صحفي وكلمة ألقاها وهو يفتتح مؤتمر نداء تونس أمس بالمنستير، وفي الحالتين لم يحسم الرجل الأمر بشكل جلي بل تركه مفتوحا، فهو وان اعلن ان لا رغبة له في الترشح فقد ترك بابا للترشح يتمثل في ان اقتضت مصلحة تونس ذلك.
لم يجد المشاركون في الجلسة الافتتاحية لاشغال مؤتمر نداء تونس الانتخابي شعارات ترحب بمؤسس حزبهم ورئيس الجمهورية الحالي الباجي قائد السبسي أفضل من «الشعب يريد السبسي من جديد»، شعار اراد به رافعوه ان يحثوا رئيس الجمهورية على قبول توجه المؤتمر الى ترشيحه للاستحقاق القادم في نوفبر2019.
لكن الرجل خير ان يخيب رجاء ابناء حزبه الذين قاطعوا كلمته في المؤتمر لرفع شعاراتهم المتضمنة لرغبتهم بخوض قائد السبسي الاب المنافسة، ليعلمهم بانه وبكل صراحة لا رغبة له في الترشح ، وان هناك من قد يحل محله وفي هذا قد يكون صالح البلاد. اذ ان تونس «تستحق ان تعرف التغيير وأن يلقى الشباب فرصته».
لكن عدم الرغبة الذي اعلنه الباجي قائد السبسي لا يعني انه حسم أمره ولن يترشح فالرجل شدد وهو يبدي عدم رغبته على ان «كل شي في وقته والدستور أجاز له عهدة ثانية»، ليترك لنفسه بابا يعود منه ان قرر خوض غمار الرئاسية في 17 من نوفمبر القادم، يوم الاقتراع في الدور الاول من الرئاسية.
باب تركه الرئيس مفتوحا ايضا في حواره مع قناة العربية قبل ايام، حيث شدد على ان ما يحدد ترشحه من عدمه هو مصلحة تونس، وان أشار في ذات الحوار انه اليوم لا يرى ان ترشحه قد يحمل مصلحة لتونس، ولكن هذا قد يتغير في الاسابيع القادمة.
ما يقوله الرئيس وان كان في ظاهره يوحي بشكل جلي ان الرجل بات منذ مارس الفارط يفضل ان ينهي عهدته ويغادر على خوض الانتخابات التي تقلصت حظوظه فيها بشكل لافت خلال الاشهر الستة الفارطة ليصبح خارج الثلاثي الاول في نوايا التصويت.
الخشية من ان لا يضمن الرجل المرور الى الدور الثاني يبدو أنها ما رجح كفة «الرغبة في عدم الترشح» ولكن هذا غير أزلي، فرئيس الجمهورية واساسا قادة نداء تونس يدركون ان الرغبة قد توجد في الأسابيع القادمة ان توفرت جملة من الشروط الأساسية.
اول هذه الشروط ان يستعيد النداء توازنه ويتعافى من كبواته والتعثرات التي تعددت، وثانيها ان يصبح التعافي ككرة ثلج كلما تدحرجت عظم وزنها السياسي والانتخابي وباتت قادرة على ابتلاع الخصوم، وهنا الخصم المراد احتواؤه هو تحيا تونس وزعيمه السياسي يوسف الشاهد.
فتعافي النداء وحده قد لا يكون كافيا ان لم يقترن به تلقى رئيس الحكومة وحركته السياسية لضربات تضعفه، هذا ان تم سيكون قاطرة تجر النداء لعقد تحالفات مع احزاب قد ترى في ان من صالحها الوقوف خلف الباجي قائد السبسي لكبح جموح الشاهد وحزبه.
هذه الفرضية القائمة على توفير شروط لاقناع الرئيس بالترشح تخامر عقول المحيطين به ويعربون له عنها، لكنها لا تخفى عنهم وعنه ان حظوظها شبه مستحيلة، ليس لمناعة خصمهم او قوته بقدر ما هو انخرام اصاب الحزب واضر بصورته في اذهان قاعدته الانتخابية.
قاعدة يرى جزء من قادة النداء ان حشدها لضمان تصويتها في الانتخابات القادمة يستوجب وجود الرئيس، وهذا الوجود ليس كدعم بل كمنافس في الانتخابات القادمة بهدف تعزيز حظوظهم لتجاوز عتبة 15 % من اصوات الناخبين، حتى مع ادراكهم ان هذا قد يحمل معه نهاية سيئة لعهدة الرئيس.