بعد مصادقة البرلمان على قانون الجرايات المدنيـة والعسكرية وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي لـ«المغرب»: القانون خطوة أولية نحو الإصلاح وحزمة الإجراءات ستوفر خلال سنة 2019 أكثر من 800 مليون دينار

أخيرا وبعد طول انتظار وبعد إسقاطه في ديسمبر 2018، صادق مجلس نواب الشعب أمس في جلسة عامة على

مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجـرايات المدنيـة والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي بـــرمته 121 نعم 11 احتفاظ و05 رفض، وبمقتضى هذا القانون، حُدد سن الإحالة على التقاعد، بالنسبة للمتمتعين بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد، وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، باثنتين وستين (62) سنة بدلا من 60، وبـ57 سنة بالنسبة إلى العملة الذين يقومون بأعمال منهكة ومخلة بالصحة (بعد قضاء 35 سنة عملا).
صادق نواب البرلمان أمس على الفصل الخامس من قانون تنقيح نظام الجرايات المدنية بـ 115 صوتا مقابل 07 احتفاظ و12 رفض والذي يقضي بالترفيع في سن التقاعد بسنة واحدة بداية من أول جويلية 2019 بالنسبة للأعوان الذين يبلغون سن التقاعد بداية من هذا التاريخ وإلى غاية 31 ديسمبر 2019، مع إمكانية اختيار الترفيع في سن إحالتهم على التقاعد بسنة أو سنتين أو بثلاث أو بأربع سنوات.

الترفيع في سن التقاعد
يقضي الفصل الخامس من القانون بالترفيع في سن التقاعد بسنتين بداية من أول جانفي 2020 بالنسبة للأعوان الذين يبلغون سن التقاعد بداية من هذا التاريخ ويمكن للأعوان المشار إليهم اختيار الترفيع في سن الإحالة على التقاعد بسنة أو سنتين أو ثلاث سنوات، مع ضرورة تقديم مطلب كتابي في الغرض في أجل أقصاه 6 أشهر قبل تاريخ بلوغ سن التقاعد. وقد وصف وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي المصادقة على مشروع قانون الترفيع في سن التقاعد بالخطوة الايجابية والمهمة في اتجاه إصلاح المنظومة الاجتماعية، خطوة ستمهد إلى عدة خطوات إصلاحية أخرى، ليشدد على أن هذا القانون الذي سيدخل حيز التنفيذ مباشرة بعد المصادقة عليه سيمكن جميع المتدخلين من التفكير بأريحية في طرق مجابهة أزمة الصناديق الاجتماعية، مؤكدا أنه سيقع التجاوب مع جل مقترحات النواب في هذا الصدد وخاصة المتعلقة بتنويع مصادر تمويل الصناديق.

الترفيع في نسبة المساهمات
وبين الوزير في تصريحاته أنه سيتم إلى جانب الترفيع في سن التقاعد، الترفيع في نسبة المساهمات حسب ما ينص عليه الفصل الرابع بعنوان التقاعد بنسبة 3 بالمائة، يتولى المشغل تسديد 2 بالمائة منها بداية من اليوم الأول للشـهر الموالي لدخول القانون الجديد حيز النفاذ في حين سترتفع مساهمة الأعوان بنسبة 1 بالمائة بداية من شهر جانفي 2020، مشيرا إلى أن إقرار هذه الزيادة في المساهمات المستوجبة بعنوان التقاعد يهدف إلى دعم تمويل منظومة التقاعد في تونس، لافتا إلى أن هذه الزيادة ستشمل الأجراء والمشغلين فقط ولن يتم احتسابها من جرايات المتقاعدين.

مواصلة اعتماد المساهمة التضامنية الاجتماعية
كما أفاد الطرابلسي أنه سيتم مواصلة اعتماد المساهمة التضامنية الاجتماعية بنسبة 1 بالمائة التي أقرها قانون المالية لسنة 2018 والتي تقتطع من جرايات الأجراء والمتقاعدين على حد السواء ويخصص مردودها لتمويل الصناديق الاجتماعية، وشدد على أن تمويل منظومة التقاعد يتطلب مجهودا وطنيا وأن قرار الترفيع في نسبة مساهمات التقاعد يهدف إلى إعادة التوازن المالي للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ولتوفير الاعتمادات لصرف جرايات المتقاعدين، وأشار إلى أن الحكومة تعتزم إدخال جملة من الإصلاحات على منظومة الحماية الاجتماعية في تونس وسيتم بمقتضى هذا القانون إحداث هيئة عليا يرأسها رئيس الحكومة لتتولى مهام البحث عن مصادر جديدة لتمويل الصناديق الاجتماعية بمنأى عن أية إجراءات تؤدي إلى الزيادة في المساهمات، أما بالنسبة للوزارة فقد شرعت فعليا في اتخاذ عدة إجراءات في اتجاه إصلاح منظومة الصناديق الاجتماعية، من ذلك إصدار البطاقات الذكية للتامين على المرض وتخصيص منح للعائلات المعوزة. الترفيع في سن التقاعد وفق وزير الشؤون الاجتماعية سيشمل أيضا العاملين في القطاع الخاص من خلال أمر سيصدر قريبا في الرائد الرسمي وقد تمّ اتخاذ هذا القرار بعد مشاورات مع الأطراف الاجتماعية دامت لأكثر من سنة.

