القيادي بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي لـ«المغرب»: الغنوشي أكد أنه غير معني بالترشح للرئاسيات والحركة لن تكرر تجربة سنة 2014

لم تمر تصريحات وانتقادات المستشار السياسي لحركة النهضة لطفي زيتون دون أن تحدث جدلا كبيرا سواء في الساحة السياسية

أو على مستوى الحركة في حدّ ذاتها، حتى أن العديد من المواقع تداولت خبر تجميد المكتب التنفيذي المجتمع أول أمس لعضوية زيتون وهو ما نفته قيادات الحركة، وبالنسبة إلى تصريحات زيتون فقد أكد الناطق الرسمي للحركة عماد الخميري أن المقاربات التي عبّر عنها المستشار السياسي للحركة هي «مقاربات شخصيّة»، داعيا قادة الحزب إلى الالتزام بالمواقف الرسمية والتعبير عنها. أمّا بخصوص تسريب بعض مداولات مجلس شورى النهضة الأخير، قال الخميري إنها حادثة معزولة وأنّ مكتب مجلس الشورى شكّل لجنة في الغرض للتحقيق في الموضوع وإنارة الرأي العام حين اكتمال أعمالها .

حسب بيان المكتب التنفيذي لحركة النهضة الصادر أمس فقد دعت الحركة قادتها والمتحدثين باسمها، إلى الالتزام والتعبير عن المواقف والسياسات الرسمية لها ، ولاحظت أن أغلب مؤسسات الحركة تعرف حوارات معمّقة تنتهي إلى بلورة المواقف الأكثر تعبيرا عن الضمير الجمعي لمناضليها وأنصارها ولتطلعات الشرائح الاجتماعية التي تمثلها. كما أعربت عن اعتزازها بما يدور داخل الحركة من آراء ومواقف فكريّة وسياسيّة وما يجري على هامشها من نقاشات وجدل وحوارات تمثل عامل إثراء وتطوير لتوجهات الحركة ومواقفها منذ انبعاثها .

زاوية وقوع مخالفات
القيادي بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي أكد لـ»المغرب» أن مسألة تجميد عضوية لطفي زيتون لم تطرح بتاتا في المكتب التنفيذي من زاوية وقوع مخالفات، فبالنسبة للحركة ليس لها حجر على الآراء والمواقف وبالتالي لا تنظر لتصريحات زيتون من زاوية المخالفات التنظيمية، والتنظيمات تبدأ نهايتها عندما يتم اللجوء إلى القانون والعقاب من أجل تحديد مساحات رأي وفي هذا الصدد ليس هناك تعامل قانوني تأديبي مع هذا الموضوع والسؤال المطروح هل أن كل ما صرح به لطفي زيتون متفق عليه لاسيما وأنه تطرق إلى عدة قضايا ذات مستويات متعددة، فعلى المستوى الفكري ما عبر عنه على الأغلب موقفه الشخصي لكن وهو في حقيقة الأمر الرأي العام المشترك للحركة ونخبتها وما عبرت عنه لوائحها وخاصة لوائح المؤتمر العاشر في اللوائح التقييمية التي تقيم أداء الحركة وعلاقتها بالمجتمع وبالدولة وبالشركاء أو اللوائح ذات الطابع الفكري المتعلقة بتفسير معنى المرجعية الإسلامية في الفضاء السياسي أو المسائل المتعلقة بالقضايا ذات الطبيعة التنظيمية.

التحالفات والخيارات السياسية
بالنسبة للخيار السياسي والتحالفات والهندسة السياسية ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، قال الجلاصي توجد وجهة نظر عبر عنها لطفي زيتون وهي وجهة نظر محترمة عبرت عن نفسها داخل المؤسسات ومن حق أصحابها التعبير عنها كوجهة نظر خاصة لكن الحركة لا تجد نفسها في زاوية الاختيار، إما مع رئيس الجمهورية أو مع رئيس الحكومة، لكن زاوية النظر أكثر اتساعا والتحالفات السياسية للحركة مرتبطة بحجمها الانتخابي، فهي طرف مؤثر ولا ترى في الوقت الراهن تغييرا قبل الانتخابات وهي أيضا مع ضرورة أن تستمع الحكومة والحركة ضمن مكوناتها إلى الأصوات المعارضة، أما تحالفات ما بعد الانتخابات القادمة فيرى الجلاصي أن هذه المسألة شأن آخر والحركة لا تضمن أن يكون لها نفس التأثير في البرلمان إذا أرادت أن تكون لها ذات حظوظ انتخابات 2014 فذلك يتحقق بالعمل الميداني إذا حصلت على تأثير مهم فإن الحركة ستتحالف من منطلق عقيدتها السياسية ولكن الأطراف المتحالف معها لا تحدد تباعا بل ستكون وفق ما يعطيه صندوق الاقتراع وكذلك استعدادات الأطراف الفائزة للتحالف والتشارك.

