«تحيا تونس» المشروع السياسي الجديد: نجحت الخطوة الأولى فماذا بعد؟

لعلّ البعض لم يسمع من قبل باسم «روجر ستون» Roger Stone، رغم ان الرجل يعتبر من اهم رجال التسويق السياسي

وهو من وقف خلف ترامب منذ الـ80 وقاده ليكون رئيسا للولايات المتحدة الامريكية. بإتباع جملة من القواعد يبدو ان جماعة «تحيا تونس» قد اتبعوها وإن دون قصد، خاصة ان تعلق الأمر بثلاث من قواعد «ستون» العشر.
روجر ستون ذو الـ64 سنة، احد ابرز من يطلق عليهم الجمهور الأمريكي صفة «خبير السياسات الإستراتيجية» وهو تعريف للعاملين في جماعات الضغط التي كان ستون ابرز من جعلها «بزنس» وأسس شركة وظيفتها الضغط على الإدارة الأمريكية لصالح أنظمة دكتاتورية، بعد ان راكم تجربة وشبكة علاقات متشعبة اثر عمله في الحملات السياسية للحزب الجمهوري منذ 1970.

«امير الظلام» وهو احد القاب الرجل الذي ورد اسمه في تحقيقات وترغيت لدى مشاركته في حملة إعادة انتخاب الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1972، التي كانت اولى محطات بناء مسيرته المهنية كمستشار جمهوري يتقن فن الألاعيب السياسية فيما يتعلق بالانتخابات التي وضع من اجلها قواعده العشر.
هذه القواعد والرجل نفسه، ليس هما الحدث، وانما الحدث هو الاعلان يوم الاحد الفارط من المنستير عن تاسيس «تحيا تونس» من قبل انصار الشاهد رئيس الحكومة. لكن ما بين القصة الاولى والحدث علاقة عرضية قوامها ان اهل «تحيا تونس» دون وعي منهم، على ما يبدو، قد استعانوا اساسا بـ3 قواعد من قواعد ستون، وهي الاولى والثانية والثامنة.
الاولى وهي « it’s better to be infamous than never to be famous» وترجمتها «من الافضل ان تكون سيء السمعة على ان لا تكون معروفا» وقد طبقها عن غير قصد المؤسسون للمشروع السياسي الجديد، فالقوم اختاروا «تحيا تونس» كاسم لهم، وما ان اعلنوه حتى عجت الدنيا ضجيجا ضدهم، والسبب ان الاسم المختار هو عبارة يرددها الجميع كلما حلت بالبلاد ازمة او مصيبة واحيانا في لدى افراحها ومواسمها السياسية.

اتهامات بالسرقة وبقلة الابداع بل وغيابه هي ما تردد خلال الساعات الـ48 الفارطة، وبترددها علمت تونس برمتها، ان هناك حزبا سياسيا جديدا سيتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وان هذا الحزب قام اول امس الاحد بنشاط جماهيري. خبر انتشر والناس هاجموا الشاهد وانصاره، وبهذا طبقت اولى قواعد ستون، فبات الحزب معلوما للجميع دون ان يكلف ذلك اهله أي «مليم» في حملة اتصالية منظمة.

بل ان الخبر أحال عشرات الآلاف من متصفحي الانترانت إلى فيديوهات نشاط الأحد الفارط، والى الكلمات التي القيت وتصحف الأخبار المتعلقة بـ«تحيا تونس» للوقوف على مرجعية الحزب الجديد التي قال اهلها ان حزبهم ذو «مرجعية ديمقراطية وحداثية، تقوم على الفكر البورقيبي والفكر الإصلاحي التونسي، والتصدي لأي مشروع رجعي،» وهذا قول مصطفي بن أحمد رئيس كتلة الائتلاف الوطني، لدى تلاوته بيان المشروع السياسي.

بيان تضمن ان المشروع «يقطع مع التسلط والإسقاط ويعتمد الحوار والديمقراطية، ويقوم على علاقة أفقية تنطلق من القاعدة ويختار قياداته المحلية والجهوية والوطنية بالانتخاب، ويضمن المساواة بين كافة الجهات، ويعتمد على الخبرة والكفاءة في تسييرها، ويعمل من أجل تنمية اقتصادية شاملة وقطع دابر الفساد ومحاربة الإرهاب».

