الحزب الدستوري الحر: البحث عن استثمار التعرض للعنف السياسي

يوم امس كشفت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي عن استراتيجية حزبها في استثمار أحداث العنف

التي تعرض لها اجتماعه الشعبي بولاية سيدي بوزيد، وهي بسيطة جدا تتمثل في تكرار ذات الخطاب مع الإشارة الى ان العنف الذي تعرضوا له مرده «خوف من» منظومة ما بعد الثورة منهم ومن قدرتهم على الفوز في الانتخابات وعودتهم الى الحكم.

في اليوم الرابع بعد احداث العنف التي تعرض اليها المشاركون في اجتماع الحزب الدستوري الحر بولاية سيدي بوزيد، كشف الحزب وقادته عمّا اعتبروه تفاصيل الحادثة ومن تسبب فيها. وهم وفق رئيسة الحزب عبير موسي «منظومة 18 أكتوبر 2005».

هذه العبارة التي ارادت منها موسي ان تجمع كلا من حركة النهضة والجبهة الشعبية بمكوناتها الحزبية وحزب المؤتمر وما تفرع عنه من حركات واحزاب، الهدف منها هو اعادة توزيع الادوار بين اللاعبين السياسيين في البلاد.

فالحزب وهو يتهم ما اعتبره منظومة 18 اكتوبر بالوقوف خلف احداث العنف التي تعرض لها لم يفته الاشارة الى هذه الاحداث مردها شعور هؤلاء بالخطر والخوف من أن يستعيد الحزب (أي حزبها) المنظومة الوطنية بأمن وقضاء ومؤسسات قوية». بعبارات أوضح الاعتداء عليها من قبل جزء من المعارضة ما قبل 2011 القصد منه الحيلولة دون عودة التجمع الى الحكم بتفويض شعبي هذه المرة.

عودة تعتبرها موسي جد اكيدة فالتونسيون من وجهة نظرها لا يقبلون بـ«منظومة 18 اكتوبر» التي تختزل عندها في تحالف جزء من المعارضة زمن بن علي من اجل اسقاط حكمه والتآمر لفعل ذلك. فموسي وهي تستعمل لفظ منظومة 18 اكتوبر تستحضر معها التهم التي وجهها نظام بن علي للاحزاب التي تحالفت معا ضد نظامه والمطالبة باصلاحات كبرى بالبلاد، وإحدى هذه التهم التي روجت «التآمر على تونس».

تهم تعيد موسي إحياءها بهدف إقناع التونسيين - وخاصة القاعدة الانتخابية التي يتنافس حزبها ونداء تونس وتحيا تونس على اقناعها بالتصويت لفائدتها في اكتوبر القادم- بان حزبها هو الوحيد الذي يمثل امتدادا للتجمع وما يعني هذا من عودة الى «امجاد وانجازات التجمع» التي تؤمن بانها كانت موجودة، وحزبها، الحزب الدستوري الحر قادر على احيائها من جديد.
لهذا قام عدد من المنتسبين لاحزاب «منظومة 18 اكتوبر» باستهدافهم والاعتداء عليهم في سيدي بوزيد، ودليلها على ان المعتدين متحزبون كان صورا استعرضتها وقالت ان أصحابها لهم علاقة بكل من حركة النهضة و«مشتقات» المؤتمر من أجل الجمهورية و احزاب الجبهة الشعبية.

والامر لا يتوقف هنا بل ان المعتدين من بينهم شخصيات تنتمي الى منظمات دولية على غرار العفو الدولية وايضا مناصرين لاستاذ القانون قيس سعيد ومع كل هؤلاء تواجد اصحاب السوابق العدلية. كل هذا الحشد قام وفق عبير موسي بتنظيم الاعتداء الذي تعرض له حزبها.

اعتداء لم يغب عن رئيسة الحزب ان تشير الى انه جزء من مخطط استهداف اكبر وضعته «شبكة كاملة تضم الدولة والحكومة وجمعيات وأحزاب و «دواعش» يتخفون وراء شعارات الثورة لاستهداف الحزب». وهدف هذه الشبكة وفق نظرها الـتأثير على المواطنين ومناصري الحزب وترهيبهم لمنع التحاقهم بحزبها.

التحاق ان تم سيكون قبل اشهر قليلة من الانتخابات وهذا يعني تعزيزا لحظوظ الحزب بالفوز فيها، ولمنع هذا تعمل هذه الشبكة على تنظيم انتخابات مزورة عبر الترهيب من جهة وشراء الذمم من جهة أخرى.

ما لم تقله عبير موسي وأعضاء من حزبها ممن تعرضوا للاعتداءات في الندوة الصحفية يوم امس، هو انهم تلقوا هدية في سيدي بوزيد وهم في طور استثمارها، في محاولة لاستنساخ ما حدث من 2012 الى غاية 2013 مع حركة نداء تونس. اذ تعرضت الحركة في تلك الفترة لاعتداءات عدة ساعدت على توسيع قاعدة أنصارها وناخبيها الذين تشكلت لهم صورة ذهنية تتمثل في ان النداء هو الوحيد القادر على مواجهة النهضة ولهذا فان الاخيرة تستهدفه.

ثنائية يريد الدستوري الحر احياءها مع تعديل في الطرفين المتصارعين، ففي الجهة الاولى هناك الأشرار وهم بدرجة اولى كل من حركة النهضة والجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي، ثم في مستوى آخر حلفاء هذه الأحزاب والقصد الشاهد وحكومته. هؤلاء الذين يمثلون منظومة ما بعد الثورة وفق تحليل موسي للحد من خطرهم على البلاد يجب ان تبرز قوة مناقضة.
هذه القوة هي الحزب الدستوري الحر باعتباره امتدادا لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وهذا الربط الهدف منه الإيحاء بان العودة لما قبل الثورة ممكنة، أي العودة الى «كل شيء بخير» ممكنة شريطة التصويت للدستوري الحر الذي سيقوض منظومة الثورة ومعها ينهي وجود الإسلام السياسي في المشهد السياسي التونسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115