في خطة الإطاحة بحافظ قائد السبسي من دفة القيادة وايضا كمنافس قوي على منصب رئيس اللجنة المركزية، دور لا ينفيه طوبال الذي يشدد على انه جزء من فريق واسع يعمل لإنقاذ الحزب وإرساء مؤسسات دائمة له تمكنه من استعادة بريقه السابق عبر خطة تتضمن ابعاد حافظ كليا عن واجهة الحزب وابرام تحالفات قد تشمل حركة تحيا تونس.
مع اعلان رئيسة المؤتمر سميرة بن قدور عن تركيبة المكتب السياسي الجديد للنداء وانتهاء اشغال المؤتمر اعتلت الحيرة ملامح حافظ قائد السبسي، الذي لم يستوعب بعد انه وقع في الفخ الذي نصب له وتم ابعاده مبدئيا عن كل مراكز النفوذ في الحزب من قبل مجموعة كبيرة ضمت نواب الحزب وممثليه في الحكومة وعدد من المنسقين الجهويين.
هذه المجموعة التي اطاحت بحافظ قادها بشكل اساسي سفيان طوبال رئيس الكتلة والمكلف بالهياكل في الحزب طوال الاسابيع الفارطة ولا يزال يقودها حتى الان لضمان تنزيل انتصارهم في المؤتمر على ارض الواقع بالاستحواذ على اهم مناصب في الحزب، الامانة العامة ورئاسة المكتب السياسي ورئاسة اللجنة المركزية.
فالقائمة التوافقية التي وقعت تزكيتها بالاغلبية في اليوم الرابع من اشغال المؤتمر تتميز بهيمنة تحالف يجمع بين سفيان طوبال ومجموعة القصر، مع افضلية لطوبال ان تعلق الامر بموازين القوى في اللجنة المركزية وفي المكتب السياسي.
طوبال الذي هندس القائمة التوافقية شدد في حوار له مع «المغرب» على ان القائمة فازت وان محاولات الطعن فيها لن تغير من الواقع شيئا، والواقع يتضمن فوز القائمة التي حرص طوبال على ان يمثل فيها كل اطياف الحزب وقطاعاته، والقصد هنا وفق قوله هو تمثيل رئاسة الجمهورية عبر صعود مستشارين في ديوان الرئيس الى المكتب. إضافة إلى تمثيل مجموعة الحكومة المتمثلة في وزراء الحزب في الحكومة وثالثا تمثيل الكتلة البرلمانية وأخيرا الجهات.
توازن يبرزه طوبال ليشرح به سبب نجاح القائمة ونجاح المجموعة التي يتزعمها في الهيمنة على مفاصل الحزب، انطلاقا من نسبة تمثيل المجموعة في المؤتمر او نسبة فوزها في اللجنة المركزية ولاحقا المكتب السياسي، في انتظار ما ستفضي اليه عملية توزيع المهام نهاية الاسبوع الجاري.
محطة انطلق استعداد كل طرف لها وفق ما تقتضيه مصلحته وضمان موقعه في الحزب، فان كانت أولى خطوات المدير التنفيذي السابق للحزب البحث عن سبل إسقاط عملية انتخاب المكتب السياسي كما أشار طوبال، سواء عبر الدفع بتقديم بعض الطعون او البحث عن سبل الضغط على المكتب السياسي حتى قبل انعقاده.
إذ قال طوبال في حواره مع «المغرب» إن هناك مساعي من حافظ قائد السبسي لإسقاط المكتب السياسي، وان من هذه المساعي الطعن في عدد من أعضائه باعتبارهم لا يستجيبون لشروط الترشح. لكن هذه المحاولات للتشويش كما وصفها المرشح للأمانة العامة لن يكتب لها النجاح.اذ ان المطعون فيهم قدموا للجنة الانتخابات كافة الأدلة القانونية لترشحهم واللجنة حكمت لصالحهم.
كما ان الأغلبية وفق طوبال في المكتب السياسي او اللجنة المركزية لصالح المجموعة التي يمثلها، وهنا يشدد على ان فوزهم بالأغلبية لم يمنعهم من البحث عن توافقات وتمثيل خصومهم في المكتب لتجنب «الاستفراد»، ومن هؤلاء الخصوم ناجي جلول الذي اكد طوبال انه قريب من حافظ قائد السبسي ومتحالف معه.
