نفذ امس قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري القاضي بحجز تجهيزات البث التابعة للقناة التلفزية الخاصة «نسمة»، بالاستعانة بالقوة العامة مما تسبب في حالة من الاحتقان امام مقر القناة من قبل العاملين بها وأثار جدلا واسعا وتوجيه اتهامات «للهيكا» بان «القرار سياسي» وهو ما نفته الهيئة نفيا قطعيا.
محاولة منع الامن من تنفيذ قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بحجز معدات البث لقناة نسمة، قطع الطريق ثم فتحه واعتصام من قبل العاملين بالقناة حالة من الاحتقان امام مقر «نسمة» يوم امس واتهامات لـ «الهيكا» بأن القرار هو قرار سياسي بالأساس يستهدف صاحب القناة نبيل القروي وتنديد من قبل احزاب سياسية ومنظمات ونقابات اعلامية... جعل «الهيكا» تعقد ندوة صحفية لتوضيح قرارها الذي تم اتخاذه مشددة على انه بعيد عن أي حسابات سياسية وكان بعد صبر طويل مشيرة انه تم حجز معدات لقنوات أخرى وبالتالي لا فرق بين القنوات ولا أحد يمكنه اتهام الهيئة انها ضد حرية التعبير أو لها رغبة في تهديد مصدر عمل لعديد الصحفيين...
قال رئيس لجنة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري «الهيكا» خلال الندوة مرات عدة «انه لا دخل لرئيس الحكومة أو رئاسة الجمهورية في هذا القرار، وانه لا أحد يمكنه اتهام الهيئة بانها ضد حرية التعبير وتتحدى أي طرف يثبت عكس ذلك او اتخذت قرارا في يوم ما لصالح أي كان».
وأشار اللجمي بخصوص القرار إلى ان الهيئة دعت نسمة الى تسوية وضعيتها على غرار القنوات الاخرى ولكنها بالرغم من مرور 4 سنوات لم تجد الهيئة سوى الممطالة وهو ما جعل الهيئة وفق ما يخوله لها المرسوم 116 تتخذ مثل هذا القرار.
يمكنها الطعن
وذكر اللجمي انه في 13 جويلية 2018 اتخذت الهيئة قرارا يقضي بإيقاف اجراءات تسوية وضعية القناة على معنى احكام الفصل 50 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 لعدم قيامها بإجراءات تغيير الصبغة القانونية لشركة «نسمة برودكاست» المستغلة للقناة من شركة ذات مسؤولية محدودة إلى شركة خفية الاسم وفق ما تقتضيه أحكام الفصل 04 من كراس الشروط المتعلق بالحصول على إجازة إحداث واستغلال قناة تلفزية خاصة، كما وجهت الهيئة رسالة خطية في 5 اكتوبر 2018 ، أي ان الهيئة استعلمت كل الطرق، وبعد أن عاينت الهيئة استمرار «نسمة» في مواصلة البثّ دون إجازة وفقا لما تقتضيه القوانين الجاري بها العمل، أصدر مجلس الهيئة بتاريخ 15 افريل 2019 قرارا يقضي بحجز التجهيزات الضرورية للبث التابعة للقناة وذلك لممارستها نشاطات بث دون اجازة، وأفاد ايضا انه يمكن لنسمة التوجه الى المحكمة الادارية للطعن في قرار الهيئة .
شدد رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري النوري اللجمي في تصريح لـ«لمغرب» ان الهيئة لا علاقة لها بأي حسابات سياسية، وان قناة نسمة لا تريد الاعتراف بالإطار القانوني المنظم للقطاع السمعي والبصري مشيرا الى ان كراس الشروط صادر منذ سنة 2014 وقد حاولت «الهيكا» في العديد من المرات تسوية وضعية القناة وإعطائها فرصة لكن الهيئة لم تجد تجاوبا ولا يوجد أي تدخل سياسي في عمل الهيئة او قراراتها.
اللجمي أكد ان اتخاذ قرار مثل هذه القرارات ليس أمرا سهلا إلا أن «نسمة» ترفض تطبيق القانون في حين هناك قنوات أخرى تعمل وفق القانون، واستعانة «الهيكا» بالقوة العامة مخول لها حسب القانون من أجل تسهيل عملية الحجز ولتفادي حدوث مشاكل لان عملية الحجز عملية معقدة وقرار «الهيكا» يدخل في صلب صلاحياتها.
