مقابل مقاطعة الامتحانات» والهدف الواضح من هذا التمشي كسر «هيمنة» الجامعة على مفاصل التفاوض وفرض «مطالبها» بقوة التحرك الميداني. فاليوم الحكومة بدورها استعملت أولى ورقات الضغط التي نجحت في السابق مع نقابة التعليم الابتدائي.
ملف التعليم الثانوي وأزمته التي طالت وباتت تهدد بسنة دراسية بيضاء، رغم تعهدات كلا الطرفين بانهم «حريصون على نجاح السنة الدراسية»، لكن بشروط تتعلق بالقبول بما منح من قبل وزارة التربية او تحقيق المطالب الأساسية الثلاثة من قبل النقابة. شروط تسببت في فشل كل جلسات التفاوض التي بالكاد تنعقد لتنفض بعد دقائق وقد تفاقمت الأزمة ونقلتها لمربع جديد.
مربع اجبر المركزية النقابية على التدخل وبالمثل رئاسة الحكومة لإيجاد حل ولكن تدخلهما فشل وتعثرت جلسة الاثنين الفارط، ولاحقا تصاعدت حدة الأزمة والتوتر بين الوزير والنقابة. قبل ان تقرر الحكومة جدولة أزمة التعليم الثانوي في اجتماع مجلس وزرائها المنعقد أمس.
مجلس نظر في الأمر وانتهى إلى إصدار بيان جاء فيه انه إثر الاستماع إلى بيان حول الوضع التربوي بالمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية، واستعراض نسق تقدم المفاوضات مع الطرف الاجتماعي، فانه يشدد على ضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإرجاع الأمور إلى نصابها الطبيعي في أسرع الآجال وإنجاح السنة الدراسية والامتحانات الوطنية.
بيان ورد فيه تمسك الحكومة بالنأي بالمؤسسة التربوية والتلاميذ وأسرهم عن سير المفاوضات التي ترتبط بمطالب مهنية، ليعلن في اخر هذه الفقرة من البيان ان المجلس يوصي بضرورة تطبيق القانون في شأن مختلف الأعمال غير المنجزة والتجاوزات المسجلة.
نقطة تعلن فيها الحكومة أنها ستقتطع من أجور الأساتذة على خلفية عدم تأمين الدروس وإجراء الامتحانات وتسليمها للادارة، وهذا الاقتطاع سيشمل وفق الناطق باسم الحكومة اياد الدهماني، الثلاثي الفارط.
تطبيق يشدد الوزير والناطق الرسمي على انه منفصل عن جلسات التفاوض التي ستنعقد احداها غدا، وايضا شدد على ان تطبيق الاقتطاع سيستند الى المنصة الرقمية التي وضعتها الوزارة للاساتذة لتسليم الإعداد والى دفاتر الحضور، لتسجيل من تخلف ويقع الاقتطاع من مرتبه.
الية تعتبرها الحكومة مبررة وقانونية، باعتبار ان تصعيد النقابة لم يترك لها خيارا غير «تطبيق القانون» لاعادة الامور الى نصابها وانقاذ السنة الدراسية، هذا الخيار استبقته نقابة التعليم الثانوي باصدار بيان اثناء انعقاد المجلس جاء فيه تلويح من قبلها بالتصعيد ان وقع الاقتطاع من الأجور.
بيان دعت فيه الجامعة العامة للتعليم الثانوي الاساتذة إلى عدم الانخراط في المنصة الرقمية التي أطلقتها وزارة التربية لتنزيل أعداد التلاميذ ونتائجهم وكافة البيانات المتعلقة بالمراقبة المستمرة. وحجتها ان «المنصة تفتقد إلى أدنى ضوابط السلامة لحماية المعطيات الشخصية نظرا لسهولة اختراقها».
لاحقا واثر انتهاء اجتماع مكتبه التنفيذي دعا اتحاد الشغل الحكومة الى التعجيل بحل ازمة التعيم الثانوي واستئناف التفاوض لانقاذ السنة الدراسية. دون ان يتضمن البيان اية اشارة الى قرار المجلس الوزاري، الذي يبدو انه انتهى اثر صياغة بيان المركزية النقابية. قرار الحكومة بالاقتطاع، ليس الاول ففي السنة الفارطة اتخذ ذات القرار ونفذ على مراحل، لكن هذه السنة قد يكون الامر مختلفا وقد لا ينجح تدخل المكتب التنفيذي في تجنبه. فالحكومة باتت تدرك ان حل ازمة الثانوي لن يكون من خارج استخدام ورقات ضغط قوية على النقابة.
منها ورقة الاقتطاع، التي اعتمدت مع جامعة التعليم الابتدائي واتت ثمارها، واليوم تريد الحكومة ان تصطاد بها عصفورين، الاول انهاء تصعيد الاساتذة ودفعهم الى طاولة المفاوضات وهم تحت «نير الاقتطاع» الذي سيضعفهم ان طبق، وثانيها القطع مع «الخطوات التصعيدية» في السنة الدراسية المقبلة.