مشروع قانون الطوارئ: جبهة الرفض تتوسع... فهل يقع تعديل الفصول الخلافية ؟

منذ ايداعه بمكتب الضبط بمجلس نواب الشعب، يكاد لا يمر أسبوع دون أن يصدر موقف مناهض لمشروع قانون الطوارئ

المقدم من قبل رئاسة الجمهورية، وسبب الاعتراض عليه هو الصلاحيات «الواسعة» الممنوحة للسلطة التنفيذية ممثلة في وزير الداخلية والوالي. وآخر هذه الانتقادات صدرت عن «هيومن رايتس ووتش».
يوم امس انضمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الى قائمة المنظمات والجمعيات الرافضة لمشروع قانون الطوارئ، والتي طلبت من مجلس نواب الشعب التخلي عن المشروع او على الاقل مراجعته جذريا، وكلها تلتقي في اسباب الرفض وهو «منح السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة لتقييد الحقوق وفرض الإقامة الجبرية وتعليق عمل الجمعيات» كما عللت هيومن رايتس في بيانها.

بيان صدر يوم أمس ليكرر ما أعرب عنه تحالف من الجمعيات والمنظمات الوطنية من قبل، وهو أن مشروع القانون يزيد من «الصلاحيات الواسعة الموكولة للسلطات» بما يسمح بتقييد حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والتنقل، دون موافقة قضائية مسبقة.
فالانتقادات التي تصاعدت ضد مشروع القانون تعلقت اساسا ببابه الثاني المعنون بـ«الاجراءات المرتبطة بحالات الطوارئ» والتي تتضمن 8 فصول من اصل الفصول الأربع والعشرين والتي حددت دوافع الإعلان عن حالة الطوارئ ومدتها والجهات المكلفة بتنفيذ ومعاقبة المخالفين.

مشروع قانون منح في بابه الثاني صلاحيات للوالي ووزير الداخلية تسمح لهما بمنع الإضرابات والمظاهرات التي تُعتبر خطرا على النظام العام، وفرض الإقامة الجبرية على كل شخص يتعمد ممارسة نشاط من شأنه تهديد الأمن وتعليق نشاط الجمعيات لمجرد الاشتباه في مشاركتها في «أفعال مضرة» دون مراجعة قضائية مسبقة.
وهذه احدى النقاط التي يرتكز عليها لنقد المشروع الذي كان يسمح بتعليق الحقوق الاساسية اذ ما قدرت السلطة التنفيذية ان فيها «خطر» دون ان يقع تحديد من اين يبدأ واين ينتهى هذا الخطر. اذ ينص الفصل الثاني من مشروع القانون على « يمكن الإعلان عن حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية أو بجزء منه في حالة حصول أحداث تكتسي خطورتها صبغة الكارثة أو في حالة خطر وشيك يهدد الأمن والنظام العام وسلامة الأفراد والمؤسسات والممتلكات والمصالح الحيوية للدولة».

هذا الفصل من الباب الاول للمشروع المتعلق بالاحكام العامة، يمكن رئيس الجمهورية وبعد استشارة رئيس الحكومة ومجلس الامن القومي من اعلان حالة طوارئ على كامل تراب الجمهورية او جزء منه لمدة 6 اشهر قابلة للتمديد بثلاثة اشهر اضافية.
وان اعلنت حالة الطوارئ وفق ما ينص عليه مشروع القانون فان «الوالي» يمنح جملة من الصلاحيات الواسعة تمكنه من اتخاذ جملة من الإجراءات في نطاق مرجعه الترابي مثل منع تجول الأشخاص والعربات، وتنظيم إقامة الأشخاص أو «تحجيرها»، وتسخير الاشخاص والممتلكات لضمان حسن سير المصالح الجهوية .

ويمكن للوالي، وفق الفصل الخامس من مشروع القانون اخذ قرار غلق مؤقت للقاعات المخصصة للعروض والاجتماعات العمومية والمحلات المفتوحة للعموم، ومنع الاجتماعات والتجمعات والمظاهرات التي من شأنها أن تشكّل خطرا على الأمن والنظام العام.
وليس الوالي فقط من منحه المشروع صلاحيات غير مقيدة ولا مرتبطة بمراجعة قضائية بل منحت ايضا لوزير الداخلية الذي يمكنه مشروع القانون من إصدار قرارات إخلاء بعض المناطق أو عزلها، وتسخير الأشخاص والممتلكات لضمان حسن سير المرافق العمومية والأنشطة الحيوية.

ويسمح مشروع القانون للوزير بأن يضع تحت الإقامة الجبرية كل شخص يتعمد ممارسة نشاط من شأنه تهديد الأمن والنظام العام، كما يسمح له بالاطلاع على مراسلاته واتصالاته وحجز جواز سفره وإخضاعه للمراقبة. ولا تقف الصلاحيات الممنوحة وفق الفصول 6.7.8.9.10 و11 من القانون بإصدار قرار تفتيش جميع المحلات، باستثناء المقرات السيادية، ويشمل هذا النفاذ إلى الأنظمة المعلوماتية وجميع الأجهزة الإلكترونية والرقمية الموجودة بالمكان.

هذا المشروع على اهميته، يشكو جملة من الهنات التي قد تمكن اية سلطة تنفيذية من النزوع الى الاستبداد، فقراراتها واجراءاتها في مجملها غير خاضعة للرقابة القضائية القبيلة بل في افضل الحالات يقع اعلام وكيل الجمهورية بالقرارات المتخذة.
«اعلام» لا يقترن بسلطة المنع الا في حالة وحيدة نص عليها الفصل الثامن في فقرته الثالثة المتعلقة باعتراض المراسلات والمكالمات، حيث منحت وزارة الداخلية مهلة بثلاثة ايام لتعلم وكيل الجمهورية والذي له اتخاذ قرار وقف الاجراء.

ما يعاب على هذا المشروع غياب الدقة في المصطلحات والمفاهيم المعتمدة في فصوله، مما يسمح للسلطة التنفيذية بتأويل المفاهيم وفق ما تراه مناسبا ومنها «الخطر الوشيك» الذي لم يعرّف او يحدد بل ترك على اطلاقه. اي ان هذا المشروع يمنح سلطة تقديرية مطلقة للاجهزة التنفيذية، ممثلة في رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية والوالي، دون ان تكون مقترنة برقابة تشريعية او قضائية قبلية او بعدية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115