والاتحاد العام التونسي للشغل، لحسم ملف المفاوضات الاجتماعية والحيلولة دون تنفيذ الإضراب العام المقرر في 20و21 من فيفري القادم.
يوم امس الحدث كان إعلان وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي عن توصل حكومته واتحاد الشغل إلى اتفاق بخصوص قيمة الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية، وهذا الاتفاق وصفه الوزير بانه «أهمّ نقطة في المفاوضات» مما يعني أنه بات ممكنا التوافق بشأن بقية النقاط الخلافية، والتي تتضمن اساسا آجال صرف الزيادة ومفعولها الرجعي اضافة الى الاعتماد الضريبي.
تصريح جاء عقب دقائق معدودات على اعلان اتحاد الشغل عن اصداره لبرقية اعلان الاضراب، لا حقا علق الاتحاد على تصريح الوزير بشان الاتفاق على قيمة الزيادة بانه «لا يلزمه الا هو وحكومته»، وهذه هي المرة الثالثة التي يفند فيها الاتحاد كلام النقابي السابق والوزير الحالي محمد الطرابلسي قبل ان يجدد التاكيد على ان حكومة الشاهد قدمت في جلسة التفاوض السابقة «نفس المقترحات التي قدمتها قبل اضراب 17 جانفي الجاري. دون اغفال الاشارة الى ان «المكتب التنفذي للاتحاد دون سواه سيعلن عن أية تطورات في ملف المفاوضات»، أي ان أي اتفاق لن يكون فعليا ما لم يعلن عنه الاتحاد.
وما يعلنه الاتحاد الى غاية امس، ان الاضراب لايزال قائما وسيظل ان لم تقدم الحكومة مقترحات تلبي انتظارات الشغالين، تاكيد جاء على لسان عضو المكتب التنفيذي سامي الطاهري، الذي اشار الى ان وفد منظمته ينتظر جلسة الاثنين القادم وما ستحمله من مقترحات جديدة من قبل حكومة الشاهد.
انتظار لم يخل من استعداد لفرضيات عدة، من بينها ان تحافظ الحكومة على مقترحاتها او تعدل فيها جزئيا، وهذا ان تم فان الاتحاد سيعتبر أنه «يعكس سعي الحكومة للوصول الى الاضراب العام بيومين» الذي شدد القيادي النقابي ان التراجع عنه غير ممكن دون تلبية المطالب.
هذا الوضع يشابه ما كان عليه الأمر قبل تنفيذ اضراب 17 جانفي الجاري، مفاوضات تعلن الحكومة انها حققت فيها تقدما مع الاتحاد، وانها اتفقت معه على بعض النقاط. لاحقا يكذب الاتحاد ويمضي في اضرابه العام، قبل ان يعود لطاولة المفاوضات بذات المطالب الاولى التي انطلق بها في بداية التفاوض.
وضع يبدو جليا ان المتفاوضين يحاولان قصارى جهدهما ان يظلّا متحكمين باوراق لعبهم وتضييق الخناق على الاخر، فالحكومة وهي تعلن عن اتفاق بشأن القيمة، ترغب في ان تخفف عن نفسها الضغط وتضع الاتحاد في الزاوية، باعتبار انه وقع التقدم في المفاوضات واي تعثر قادم سيتحمله الاتحاد.
الاتحاد بدوره يدرك هذه المحاولة ويبحث عن الحلول دونها، لهذا سارع إلى تكذيب الوصول الى اتفاق، بل انه نبه الى انه سيكون الجهة الوحيدة المعتمدة لتقصي الخبر بشان تطور المفاوضات.
تلاعب الطرفين بالاخر واستعمال عامل الوقت لصالحه، يبدو انه قد يجدد السيناريو السابق وهو وقوع الاضراب العام، سيناريو يبدو ان تداعياته ستكون اعنف من سابقه، فهذه المرة الاضراب بيومين وليس هذا فقط بل هو قد يكون أولى ورقات الاتحاد في فرض حكومة جديدة.
فرضية يدعمها تلويح الاتحاد بان الاضراب لن يكون بمفرده بل ستتبعه خطوات تصعيدية، ومن بين الخطوات المرجحة تبني مطلب اسقاط الحكومة بشكل رسمي، حتى وان حرص النقابيون على «الفصل» بين الامرين، المفاوضات وطلب اقالة الحكومة.
لكن هذا لا يعني ان الفكرة لا تخامرهم، خاصة وان المنظمة تطالب الائتلاف الحاكم، اتخاذ كل الاجراءات الممكنة لتفادي الازمة، ان تعثرت المفاوضات، حتى وان اقتضى الامر تغيير الحكومة.
هنا يكشف الاتحاد انه لن يقبل بان يعاد تشكيل الحكومة من ذات الاغلبية او الائتلاف الحاكم، بل انه يعتبر انه في حال حل حكومة الشاهد فان الحكومة القادمة يجب ان تكون من «التكنوقراط».
سيناريو يرسمه الاتحاد، والقصد به امران، رفع درجة الضغط على الحكومة لدفعها الى البحث عن مخرج عبر المفاوضات عوضا عن الشارع، وثانيها رسم ملامح المشهد الحكومي القادم .