لهذا فقد خيرت أن تنحصر النقاشات بينها وبين الثلاثي، مشروع تونس والمبادرة الدستورية الديمقراطية والبديل التونسي، بهدف صياغة تحالف يجمعهما لخوض الاستحقاقات الانتخابية، وهذا مرهون بمدى نجاح الرباعي في تجاوز «مطبات» محددة.
قبل أن يرى النور كان كل من يتحدث باسم المشروع السياسي الجديد، يحرص على الإشارة إلى أن هدفهم ليس فقط تكوين حزب جديد، بات له اليوم اسم «تحيا تونس»، بل أن يوحدوا العائلة الوسطية سواء في حزب أو جبهة سياسية انتخابية، تجمع بينهم وبين أحزاب يصفونها بالقريبة منهم ومن عائلتهم.
موقف عبر عنه بشكل واضح وصريح سليم العزابي المنسق العام لحركة «تحيا تونس» واكد انه وليد لتمشي «مدروس» مفاده العمل مع الأحزاب الثلاثة المذكورة سابقا من اجل «توحيدها» او العمل معا. خيار ممكن. نظرا إلى ان الأحزاب الأربعة وفق العزابي «تتكامل على مستوى القيادة والبرامج» مع ميزة يختص بها كل من مشروع تونس والمبادرة، وهي تجربة الحكم التي تجمعهما بـتحيا تونس، وهذه التجربة يشدد كل من الثلاثي على ان لها «فائدتها».
هذا التقارب المزمع بلوغه بين حزب رئيس الحكومة والأحزاب الثلاثة القريبة منه، هدفه الأساسي بلوغ الانتخابات بشكل موحد، سواء أكان انصهارا أو اندماجا او جبهة، من اجل تحقيق شرط يعتبره الرباعي، تحيا تونس والمشروع والمبادرة والبديل، أساسيا لتعزيز حظوظهم في الاستحقاقات القادمة.
ولكل طرف منهم قراءته لهذا الشرط، فـ«تحيا تونس» التي ترغب ان تنصهر فيها بقية الأحزاب لتوليد دفعة جديدة تقدمها على أنها «حركة كبيرة» حتى وان كان تأسيسها الرسمي خلال أشهر قبل الانتخابات، كما ان الانصهار سيجنبها هزات «الجبهات».
لكن ما يرغب فيها أنصار المشروع السياسي الجديد لا يجد صدى له مع البقية، فالثلاثي المعني بالتفاوض مع حركة تحيا تونس بهدف تقارب/عمل مشترك حريصون على ان لا ينتهي بهم المطاف منصهرين في الحزب الجديد وإن تعالت اصوات من داخلهم تدعو لذلك، على غرار مشروع تونس.
فالمشروع الذي يلتقي مع تحيا تونس في نقطة «الانسلاخ» عن النداء يشقه موقفان، الاول وهو ليس الاغلبي، يقوم على الانصهار، وعلى النقيض منه الموقف الاغلبي الذي يقول بالتحالف والعمل الجبهوي مع الحفاظ على «كيان الحزب»، ويدافع عن هذا الموقف باستماتة ويعتبر ان الانصهار سيكون مكلفا سياسيا وانتخابيا. في حين أن العمل الجبهوي والتحالف الرباعي سيمكن كل حزب من هامش تحرك ومناورة سواء في الانتخابات القادمة او بعدها.
ذات الحجج وان بصياغات مختلفة يتبناها البديل والمبادرة، ولكنهما افضل حالا من المشروع فكل ابناء الحزب وقادته لهم خيار واحد وهو التحالف السياسي والانتخابي، وهذا مردّه ان الحزبين يخشيان ان يقع «ابتلاعهما» في عملية الانصهار، وهذا مرجح بالنظر الى الاوزان والتوازنات القائمة.
خيار التحالف الذي قد يجمع الاحزاب الثلاثة بتحيا تونس، هو المصير المرجو بالاستناد لقراءاة كل طرف منهم او غايته، فالمحدد هنا ليس البرامج بل الانتخابات و»الزعامة» حتى وان كانت «شبه محسومة» لصالح يوسف الشاهد ان قرر الترشح للاستحقاق الرئاسي، فانها لم تحسم بين «زعامات» هذه الاحزاب الثلاثة وبين «قيادة» تحيا تونس ومنهم سليم العزابي.
فرئيس الحكومة الاسبق المهدي جمعة والوزير الحالي في حكومة الشاهد كمال مرجان، هما من بين المرشحين «المحتملين» للرئاسية ولن يقبلا بالتنازل عن الترشح لصالح مرشح «موحد»، دون تعويض مجزيا، قد يكون احدى الرئاستين المتبقيتين، رئاسة الحكومة او البرلمان.وهنا التنافس لن يكون مقتصرا عليهما بل قائمة المراهنين على هذين المنصبين صلب الاحزاب الاربعة والاخص تحيا تونس، تتضمن اسماء عدة.
هنا ايضا هذا التنافس على «المواقع القيادية» في السلطة التنفيذية او التشريعية لن يكون هو فقط «المطب» الصعب الذي يجب ان يقع اجتيازه للوصول الى تحالف انتخابي، فهناك مطلب اكبر من مطب الزعامة وهو «رئاسة القائمات التشريعية» والمواقع الثلاثة الاولى في كل قائمة.
هنا سيبرز الخلاف ويحتدم ، فقادة الصف الاول والثاني ونواب البرلمان، وأربعتهم لهم نائب على الاقل، لن يستسيغوا ابعادهم من «الرهان» بيسر، لهذا فالصراع على المواقع الثلاثة الاولى في القائمات الانتخابية سيكون محتدما بين حوالي 60 نائبا، من جانب وبين الوجهاء في الجهات والقيادات الوسطى في الاحزاب من جانب آخر صراع قد يؤدي الى «حرب» الاخوة وفشل التجربة قبل بدايتها.