الحديث عن الأغلبية هو محطة اولى بالنسبة لطوبال لشرح التوازنات الجديدة في هياكل الحزب، اذ ان المؤتمر الاخير - الذي قال انه شهد محاولات لمنعه او افشاله سواء من خارجه او من المؤتمرين على غرار حافظ قائد السبسي- افرز توازنات جديدة وكشف هشاشة المجموعة المحيطة بالمدير التنفيذي السابق.
ما لم يقله طوبال بشكل صريح وواضح هو ان التوازنات الجديدة في الحزب بينت هيمنة الدستوريين/التجمعيين عليه وان هذه الهيمنة قادها قسم من نواب الحزب بالاساس، كانوا فاعلين سواء في الإعداد للمؤتمر او في اشغاله. كما انهم سيكونون محددين في مرحلة توزيع المهام.
دور أنيط بهم، فدعوة رئيسة المؤتمر الى انعقاد اول جلسات المكتب السياسي رحلت وفق سفيان طوبال الى حين انتهاء المشاورات في الجهات بشان كيفية توزيع المهام واساسا الرئاسات الثلاث في الحزب، وهي الامانة العامة ورئاسة المكتب السياسي ورئاسة اللجنة المركزية.
اذا قال طوبال بخصوص هذا الشأن ان المشاورات تتضمن اما التوافق او اللجوء للتصويت، مع تلميحه الى انه وفي كلتي الحالتين المؤتمر حسم مسالة حافظ قائد السبسي ووجوده في احد المناصب الأساسية الثلاثة في الحزب.
وما لا يقوله الرجل بشكل صريح ان المشاورات التي ينتظرون انتهاءها لا تقتصر على الجهات وانما مع قصر الرئاسة، فالمجموعة التي يشدد زعيمها طوبال على انها موالية للرئيس وتتبع خارطة الطريق التي رسمها لها في المؤتمر، تريد ان تتجنب الصدام مع الرئاسة ولكنها يبدو انها لن تقبل بفرض حافظ كامين عام او رئيس للهيئة السياسية او اللجنة المركزية التي ترشح لينافس على رئاستها.
فما قامت به الى غاية اول امس من جهد وعمل لابعاد نجل الرئيس ليست على استعداد للتراجع عنه، كما ان التراجع عنه قد يعصف بالدينامكية التي احدثتها والتي ستضمن لها هامشا من الحركة سواء في الحملة الانتخابية او في صياغة التحالفات الانتخابية.
فوفق طوبال يجب ان يكون للحزب «مكينة انتخابية» لهذا حرص على تمثيلية واسعة لجل الجهات في المكتب السياسي، وسينكبون خلال الايام القادمة، بعد استكمال توزيع المهام على الاستعداد للانتخابات، وهنا يشدد على ان الحزب سيطبق خارطة الطريق التي قدمها رئيسه المؤسس الباجي قائد السبسي والتي تتمثل في تجميع العائلة الوسطية التقدمية.
هنا يقدم طوبال نقطتين اساسيتين، الاولى هي توجه حزبه - في ظل هيمنة المجموعة الجديدة عليه- الى عقد تحالفات مع الاحزاب القريبة منهم وخاصة الاحزاب التي انشقت عنهم على غرار حركة مشروع تونس وتحيا تونس، فان كانت المشاورات مع الاولى انطلقت بشكل رسمي فانها لا تزال غير رسمية مع تحيا تونس وفق تاكيد طوبال.
اما النقطة الثانية التي يبرزها قوله باتباع خارطة الطريق، هي حرص هذه المجموعة على عدم التمرد كليا على رئيس الجمهورية والابقاء على علاقة طيبة معه، واتباعهم لتوصياته سواء في التوافق او احياء الحزب او الانتخابات ما هو الا رسالة ياملون ان يتلقفها الرئيس.
فان تلقفها ودعمها سيمنح المجموعة شرعية اضافية، ويصبح شعارهم القائم على المحافظة على اصل الحزب مع تطعيمه بوجوه جديدة ذات مصداقية لدى الرأي العام الندائي. فالمجموعة التي تمكنت من ضمان مسكها لمقاليد الحزب لاتزال تخشى من تدخل الرئيس وتغيير التوازنات صلب المكتب السياسي لصالح احد منافسيها، سواء ناجي جلول او حافظ قائد السبسي.