المرات السابقة الخبر كان «مقتله في غارة»، هذه المرة كانت في مالي. خبر كان ليمر كغيره لكن نشر حسابات معروفة بارتباطها بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وأخرى تابعة لجماعة أنصار الإسلام والمسلمين نعيا سرعان ما حذف، جعل من موت ابو عياض للمرة الخامسة ممكنا.
في الساعات الـ48 الفارطة تعددت التقارير الإعلامية التي تتناول خبر مقتل ابو عياض زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور منذ 2013، مستندة الى ما نشره موقع «مجموعة (سايت) للاستخبارات»، والتي تقدم نفسها على انها «معهد البحث عن الكيانات الإرهابية الدولية» مختص في تتبع اخبار الجماعات الجهادية والإرهابيين.
خبر نشره الموقع يوم الثلاثاء الفارط بالتزامن مع نشر وزارة الدفاع الفرنسية لبيان اعلنت فيه عن قيامها بعملية عسكرية ضد أتباع جماعة أنصار الإسلام والمسلمين الموالية لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وأعلنت عن مقتل الرجل الثاني في الجماعة جمال عكاشة المكنى بـ«يحيي ابو الهمام».
«ابو الهمام» وهو موفد زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الى مالي منذ 2011 وكلف في 2016 بمهمة تجنيد انصار جدد لتنظيمه هناك والسعي مع بقية الفصائل المتشددة المسلحة للتنظيم للانصهار في جماعة واحدة، وهو ما تم في مارس/افريل 2017، بانصهار اربع مجموعات في جماعة أنصار الاسلام، التي تزعمها «إياد أبو الفضل»/ إياد اغ غالي» ويضم مجلسها كلا من و«ابو عبد الرحمان» و«حسن الانصاري» و«ابو الهمام» و«محمد كوفا» .
موقع «مجموعة سايت للاستخبارات» نشر خبر مقتل يحيي ابو الهمام وأضاف اليه خبر مقتل ابو عياض التونسي زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور، وهذا ما تلقفه الإعلام التونسي وتداوله خلال الساعات الفارطة.
خبر كان ليمر كما الأخبار التي سبقته، وتعلقت بمقتل ابو عياض في أكثر من غارة تمت على الأراضي الليبية، لكن نشر مواقع وحسابات مرتبطة بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وبجماعة أنصار الإسلام والمسلمين للخبر ولنعي، سرعان ما حذف دون تحديد الأسباب، رجح قليلا فرضية مقتله.
فرضية ان اعتمدت تستوجب الإجابة عن سؤال ماذا يفعل ابو عياض في مالي؟. فالرقم 1 في قائمة المطلوبين لقضايا إرهابية، كان اخر ظهور علني له في اواخر 2014 قبل ان يختفي اثر مقتل محمد الزهاوي، مؤسس تنظيم أنصار الشريعة بليبيا، في مواجهات مع قوات حفتر في أكتوبر من ذات السنة. وظل ابو عياض متواريا عن الأنظار بشكل كلي الى حين العثور على تسجيل فيديو في هاتف احد أعضاء مجلس شورى ثوار بنغازي في 2016، يظهر فيه ابو عياض ينعى الزهاوي.
يومها برزت اشارة الى ان مؤسس أنصار الشريعة بتونس قد انتقل الى الحدود الليبية التشادية، والسبب يعود الى عدة تحركات وأحداث عاشتها الجماعات الإسلامية المسلحة في ليبيا منذ 2014 الى غاية 2016 فرضت على ابو عياض بعد فقدان «حمايته» النزول الى الحدود للالتحاق بجماعات موالية لتنظيم انصار الشريعة بليبيا او قريبة منها.
التحاق معه خبا اسم ابو عياض ولم يعد الا في شكل أخبار تتحدث عن مقتله وقد تكررت هذه الأخبار دون ان تدفع بالرجل او أنصاره الى الظهور او نشر تسجيل يعلن فيه عن وجوده، وهذا استمر حتى مع توجيه دعوة من قبل عبد الملك دودركال للموالين للقاعدة بالتوجه الى مالي.
دعوة لا يعلم بعد ان كان ابو عياض قد استجاب لها ام انه رفضها على خلفية رسالته التي وجهها الى زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري في اوت 2014 وتضمنت نصيحة» بمبايعة ابو بكر البغدادي زعيم تنظيم «داعش» الارهابي لتجنب انقسام الجماعات الجهادية ومنع الشق المغالي كما وصفه من السيطرة على الخلافة.
رسالة لم تكن مقتصرة فقط على الظواهري بل وجهت الى 5 من زعماء القاعدة الاقليميين من بينهم «اياد ابو الفضل» زعيم جماعة انصار الاسلام والمسلمين الحالي و «ابو بكر الشكوي» زعيم تنظيم بوكو حرام بنيجريا الذي كان المستجيب الوحيد لنصيحة ابو عياض وبايع البغدادي في 2015.
نصيحة جعلت ابرز قادة القاعدة بتونس محل «سخط» وغضب من قبل بقية التنظيم وهذا يفسر سبب فقدانه للحماية من قبل الجماعات الموالية للقاعدة بليبيا، لكن النصيحة لم تجعله معزولا في التنظيم الارهابي، فابو عياض ابرز انه استشار زعيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي بشان مضمون النصيحة قبل توجيهها للظواهري وان الأول بارك له ولم يكن الوحيد بل معه محمد الزهاوي زعيم انصار الشريعة بليبيا، الذي قتل في 2014.
استشارات لكل من عبد الملك دودركال و«اياد ابو الفضل» قد تكون هي مفتاح الإجابة عن وجود ابو عياض في مالي بعد 5 سنوات من اختفائه، اجابات يبدو ان جيوب التنظيم الإرهابي في تونس ستبحث بدورها عن إجابة لها بعد ان تجد لنفسها «زعيم» جديدا سواء أكان ابو عياض حيا ام ميتا.