المحروقات وغيرها من القطاعات التي وان كانت تتحرك فرادى إلا أنها تمهد للمواجهة بين الحكومة والاتحاد في جويلية القادم. مما يعنى أن المناخ الاجتماعي يمضي إلى التوتر غداة الانتخابات التي لن تسلم من تداعيات هذا.
الزمن الفاصل بين خبرين، الأول إضراب موظفات وموظفي رئاسة الحكومة وتلويحهم بالتصعيد. والثاني جلسة عمل اشرف عليها عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل منعم عميرة الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية بحضور أعضاء الجامعة العامة لمتفقدي التعليم الثانوي يوم أمس يتجاوز 14 يوما.
خلال هذه الفترة تعددت المؤشرات المنبئة بان العلاقة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل تتجه للتأزم من جديد، فبرقيات الاحتجاج والبيانات الصادرة عن النقابات العامة لعدة قطاعات تتضمن تلويحا بالإضراب وتنديدا بسياسات الحكومة ووزاراتها خاصة التنصل من الاتفاقات وعدم تطبيقها.
بيانات يبدو أنها لن تقف عند حد التنديد إذ أن التوتر يتصاعد في أكثر من قطاع منضو تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل، مما يجعل من اعتماد ورقة الإضرابات القطاعية أمرا جد وارد خلال الأسابيع القادمة. إضرابات يرفع أصحابها مطالب قطاعية، ولكل قطاع مطلبه الذي تتبناه المركزية النقابية وتؤطره وتتصدر صف المنتقدين للحكومة وخياراتها.
انتقاد لم يقتصر على عدم الالتزام بتطبيق الاتفاقيات أو إدانة سياسات بعض الوزارات وكيف يقوم المشرفون عليها بتفريغ الاتفاقيات من محتواها بقرارات او سياسات جديدة، يراها الاتحاد ونقابته استهدافا لهم، على غرار نقابة الثقافة وكيف تعاملت مع قرار الوزير المتعلق بالعمل والامتيازات في الفضاءات الثقافية، بل شمل ملفات وطنية على غرار مفاوضات «الاليكا»، التي تنظم المركزية النقابية ندوة وطنية بشأنها لتنبه من خطورتها.
هنا تمتزج الملفات الاجتماعية القطاعية بالملفات الكبرى ومنها الإصلاحات لتشكل سويا محاور المواجهة القادمة بين الحكومة واتحاد الشغل، مواجهة ستحتدم بحلول شهر جويلية القادم، موعد استئناف المفاوضات في الوظيفة العمومية بين الطرفين وفق ما اتفق عليه في فيفري الفارط اي مع الاقتراب المراحل الاخيرة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
انتخابات تجرى في اكتوبر ونوفمبر القادمين، ولكن زمنها يمتد قبل هذين الشهرين بكثير، وهذا ما يدركه النقابيون، مثل ادراكهم ان الزمن المتاح لهم للتحرك والدفع من اجل تحقيق مطالبهم القطاعية، بالنسبة لبعض المطالب، منحصر في الأسابيع القادمة التي تنطلق اثر عيد الفطر وتنتهي بنهاية شهر جوان 2019.
أي أننا اليوم أمام فرضيات مفتوحة، لم ترجح الأحداث بعد أيّا منهما، لكن من بينها تواصل ارتفاع حدة التوتر بين نقابات والحكومة والدخول في مواجهة مباشرة تشمل الإضرابات في قطاعات معينة او أنشطة احتجاجية متنوعة، كلى الخيارين سيؤديان في نهاية الأمر إلى ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي. احتقان قد يصل الى مرحلة حرجة تتفاقم مع حلول إجازة الصيف - التي باتت تقليديا زمنا مستقطعا لا يشهد اي تحركات كبرى.
ما يبدو ثابتا اليوم أن الأيام القادمة ستشهد توتر المناخ الاجتماعي، فان نجحت الحكومة في تطويق الأزمة الراهنة قبل حلول إجازة الصيف لن تضمن بذلك استقرار المناخ الاجتماعي وتحسن علاقتها بالاتحاد العام التونسي للشغل، فما بين الطرفين ثلاثة ملفات كبرى ستفتح في الصيف، المفاوضات الاجتماعية، الإصلاحات رغم تأجيل الحكومة لها، واتفاقية الاليكا.
ملفات يقترن زمن فتحها، مع إعلان الاتحاد لبرنامجه الاجتماعي والاقتصادي الذي سيحدد على ضوئه من يدعم في الانتخابات التشريعية القادمة، انتخابات يريد الاتحاد ان يكون من بين المحددين فيها والقادرين على توجيه نتائجها عبر استراتيجية اتضحت بعض ملامحها. مراقبة الانتخابات، صياغة برنامج وجعله معيارا لتحديد القوى السياسية الممكن دعمها ولكن بالأساس تحديد الخصوم الذين سيستهدفهم الاتحاد بالنقد.
اقتران هذين الرهانين، موقع الاتحاد من الانتخابات وفتح الملفات. يمهدان لمزيد من توتر المناخ الاجتماعي قبل دخول مرحلة الحملة الانتخابية الرسمية، وهذا له عدة تأثيرات على مزاج الناخب وتوجهاته، ظروف الحملة الانتخابية ومواضيعها، المناخ الانتخابي، وغيرها من النقاط التي ستحسب سلبيا على الحكومة وقد تكون سببا في تقلص حظوظ رئيسها وحركته تحيا تونس.