تعميق النقاش حول الإصلاح
وزير الشؤون الاجتماعية أكد في تصريحه لـ«المغرب» أن المصادقة على القانون مرحلة مهمة في إصلاح أنظمة الضمان الاجتماعي والذي يعد أحد مخرجات الحوار صلب لجنة الحماية الاجتماعية ثلاثية التركيبة، الحكومة واتحاد الشغل ومنظمة الأعراف، مشيرا إلى أن هذه المرحلة ستساهم في تعميق النقاش حول إصلاح أنظمة الحماية الاجتماعية وتطويرها وتعميمها في أريحية بعيدا عن الضغوطات التي كانت ترافقهم في علاقة مع المتقاعدين أو مزودي الخدمات الطبية، واعتبر أن المصادفة على القانون سينعكس بالإيجاب على علاقة المتقاعدين مع صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية وسيجعله أكثر قدرة على الإيفاء بالتزاماته تجاه المتقاعدين في الإبان.

مجلس تمويل الحماية الاجتماعية
وأضاف الوزير أن هذه الإجراءات تؤكد مرة أخرى أن النظام في الضمان الاجتماعي يعتمد على النظام التوزيعي التضامني، حيث أن المتأمل في الإجراءات التي تمت المصادقة عليها بمقتضى القانون منها الترفيع في المساهمة للمشغل وللأجراء من جهة ومن جهة أخرى تمديد سنوات العمل بسنتين بصفة إجبارية و3 سنوات اختياريا، فإنها ستكرس هذا المبدأ التضامني، تضامن الناشطين مع المتقاعدين. كما اعتبر الوزير أنّ المصادقة على القانون مرحلة مهمة تفسح المجال إلى مرحلة جديدة من مواصلة الحوار بين أطراف الإنتاج الثلاثة لتطوير المنظومة وتحصينها من أي اختلال أو عجز مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة من خلال إجراءات أخرى تم التوافق حولها ضمن اللجنة، أولا تنويع مصادر التمويل، ثانيا القرار الصادر عن مجلس نواب الشعب بتوظيف أداء على شركات التامين والبنوك والشركات البترولية بـ1 في المائة لفائدة الضمان الاجتماعي يدخل حيز التنفيذ سنة 2020 بعد تدقيق صياغته، كذلك هناك مجلس تمويل الحماية الاجتماعية والذي كان محل توافق من مهامه متابعة التوازنات المالية للضمان الاجتماعي والتدخل في الوقت المناسب من أجل معالجة أية اختلالات تطرأ على هذه التوازنات من خلال تقديم اقتراحات عملية لتنمية موارد اقتصادية.

استخلاص 900 مليون دينار من الديون
من الإجراءات التي تمّ التوافق حولها وفق الوزير، مزيد الحوكمة وعلى سبيل المثال من جانفي 2018 إلى فيفري 2019، قام صندوق التقاعد باستخلاص حوالي 900 مليون دينار من الديون المتخلدة لدى الشركات العمومية لفائدة الصندوق وهذا في حد ذاته عمل غير مسبوق، وتبقى 538 مليون دينار بذمة مؤسسات عمومية أكثر من نصفها لدى قطاع النقل والوزارة عازمة على إيجاد اتفاقات استخلاص مع الشركات مع مراعاة ظروفها للحفاظ على النقل العمومي، إضافة إلى توسيع قاعدة المضمونين الاجتماعين ضمن الخطة الإستراتيجية الوطنية المتعلقة بالأرضية الوطنية للحماية الاجتماعية والتي تهدف إلى أن لا يبقى كما جاء على لسان رئيس الحكومة أي تونسي خارج التغطية الصحية قبل موفى 2021، وهذا أمر ممكن نظرا إلى أن نسبة التغطية حققت تقدما كبيرا ومازال حوالي مليون و100 ألف فرد خارج التغطية وبالإمكان استيعابهم.

تكامل مع قانون الأمان الاجتماعي
وشدد الوزير على أن حزمة الإجراءات المتخذة من الترفيع في سن التقاعد إلى الترفيع في المساهمات ومداخيل الصندوق جراء الترفيع في الأجور وغيرها من الإجراءات ستكمن خلال سنة 2019 من توفير أكثر من 800 مليون دينار لصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات أولية في انتظار تعميق الحوار والتشاور مع كل الأطراف من أجل معالجة أشمل لمنظومة الحماية الاجتماعية بهدف تحسين وشمولية الخدمات. وشدد على أن هناك تكاملا بين هذا القانون وقانون الأمان الاجتماعي الذي يهم 900 ألف عائلة معوزة ومحدودة الدخل عبر توفير نظام للتأمين الصحي إضافة إلى عدة منافع أخرى وإدماج النساء الريفيات في الضمان الاجتماعي، كل هذه الإجراءات ستساهم في التقدم بخطى ثابتة وصحيحة في الإصلاحات بعيدا عن كل المغالطات نحو شمولية التغطية الاجتماعية لكل التونسيين قبل حلول 2022 بفضل تضافر كل الجهود من البرلمان والوزارة والشركاء الاجتماعيين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115