وتطرح كذلك جملة من التساؤلات: هل ستكون حكومة السراج قادرة على بسط سلطتها على كامل التراب الليبي؟ وهل ستتمكن من تعمير الخراب الذي خلّفته حرب الخمس سنوات (2011 - 2016)؟ وهل ستنجح – ولو تدريجيا- في نزع سلاح الكتائب والميليشيات الخارجة عن الدولة؟ وهل ستتعظ من أخطاء حكومات الربيع العربي التي لم تستطع مقاومة الفساد المالي بل وسّعته، ولم تستطع كذلك محاربة الإرهاب من جذوره؟ وهل ستقوم السياسة الخارجية الليبية الجديدة على الانخراط في لعبة المحاور أم ستنتهج طريق الحياد الإيجابي؟ هذه التساؤلات وغيرها مطروحة بقوة على الحكومة الجديدة.
تحديات الحكومة الجديدة في ليبيا
من المفروض أن تشتغل حكومة السراج في المرحلة الانتقالية على 3 محاور: محور الأمن ومحور الاقتصاد ومحور السياسة الخارجية. وفي الأثناء ستكمل الهيئة المكلفة بصياغة الدستور عملها في وقت قريب لأن معظم فصول الدستور جاهزة. وستُتوّج المرحلة الانتقالية بانتخابات ديمقراطية يُؤمّل أن تكوون شفافة. وتشكل المحاور الثلاثة التي تحدثنا عنها العمود الفقري لمؤسسات دولة ليبيا الجديدة. فيجب أن يكون لحكومة السراج برنامج مفصل لإعادة الأمن للبلاد. وتقوم إعادة الأمن على 3 خطوات:
1 - محاربة الجريمة المنظمة التي استشرت في ليبيا بعد الثورة خاصة من طرف الذين يقومون بالسطو والحرابة.
2 - ملاحقة داعش وأنصار الشريعة ومن يدعمهم ضمنيا من لوبيات تيار الإسلام السياسي.
3 - بداية تجريد الكتائب من السلاح ولو على مراحل.
وإلى جانب هذه الخطوة الأمنية المستعجلة لا بد من إقرار مخطط اقتصادي يتناول ثلاث مسائل رئيسية:
- المسألة الأولى: إصلاح أعطاب المواني ومصافي البترول لإعادة نسق تصدير النفط الليبي إلى مستواه العادي بشكل تدريجي لأن ليبيا تُصدّر اليوم خُمُس ما كانت تصدّره قبل 2011. ونشير إلى أن عودة النسق العادي في تصدير النفط الليبي سيؤثر على انخفاض سعر البترول عالميا في حدود أقل من 40 دولارا وهذا ما سيدفع ليبيا والبلدان النفطية الأخرى إلى تنويع مصادر دخلها والاستثمار في الطاقة النظيفة مثلما تفعل الإمارات والسعودية.
- المسألة الثانية: إعادة هيكلة المؤسسات المالية، ومراجعة قوائم المنتفعين بالجرايات التي شابها الكثير من الفساد. وهناك شخصيات ليبية مشهود لها بالكفاءة دوليا، قادرة على وضع الاقتصاد الليبي على سكة الإقلاع.
- المسألة الثالثة: وضع برنامج مفصل لمخطط الإعمار. وسيساهم هذا المخطط في استيعاب عدد هام من العاطلين في ليبيا وحتى من بلدان الجوار.
إن تحقيق هذا البرنامج الأمني والاقتصادي سيكون مدخلا ضروريا لخفض حالة الاحتقان في ليبيا وسيهيء لسياسة خارجية أكثر تلاؤما مع مرحلة الانتقال الديمقراطي.
تساؤلات ملحة حول السياسة الخارجية لليبيا
إن أول ملف سيعترض حكومة السراج هو مسألة الاستعانة بالدول الكبرى في محاربة تنظيم داعش الإرهابي وكل تنظيمات الإرهاب في ليبيا. فهل سيكون ....