حركة النهضة والتحذير من خطر انتكاسة الانتقال الديمقراطي: خطاب للاستهلاك «الحزبي» والخارجي

خلال الأيام الماضية أعادت حركة النهضة وخاصة رئيسها راشد الغنوشي إحياء خطاب التحذير من انتكاسة

تهدد الانتقال الديمقراطي في تونس . خطر يتجسد في عدم استكمال المحكمة الدستورية وعدم اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدهما. خطاب له اكثر من جهة يرسل اليها ووفق متلقيه يحدد قصد الحركة منه.
نهاية الاسبوع الفارط قام رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بعدة زيارات في ولايات الجنوب التونسي، في اطار نشاط حزبي يتمثل في تجديد هياكل الحركة. لكن الرجل لم يفته في هذه المناسبات ان يلقي بخطابات التقت مضامينها في عدد من النقاط من بينها التحذير من وجود اطراف تسعى لاستهداف الديمقراطية التونسية.
ديمقراطية قال الغنوشي في تصريحات اعلامية نقلتها عنه «اذاعة شمس اف ام» انها مهددة بوجود محاولات لقطع الطريق عليها، وان هذه المحاولات مصدرها أطراف لا ثقة لها بالشعب التونسي ولا في انفسهم ويخشون الانتخابات لانها «ستهينهم»، وفي تصريحات اخرى يقول الغنوشي ان الثورة في طريقها لتحقيق أهدافها، واحد هذه الأهداف هي الحرية التي ستتحقق نهائيا باستكمال تركيبة المحكمة الدستورية وانجاز الانتخابات في موعدها.

هذا الخطاب الذي عادت اليه النهضة نهاية الاسبوع الفارط، المعني به بدرجة اساسية هم ابناء النهضة وانصارها، اذ تريد قيادة الحركة ان تشاطرهم هواجسها بان فرضية العودة الى ما قبل 2011 واردة، وستظل كذلك الى حين دعوة رئيس الجمهورية الناخبين للتصويت، والتي من المفترض ألا يتأخر توجيهها عن 6 من جويلية القادم.
اشهر ثلاثة سيقضيهم قادة النهضة وانصارها في تذكية الخشية من الانتكاسة والتخلي عن الديمقراطية بهدف تجييش منخرطيها للالتفاف حولها والاهم تجييش القاعدة الانتخابية للحركة بالربط بين مساعي ضرب الهوية التونسية، وفق صياغة الحركة، عبر ضربها واقصائها من المشهد.
اقصاء يجد النهضاويون صدى له يتردد في خطابات عدد من السياسيين وابرزهم عبير موسي التي تقدمت هي وحزبها في نتائج سبر الاراء بفضل خطابها المناهض للثورة وللنهضة، خلال الاشهر الفارطة وباتت من الخماسي الاول.

تصاعد حدة الخطاب المعادي للنهضة مع تتالي الملفات المثارة ضدها، على غرار ملف الجهاز السري الذي اثير من جديد في اجتماع مجلس الامن القومي وعملية التدقيق المالي الذي تجريه دائرة المحاسبات منذ فيفري الفارط، كلها تتقاطع لترفع من هواجس النهضة من انها تتعرض لهجوم يستهدفها.هجوم تدرك الحركة انه لن يحدث ولكنها تستغل المؤشرات الموحية به لترتب بيتها الداخلي والانطلاق في تجييش انصارها وناخبيها.

تجييش هدفه الحيلولة دون الانتكاس والعودة الى القمع والسجون والاستعداد للانتخابات والفوز بها، وهذا مناط بالناخبين والانصار والمنخرطين، اما ضمان اجراء هذه الانتخابات فهو حرص الحركة وقادتها عليها، والحرص هنا هو ايضا من ادوات التسويق التي تستعملها النهضة لتقنع المجتمع الدولي بانها هي ضامنة الديمقراطية في تونس.
فالحركة تقدم على انها اشد الحريصين على احترام الاجال الدستورية لاجراء الانتخابات وتركيز الهيئات الدستورية واحترام مؤسسات الدولة وتطبيق مبادئ الثورة والتوافق لتسيير البلاد، وعدد من المفاهيم التي تستعملها الحركة لابراز هذه النقطة وتثمينها.

هذا الخطاب القائم على التحذير من مخاطر تهدد الديمقراطية يراد به ايضا الضغط على رئاسة الجمهورية والتلميح الى ان عدم انجاز الانتخابات فرضية لا يمكن ان تتحقق الا ان رفض الرئيس توجيه دعوة للناخبين، وبذلك يكون هو المسؤول عن ضرب الانتقال الديمقراطي وليس الحركة.

في السياسة خطابات التسويق جزء هام في العملية، ولكنها ايضا عنصر اساسي لفهم كيف «يفكر» الفاعل السياسي وما هي مخاوفه ومطامحه، وفي السياق الراهن لا شيء يرعب النهضة اكثر من تاجيل الانتخابات والتعذر بعدم استكمال المحكمة الدستورية، فهذا بالنسبة لها بداية حقبة استهداف لها لن يحول دون انطلاقها غير اجراء انتخابات تثبت الحركة في المشهد التونسي كلاعب اساسي والاهم تحقق لها المصالحة مع الدولة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115