انتقال قيادي في المؤتمر القادم للحركة
وأضاف الجلاصي أن الحركة منفتحة على أوسع تحالفات ممكنة وفقا لما تعطيه صناديق الاقتراع للحركة وكذلك لمنافسيها وشركائها وكذلك وفق الاتفاق على برنامج حكم، مشيرا إلى وجود نوع من التخويف والانحياز نحو الدكتاتورية أو توظيف موارد الدولة ولكن لا أحد بإمكانه حتى وإن نازعته نفسه أن يستفرد أو يوظف موارد الدولة في غفلة من المحاسبة، مشددا على أن مرحلة الخلط بين الحزب والدولة قد تمّ تجاوزها في البلاد والشعب الذي ثار ضدّ الاستبداد لن يقبل بإعادة تلك التجربة، هذا وتابع الجلاصي قوله «أنا متفائل لوجود عدد من قيادات الحركة أصبحت تعبر عن وجهة نظر خاصة مع التزامها عند التنفيذ بالموقف الرسمي التي تعبر عنه مؤسساتها.. والدعوة موجهة للقيادات الوطنية للتعبير علنا عن وجهات نظر شخصية حتى يعرف التونسيون الفارق بين هذا المناضل وذاك وبين هذا الحزب وذاك..فهذا مهم بالنسبة لحركة النهضة خاصة وأن لها مؤتمر في ربيع سنة 2020 وينتظر أن يتحقق فيه انتقال قيادي، فالمهم أن يعرف مناضلو الحركة والرأي العام طريقة التفكير والمقاربات للعناصر القيادية الأولى حتى توجد خيارات قيادية متعددة يحسم بينها صندوق الاقتراع..».

الحركة ستنهي 50 سنة من عمرها في الأشهر القليلة القادمة
وفي تعليق على تصريح زيتون حول أنه من الضروري أن تقوم الحركة بجملة من الإصلاحات لاستكمال تحوّلها نحو حركة مدنية، قال الجلاصي إن الحركة مدنية وقد تمت مناقشة هذه المسألة طويلا وباستمرار والتحولات التي حصلت للحركة في السنوات الأخيرة بعد الثورة أعمق تحولات عرفتها في تاريخها وخلال الأشهر القليلة القادمة ستنهي الحركة 50 سنة من عمرها وخلال مسيرتها الكبيرة من النضال والممارسة وامتحان المواقع المختلفة والتجارب المتنوعة من عمل سري إلى جماعة تربوية دعوية إلى حزب سياسي احتجاجي إلى جماعات مقموعة إلى حزب يقود الحكم إلى حزب يشارك في الحكم إلى حزب يساهم في الحكم المحلي، تجارب تعطي دروسا متنوعة في مسيرة الحركة، وعملية الانتقال هي عملية عسيرة وشاقة لكن طريقها سالكة وكل قيادات الحركة متفقة على تجنب الازدواجية والتمييز بين فضاء الدولة والسياسة والفضاء المجتمعي والتمييز في تنزيل المحتوى الديني بين مجالات التصورات والعقائد والأخلاق ومجال التنافس السياسي، فالحركة قطعت خطوات في مسألة الانتقال إلى حركة مدنية وتدرك جيدا أنه مازالت أمامها خطوات أخرى.

لن تبقى على الحياد
وبالنسبة إلى الدعوة بعدم ترشح الحركة للانتخابات الرئاسية، أوضح الجلاصي أنه أثناء الدورة الأخيرة لمجلس الشورى تمّ التطرق إلى خطة الحركة لهذه السنة وموقفها من الانتخابات مع مزيد النظر في هذه المسألة في الدورة القادمة، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة قد أكد يوم 12 جانفي المنقضي أنه غير معني بالترشح للرئاسيات وعلى ضوء هذا المعطى فإن الحركة ستحدد هل سيكون لها مرشح آخر من داخل الحركة أم ستبحث عن شريك تتوافق معه حول برنامج الحكم وفي كل الحالات لن تبقى حركة النهضة على الحياد بمعنى عدم تكرار تجربة سنة 2014 حين فوضت القرار لضمير ناخبيها، فهي في كل الحالات ستتفق على شخصية إما من داخل الحركة أو من خارجها.
ويذكر أن لطفي زيتون كان قد دعا الحركة إلى ضرورة القيام بجملة من الإصلاحات، معتبرا أن الإصلاح هو استكمال تحويل النهضة إلى حركة مدنية. وأوضح لطفي زيتون في حوار له نشرته جريدة الشارع المغاربي أن النهضة يجب أن تهتم بإنجاز البرامج وتسيير الدولة وبناء الثقة مع الدولة وترك كل ما يتعلق بمهام المجتمع المدني والجمعيات سواء دينية أو ثقافية أو اجتماعية لمنظومة المجتمع المدني والاكتفاء بالعمل كحزب سياسي. كما أكد ضرورة تحرير حركة النهضة للإسلام، مبينا أن «تحرير الإسلام من الصراع الحزبي... والاقتناع نهائيا أن هذا الإسلام ملك للشعب التونسي...».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115