حركة النهضة ومبادرة المساواة في الميراث: التحفظ مبدئيا في انتظار نتائج النقاشات والتفاعل مع التعديلات

انطلقت أمس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب في جلسات الاستماع حول مشروع القانون الأساسي المتعلق

بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية وأساسا الباب السابع المتعلق بالمواريث، انطلاقا من مبادرة رئيس الجمهورية حول المساواة في الميراث، والبداية كانت مع الجهة المبادرة أي ممثلين عن رئاسة الجمهورية: الوزير المستشار الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الأزهر القروي الشابي والناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، مبادرة دافع عنها رئيس الجمهورية حتى خارج تراب الجمهورية التونسية وآخرها كانت خلال مشاركته في «الجزء رفيع المستوى» للدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، حيث أكد في كلمته أنه بادر بتقديم مقترح المساواة في الميراث بين الرجال والنساء مواصلة للتوجه الإصلاحي والحداثي الذي يميز المجتمع التونسي عبر تاريخه ومواكبة للمكانة المتميزة التي تحتلها المرأة فيه ومساهمتها الفاعلة في اقتصاده وفي أمنه الاجتماعي.

كما شدّد رئيس الجمهورية على أن حقوق الإنسان مترابطة وغير قابلة للتجزئة معتبرا أنه لا ديمقراطية بدون مساواة ولا تنمية حقيقية بدون القضاء على التمييز بين الرجل والمرأة، موضحا أنه طرح المبادرة بكل مسؤولية واقتناعا منه بأنها تتماشى مع نص الدستور وروحه وتتلاءم مع فلسفة ومبادئ حقوق الإنسان، مؤكدا أن اعتمادها سيشكل نقطة تحول جديدة في تاريخ تونس الحديث، «كدولة مدنيّة، تقوم على المواطنة، وإرادة الشّعب، وعلويّة القانون».

تصور آخر لمصلحة البلاد
لئن عبرت أغلب الكتل البرلمانية عن موقفها الداعم لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث فإن حركة النهضة مازالت متحفظة على المشروع وتنتظر مدى التفاعل مع التعديلات الضرورية للنسخة المقدمة لتعلن عن موقفها النهائي، وحسب تصريح رئيس الجمهورية خلال ندوة صحفية عقدها بمقر مجلس حقوق الإنسان بجنيف، في تعليق له على موقف حركة النهضة المتحفظة عن هذه المبادرة « اتخذت هذه الخطوة في مصلحة البلاد، والنهضة لها تصور آخر لمصلحة البلاد ». وأكد من جهة أخرى أن هذه المبادرة التي ترجمت في مشروع قانون تعد تواصلا لما أنجزه زعماء و بناة الدولة الحديثة ولاسيما الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة الذي لم يلق وقتها دعما عندما أقر إصلاحات تتعلق بوضعية المرأة والعائلة والتي تجسمت في مجلة الأحوال الشخصية، وفق تعبيره. وأضاف أن هذه المبادرة التي تتنزل في التمشي الديمقراطي لا تتعارض مع القراءة الصحيحة للنص القرآني والمفهوم الصحيح للإسلام، وتعد خطوة إصلاحية تتلاءم مع مقتضيات الدستور الذي اقر المساواة بين الرجل والمرأة باعتبار أن تلك جزء من حقوق الإنسان الشاملة.

موقف سياسي
سعيدة قرّاش الناطقة باسم رئاسة الجمهورية أكدت من جهتها أنّ اعتراض حركة النهضة على مبادرة رئيس الجمهورية حول المساواة التامة في الميراث بين المرأة والرجل هو موقف سياسي باعتبار أنّها تريد احتكار تمثيلية الدين وأن تبقى هي المرجع الوحيد لتأويله والدفاع عنه وعدم السماح لأي حزب آخر أو أي طرف آخر فكري بإبداء رأيه في الدين الإسلامي. وأضافت في تصريحها للإذاعة الوطنية أنّ معركة النهضة في هذه المسألة ليست تشبّثا بالدين وخوفا عليه وإنّما لاعتباره عنصر استقطاب للقواعد داخل المجتمع التونسي، مشيرة إلى غياب ومحدودية الثقافة في الاطلاع على الموروث الفقهي الإسلامي. وأكّدت سعيدة قرّاش أنّ التوجه الحالي للكتل النيابية داخل مجلس نواب الشعب هو مع التصويت لفائدة مبادرة المساواة في الإرث حسب ما بيّنته تصريحات مختلف القوى السياسية الممثّلة في البرلمان على حد قولها.

مشروع محكوم بحدين
الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري أكد لـ«المغرب» أن الحركة ستناقش مشروع المساواة في الإرث في إطار مرجعية الدستور، مشيرا إلى أن الحركة ستحدد موقفها على ضوء المناقشات ومدى التفاعل مع مختلف التعديلات، ذلك أن مشاريع القوانين التي تعرض على مجلس نواب الشعب تطرأ عليها العديد من التعديلات، وبطبيعة الحال لن تخالف الحركة أحكام الدستور وستناقشه في إطار القانون والهوية العربية للشعب وكل ما يخدم فكرة تعزيز المساواة فإن الحركة تدعمه ولكن هذا المشروع سيظل محكوما بحدين، الأول مدى احترامه لأحكام الدستور وخاصة الفصل الأول والحد الثاني يكمن في احترامه لخصوصية الهوية العربية الإسلامية للشعب، مشددا على أن موقف الحركة يتحدد حسب نتائج النقاش خلال لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية وكذلك الجلسة العامة، وحاليا مازالت اللجنة في طور الاستماع إلى الجهة المبادرة أي رئاسة الجمهورية في انتظار الاستماع لكل الجهات ذات العلاقة وكذلك أهل الرأي في البلاد في هذا الموضوع وبعد الانتهاء من كل هذه المراحل تعلن الحركة عن قرارها النهائي.

لا مساس بالنص القرآني
حسب الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية فإن القاعدة التي يتضمنها مشروع القانون تطبق المساواة في الميراث في حين أن الاستثناء يهم الأشخاص الذين يرفضون الدخول تحت هذا القانون ولهم حرية التوجه إلى العدالة وتحرير حجة الرغبة في البقاء تحت مفعول مجلة الأحوال الشخصية وخصم التركة حسب الأنصبة المنصوص عليها في المجلة، قائلا إن هذا الخيار يتيح حرية عدم تطبيق القانون والإعلان عن هذه الرغبة قبل الوفاة، ليشدد على انه لم يتم المساس بالنص القرآني بدليل إعطاء حرية الاختيار بين البقاء تحت مجلة الأحوال الشخصية أو تطبيق ما سيرد بقانون المساواة في الميراث.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115