كما يقوم المشروع، على توحيد العائلة السياسية لحماية المكتسبات الوطنية وإعادة إشعاع تونس الدولي، ويؤمن بمبادي الجمهورية والديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية، والتمسك بالحركة التونسية الإصلاحية من خير الدين باشا مرورا بفرحات حشاد وصولا الى الحبيب بورقيبة، ويكرس الوفاء لشهداء الوطن ويتطلع لتحقيق طموحات الشباب في الرقي.
بيان لم يكن كافيا لمعرفة ماهية الحزب، الذي طبق القاعدة الثانية لستون «هاجم ثم هاجم ثم هاجم..لا تدافع أبدا» وقد وقع تطبيقها في ما يتعلق بعلاقة الحزب الجديد بحركة نداء تونس، واحيانا في ما يتعلق بوصفهم «حزب الحكومة».

قاعدة عبر عنها سليم العزابي، المنسق العام لـ«تحيا تونس» والذي تولى تنسيق اللقاءات الجهوية الفارطة. فالرجل هاجم حزبه القديم، بشكل مباشر وغير مباشر، في كلمته او في تدخلاته الصحفية اللاحقة، التي ركز فيها على ضرورة إعادة الاعتبار للعائلة الدستورية التي تمثل جزءا كبيرا من العائلة الوسطية، وتوحيد الدساترة والديمقراطيين والتقدميين ضمن قوة سياسية عصرية وديمقراطية وبناءة من أجل رفع التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، واعادة التوازن للساحة السياسية.

ومن سيتولى ذلك هو «مشروعهم السياسي الجديد» الذي وصفه بـ«القوّة السياسية» التي ستكون قائمة على المؤسسات والبرامج انطلاقا من القاعدة وبطريقة تشاركية. والاهم انها ستكون قادرة على القيام بالإصلاحات وان من سيقوم بهذا هو الحزب بكل إفراده فقد «انتهى حزب الزعيم وتونس فوق الجميع».
العزابي وهو يتحدث عن توجهات حزبه السياسية والائتلافية لم يفته ان ينقد النداء الذي قال انه لم يبق فيه شيء وان الشقف لم يعد مهما، العزابي ايضا اكد انهم «لن يتحالفوا معه ولا مع «آفاق تونس» و«بني وطني»، والاخرين سبب عدم التحالف معهما انهما رفضا التحالف والتقارب مع المجموعة الجديدة، التي افتكت منهم نوابا بالبرلمان ووزراء بالنسبة لافاق وعدد من المنخرطين والأنصار لكليهما.

اما عن كون حزبهم حزب الدولة/الحكومة فالمنسق نفى ذلك وشكر 4 وزراء شاركوا في تأسيس الحزب الجديد، الذي قدم برنامجه وكان برنامج الاصلاحات الكبرى الذي قدمته الحكومة منذ 2017. هنا في علاقة بالحزب القديم وبالحكومة يبدو ان «تحيا تونس» طبقت بشكل مقتضب قاعدة أخرى وهي « REINVENT YOURSELF» أي اعد اختراع نفسك، المتعلقة بتقديم شيء قديم في ثوب جديد.

اما عن القاعدة الثامنة وهي « Think big. be big” فقد وقع تطبيقها بشكل جيد، فالحزب قدم نفسه على انه «كبير» من يومه الاول وانه يراهن على الفوز باغلبية مريحة في الانتخابات القادمة ليطبق برنامج ويحكم بمفرده دون حركة النهضة، التي وضعها في خانة المنافس، دون ان يغفل عن الاشارة الى ان علاقتهم بها محدودة في الدفاع عن الاستقرار الحكومي. « أما البقية فلا».

فـ«تحيا تونس» لها رؤية وفلسفة وتمش سياسي وبرنامج اقتصادي مغاير عما للنهضة وفق مؤسسي الحزب الجديد، وقد عبرالعزابي بشكل مختصر عن الاختلاف بينهم وبين النهضة بقوله «لها مشروعها ولنا مشروعنا».
العلاقة بين حزب جديد يستند الى الكتلة الثانية في البرلمان مع الحزب صاحب الكتلة الاولى، لم تكن هي مركز الحديث سواء في لقاء الاحد او في التدخلات الصحفية اللاحقة بل كان مستقبل الحزب، وهنا ايضا طبقت القاعدة الثامنة، فالجماعة تتحرك لتشكيل ائتلاف سياسي واسع قد يتطور ليكون جسما انتخابيا او سياسيا وفقط المناقشات، مع احزاب عدة من بينها البديل التونسي وحركة مشروع تونس والمبادرة وغيرهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115