أخرى (MACHINE TO MACHINE) وهذا يشمل مرافق البنية التحتية من الطاقة الكهربائية إلى إمدادات المياه والصرف الصحي وحركة الموانئ والمطارات، المصانع والسيارات الخ .

وتكنولوجيا الجيل الخامسG5 ينحصر التنافس فيها بين الولايات المتحدة الامريكية والصين ممثلة في شركة «هواوي» التي تعتبر الرائدة في تكنولوجياG5 وتجاوزت كبرى الشركات الأمريكية والأوروبية في تطوير برمجيات الشبكة، كما ان من خصائص منتجاتها انخفاض التكلفة مقارنة بغيرها.

فشركة «هواوي»، تشهد حجم نمو كبير، تحوّلت بفضله الى احدى اكبر شركات تكنولوجيا الاتصالات في العالم، وأصبحت ثاني أكبر شركة لصناعة الهواتف الذكية متقدمة على «آبل» الأمريكية، مستحوذة على اكثر من 15 % من المبيعات في السوق العالمية، وتشير أرقام الثلاثي الاول لسنة 2019 ان حصة «هواوي» في السوق العالمية للهواتف الذكية بلغت 19% أي انها حققت نسبة نمو تتجاوز 50% مُقارنة بالفترة نفسها من عام 2018.

كما ان الشركة هي من ابرز المختصين في البنية التحتية لشبكات الاتصالات في الجيلين الثالث والرابع وهي الأكبر في تطوير شبكات الجيل الخامس المنتظر ان تنتشر في 2020. مما يهيئها لتكون الشركة المهيمنة على البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس، استنادا لماضي الشركة التي نجحت في بناء 1500 شبكة لها في جميع أنحاء العالم، وهي تقوم ببيع منتجاتها في 170 دولة، وتسيطر تقريبا على السوق الأوروبية والإفريقية.

هذه الأرقام تشرح قليلا سبب التصعيد الأمريكي تجاه الشركة الصينية، التي يمتزج فيها التجاري والاقتصادي بالسياسي والأمني فالحرب على شركة «هواوي» ليست إلا واجهة لحرب تجارية وسياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. حرب اعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ الحملة الانتخابية ودخل حيز تنفيذها منذ وصوله للبيت الأبيض في فيفري 2017.

لكن هذه الحرب وجدت لها غطاء عاما يتمثل في الحرب على شركة «هواوي»، التي ينظر إليها على انها الذراع الصيني في مجال تكنولوجيات الاتصال. كخطوة لمحاصرة بيجين وقوتها الاقتصادية النامية خاصة اقتصاد المعرفة المعتمد أساسا على تكنولوجيا المعلومات الاتصال.

هذه الحرب التي انحصرت اليوم بشكل رئيس في «هواوي» لا تتعلق بحصتها في سوق الهواتف الجوالة، وان كان هذا الجزء هاما، بل تتعلق بهيمنة الشركة ونصيبها في سوق البنية التحتية للشبكات، التي حققته الشركة بفضل انخفاض تكلفة البيع والتزويد بالخدمة والصيانة، مما سمح لها بان تكون من كبرى الشركات المختصة في البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصال في شبكات الجيل الثالث والرابع وهي مرشحة لتكون الشركة «الميهمنة» على سوق الجيل الخامس نتيجة الاستثمارات الهامة التي ضختها الشركة في تطوير شبكة الاتصال مكنتها من تجاوز الشركات الامريكية المختصة في الشبكات.

هذه الهيمنة المرجحة هي ما دفعت بالولايات الأمريكية إلى التحرك ضد الشركة، بهدف اقصائها من السوق الدولية لصالح شركات امريكية، وضمان بقاء هيمنة الولايات المتحدة على تكنولوجيات الاتصال التي ستكون عصب الاقتصاد الدولي في السنوات الخمس المقبلة وسيكون محركا لبقية القطاعات الاقتصادية.

هنا ينتقل صراع الهيمنة على هذه التكنولوجيا من الصراع على نصيب من السوق الى صراع على السيطرة عليه، وهذه السيطرة ستضمن السيطرة على العالم الذي يعيش على وقع انحدار قوة عظمى وصعود اخرى مما يمهد لحرب كبرى في الافق قد تكون الجزء الثاني من معركة سالاميس.

مستخدمي هواتف هواوي في تونس:
هواوي تبحث عن بديل
سارعت الشركة الصينية «هواوي» الى طمأنة مستخدمي هواتفها الذكية انهم لن يتضرروا من قرار «غوغل» سحب ترخيصها الخاص لنظام تشغيل أندرويد استجابة لمطالب الحكومة الأمريكية. متعهدة بان تواصل هواوي تقديم تحديثات الأمان، وخدمات ما بعد البيع لجميع منتجات الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية الحالية من هواوي، Honor، والتي تغطي تلك التي تم بيعها، والتي ما تزال في المخازن على مستوى العالم».

هذا وقد سبق وشرحت شركة غوغل أن قرار سحب ترخيص سيطبق على الاجهزة المقبلة من هواوي التي لن يكون لها القدرة على ولوج خدمات الشركة الامريكية ومنصتها، كما ان الاجهزة القديمة لن تتمكن من تحديث تطبيق الاندرويد.

وتدرس شركة هواوي عدة خيارات لتجنب تداعيات سحب ترخيص استخدام نظام التشغيل اندرويد، على غرار تطوير نظام تشغيلي بديل لأندرويد، حيث تضمن احد بيانات الشركة اشارة واضحة الى إنها «ستواصل بناء نظام بيئي آمن ومستدام».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115