قمنا بحجز معدات الزيتونة أيضا
وبخصوص اتخاذ قرارات مماثلة لقنوات اخرى اكد اللجمي انه لا فرق بين كل القنوات بالنسبة «للهيكا» على غرار قناة الزيتونة الذي قال ان طرفا سياسيا وراء عدم قطع البث عليها ، موضحا ان الهيكا توجهت الى هذه القناة وقامت بحجز معداتها إلا ان هناك تقنيات متطورة على الانترنات أو ما يسمى «اس ان جي» وهذه تقنيات التي يتم اعتمادها الهيئة عنها غير مسؤولة.
كما أشار في الندوة إلى أنه تم حجز معدات قنوات أخرى على غرار «تونسنا» والتي قامت بتسوية وضعيتها وتمكنت من رخصة، إذاعة «القرآن الكريم»، واذاعة «النور» التي أغلقت...
التوجه للقضاء
الطرف المقابل على لسان صاحب القناة نبيل القروي أكد في تصريح إعلامي أن قرار حجز المعدات هو ضرب للقناة وطعن في ظهر الديمقراطية والثورة وان ما حصل خطير، وان «نسمة» لها رخصة منذ 10 سنوات وان القناة ستتوجه إلى القضاء وان الحكومة حاولت تفليس القناة من خلال الخطايا المالية وعندما فشلت تم اتخاذ قرار حجز المعدات، وبالتالي القرار هو قرار سياسي ورئيس الحكومة وراءه.
أحزاب تجمع استثنائيا
ردود الافعال حول غلق القناة كانت من مختلف الاطراف حتى ان حركة النهضة قررت عقد مكتب تنفيذي برئاسة راشد الغنوشي بصفة ااستثنائية اليوم لمناقشة قرار «الهيكا» وانعكاساته، نفس الشيء بالنسبة لنداء تونس الذي عقد اجتماعا استثنائيا للمكتب السياسي وهو اعتبره رئيس «الهيكا» أمرا إيجابيا جعل الاحزاب السياسية تتفاعل وتتحرك .
ونددت المنظمة التونسية للأطباء الشبان بهذا القرار وشددت على أن «نسمة» كانت احد أهم المنابر الإعلامية التي فسحت للمنظمة المجال لإبلاغ صوت منظوريها ورؤاهم والدفاع عن قطاع الصحة العمومية.
النقابة العامة للاعلام عبرت عن مساندتها المطلقة لقناة «نسمة» والعاملين فيها وأكدت أن دور الهياكل التعديلية والحكومة لا يمكن أن يتحول إلى وسيلة لإسكات الأصوات المعارضة وطالبت بتطبيق القانون بعيدا عن المحسوبية وسياسة التشفي وتصفية الحسابات ودعت الحكومة و«الهايكا» إلى مراجعة هذا القرار الجائر حفاظا على إعلام حر وتعددي.
نقابة الصحفيين تحمل المسؤولية للقروي
نقابة الصحفيين اكدت انه رغم موقفها المبدئي الرافض لغلق أيّ مؤسسة إعلامية إلا أنها حمّلت نبيل القروي صاحب القناة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في قناة «نسمة»، ونبهت بقيّة المؤسسات التي تعيش الوضعية القانونية نفسها إلى تسوية وضعياتها القانونيّة والماليّة من أجل ضمان تطبيق القانون وتنوع المشهد الإعلامي وتعدديته والحفاظ على وظائف الصحفيين والعاملين فيها.
كما حذرت من اعتماد السلطة التنفيذية لسياسة الكيل بمكيالين في تعاملها مع قرارات «الهايكا» وذلك من خلال الحجز على معدات بث قناة «نسمة» وعدم تطبيق ذلك في حق مؤسسات إعلامية أخرى.
وشددت على الضرورة القصوى بحماية الحقوق المهنية والاقتصادية للصحفيين والعاملين في قناة «نسمة» مهما كانت مآلات هذا الملف، ودعت إلى عقد اجتماع عاجل...