إليهم عبر المركزية النقابية التي منت النفس بقبولها وتجاوز الأزمة لتفادي تداعيات تضر بالمنظمة، لكن يوم أمس انتهى ولم تنته حالة الانتظار بعد قرار تعليق أشغال الهيئة والعودة للانعقاد اليوم، لتترك للامين العام نور الدين الطبوبي ساعات للتحرك واقناع القطاع بقبول ما قدمه له.
منذ الساعة الـ11 صباحا من يوم امس، انطلقت اشغال الهيئة الادارية القطاعية للتعليم الثانوي للنظر في ما تقدمت به الحكومة من مقترحات جديدة لتجاوز الازمة التي طالت وباتت تمثل تحديا للجميع، الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل الذي يخشى ان تستمر الأزمة وباستمرارها يفقد حاضنته الشعبية.
ساعات مرّت ثقيلة في الترقب والانتظار، رغم ان الهيئة انطلقت في ظلّ حالة من التفاؤل بتجاوز الأزمة بعد ان أعلنت وزارة التربية عن وجود مشروع اتفاق تم التوصل اليه بينها وبين الاتحاد والجامعة العامة للتعليم الثانوي، وان هذا الاتفاق سيذيل بالإمضاءات خلال ساعات قليلة، ليصبح رسميا.
لكن تفاؤل الوزارة وجزء هام من التونسيين بان الأزمة أصبحت من الماضي ذهبت ادراج الرياح، مع تقدم عقارب الساعة التي حملت معها تطورات جديدة ليست للأفضل، فالكاتب العام للجامعة الأسعد اليعقوبي دعا الأستاذة المجتمعين بساحة محمد علي، مقر الاتحاد، الى التوجه الى وزارة التربية والالتحاق باعتصام الأساتذة بها لليوم 19.
دعوة الالتحاق باعتصام الأساتذة، كرّرها مرشد ادريس عضو المكتب الجامعي للتعليم الثانوي، مع الاشارة الى ان هذه الدعوة تاتي بعد محاولات فض الاعتصام بالقوة العامة، ولكنها مرفوقة ايضا بتصريحات احيت الهواجس في نفوس التونسيين من الاولياء خصوصا.
فاليعقوبي لدى افتتاحه اشغال الهيئة الإدارية القطاعية شدد على إنّ التطور الوحيد في المقترحات التي قدمتها الحكومة هو أنّها ارتقت لتكون محلّ نقاش، أي انها لم تحمل الكثير للاساتذة ولكن يمكن مناقشتها لتقرير هل تقبل ام لا، وهو ما قاله لدى تاكيده على ان الهيئة الإدارية سيدة قرارها في قبول هذه المقترحات من عدمها.
«سيّدة نفسها» مع الاشارة الى انه لا يوجد اتفاق كما روجت وزارة التربية، معطيات جديدة أنهت حالة التفاؤل بانتهاء الازمة، ومع تتالي الساعات حل «الخوف» محله، فالمجتمعون ولاكثر من سبع ساعات ناقشوا قرارهم بشان مقترحات الوزارة التي اكّد حاتم بن سالم، وزير التربية على انها شملت كل النقاط المتعلقة بالمنح وبالترقيات وبالتقاعد وبميزانيات المؤسسات التربوية، وأن هناك اتفاقا بين وزارته والجامعة تم الوصول اليه في اللقاء الذي جمعه بكل من الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي والكاتب العام للجامعة الاسعد اليعقوبي.
نقاشات برز فيها موقفان، الاول يدعو لقبول ما تقدمت به الحكومة وانهاء الازمة والثاني ويبدو انه كان مدعوما من الاغلبية يرفض المقترحات ويتبنى التصعيد، لينتهى اليوم بقرار تعليق اشغال الهيئة على ان تستأنف اليوم في ذات الساعة، أي الـ11 صباحا، لاستكمال النقاشات، وهذا رفض «مقنع» للمقترحات وما تم الاتفاق بشأنه خلال الايام الفارطة.
قرار وان كان في ظاهره تجنب للتصعيد الا انه يحمل دلالة خطيرة، وهي ان الهيئة الادارية القطاعية تريد الضغط أكثر سواء على المركزية النقابية او وزارة التربية لتعديل المقترحات، أي فتح باب التفاوض من جديد، وتحسين بعض النقاط المتعلقة بالمنح وسن التقاعد، او أنّ الرفض سيكون رسميا وصريحا للمقترحات.
ضغط لا يبدو ان المركزية النقابية ستتقبله بصدر رحب، فهي ستستغل الساعات القليلة القادمة او المتبقية قبل عودة الهيئة الادارية القطاعية للانعقاد، لتضغط بدورها على اعضاء الهيئة لقبول المقترحات وتجنب جر الاتحاد لحرب مفتوحة مع جزء من التونسيين لن يتقبلوا «سقوط» مشروع الاتفاق.
مصير لا ترغب المركزية في ان تصل اليه ولن تسمح بحدوث هذا، حتى وان اقتضى الامر منها استعمال سياسة الترهيب لضبط الهيئة الادارية القطاعية للتعليم الثانوي التي بات جليا ان حسابات المؤتمر القطاعي في مارس القادم هي التي تحدد خياراتها وتوجهاتها لضمان انصار وناخبين.
لعب بالنار هذا ما يمكن ان يختزل قرار الهيئة الإدارية القطاعية، وهذه النار لن تكون «طيعة» بيد النقابيين لتحقيق ما يرغبون فيه، وقد يفرض هذا على المركزية «ضبط» قواعدها بكل الوسائل المتاحة لها، فماذا سيفعل الطبوبي لتجنب الأسوأ، وهو التصادم بين الاولياء الغاضبين والاتحاد.