ووزارة التربية من خلال الاستماع إلى مطالب الجامعة يوم أمس ومحاولة إيجاد سبيل لعودة المفاوضات. في المقابل، واصلت بقية اللجان أشغالها خاصة من خلال تنقيح القانون الانتخابي والنظر في مشروع قانون تنظيم حالة الطوارئ.
تواصل أزمة التعليم الثانوي بين النقابة والجامعة ووزارة التربية تزامنت مع احتجاج التلاميذ والأولياء في مختلف مناطق الجمهورية على خلفية تعطل الدروس وقرارات حجب الأعداد بالإضافة إلى الخطوات التصعيدية للأساتذة وقد حاول مجلس نواب الشعب في إطار دوره الرقابي والتمثيلي حلحلة الأزمة من خلال عقد جلسة استماع إلى كاتب عام جامعة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي من قبل لجنة الشباب والثقافة والتربية، بعد تأجيلها في مناسبتين سابقتين.
اتهامات بشبهات فساد
جلسة الاستماع لم تكن بعيدة عن التصريحات الإعلامية، إذ تواصل التبادل بالتهم بين كل من كاتب عام جامعة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي ووزير التربية حاتم بن سالم الذي من المنتظر الاستماع إليه في جلسة قادمة حتى أن الاتهامات خرجت عن الموضوع الأساسي لجلسة الاستماع المخصصة للنظر في مطالب النقابة. فقد اتهم اليعقوبي وزارة التربية بجملة من ملفات الفساد بينها صرف 40 مليارا تحت عنوان مقاومة الإرهاب، لكنها لم تظهر على أرض الواقع، مبينا أن الوزارة تلاعبت بصحة التلاميذ من خلال تخفيض ميزانيات المعاهد وإحداث ديوان خدمات مدرسية لا يوفّر وجبات متكاملة للتلاميذ.
كما أكد اليعقوبي أن الوزارة صرفت 900 مليار لشراء لوحات رقمية لا تزال إلى الآن في المخازن وليست في وضع استخدام، متهما إياها بعقد صفقة كبيرة لشراء سخانات غازية أيضا ممنوعة في المدارس ولم يتم استخدامها. وواصل لسعد اليعقوبي خلال جلسة الاستماع اتهاماته والحديث عن وجود شبهات فساد. كما أكد على أنّ هناك عددا من أساتذة التربية البدنية يتقاضون أجورا من وزارة الشباب والرياضة ولا يباشرون مهامهم بالمعاهد، بينما يشرفون على تمرين فرق رياضية في ليبيا ودول الخليج. وفي هذا الإطار، طالب بضرورة توحيد مؤجر أساتذة التربية البدنية من خلال إلحاقهم بزملائهم المدرسين في وزارة التربية باعتبارهم من العائلة التربوية.
حلول..مطالب..مقترحات
الجزء الثاني من مداخلة اليعقوبي تحدث خلالها عن مطالبه، إذ دعا وزارة التربية إلى توجيه دعوة رسمية للجامعة للتفاوض، معبّرا عن موافقته على استئناف التفاوض حتى وإن كان تحت رعاية برلمانية. كما أكد أن مطالب القطاع ليست مستحدثة وسبق لوزارة التربية أن تعهدت بها في اطار اتفاقيات مبرمة بين الطرفين. واعتبر أن عدم التزام الوزارة بتعهداتها أدى إلى حالات وصفها بالكارثية مشيرا إلى أن مطالب العطل المرضية طويلة الأمد الموجودة في مكاتب الوزارة فاقت ثلاثة آلاف مطلب، معتبرا أن ملف تقاعد المدرسين في سن الـ 55 أصبح مطلبا ملحا في ظل هذا العدد من الحالات المرضية.
من جهة أخرى، حاول لسعد اليعقوبي طمأنة نواب الشعب والأولياء معتبرا أن الجامعة تسعى لحلول لتجنب سيناريو سنة دراسية بيضاء من خلال استعدادها لمفاوضات جدية، محذّرا من تداعيات الأزمة التربوية الراهنة بقطاع التعليم الثانوي. كما بين أن مطالب الأساتذة تتمثل في منح خصوصية تتعلق أساسا بمنحة الامتحانات ومنحة العمل الدوري لتشجيع العمل بالمناطق الصعبة ومنحة مدير المعهد بالإضافة إلى التقاعد المبكر. وأكد كاتب عام نقابة التعليم الثانوي رفض وزير التربية التفاوض بشكل رسمي ودون ضمانات، وأشار اليعقوبي إلى استعداد النقابة للتفاوض الجدي وتقديم التنازلات الممكنة مؤكدا على استعدادها للتفاعل، داعيا نواب اللجنة إلى دعم النقابة ومساندتها.
الترفيع في المنح حسب اليعقوبي لا يندرج ضمن المفاوضات الإجتماعية في الوظيفة العمومية بل في مفاوضات خاصة، موضحا أن اللجنة مشتركة بين مؤسسات الصناديق الإجتماعية والجامعة توصلت الى أن كلفة المساهمات تناهز 2.19 % من كتلة أجور المدرسين معتبرا أن تمويل الدولة لها سيضمن توازن الصناديق وسيتيح تطبيق
اتفاق سابق حول سن التقاعد جمع الوزارة بالجامعة. هذا وقد طالب الكاتب العام للجامعة العامة إحداث صندوق للخدمات الإجتماعية يتولى مهمة اسداء خدمات ذات صبغة إجتماعية لفائدة المدرسين بإشراف ثلاثي لوزارتي المالية والتربية والجامعة.
إلغاء مبدإ منع التجمعيين في القانون الانتخابي
استمعت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية إلى ممثل عن جهة المبادرة و مختصين في القانون الدستوري حول تنقيح القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، حيث تم التصويت، على تمرير المبادرة التشريعية لكتلة الحرة لحركة مشروع المتمثلة في إلغاء الفقرة 5 من الفصل 121 تتعلّق بإقصاء من تحمّل مسؤولية في حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي المنحلّ والتي تنصّ على أنّه « لا يمكن أن يكون من بين أعضاء أو رؤساء مكاتب الاقتراع، كل من تحمّل مسؤولية في هياكل التجمع ». وأوضح حسونة الناصفي، رئيس كتلة الحرة لحركة مشروع تونس أنّ حزبه تقدّم بالمبادرة منذ أواخر شهر فيفري 2018 لاعتقاده أنّ هذا الفصل وتحديدا
الفقرة الخامسة منه، لا تتماشى مع الدستور وتتعارض مع كافّة المعاهدات والاتفاقيات الدولية. واستند الناصفي في مداخلته إلى بعض آراء المختصين في القانون الدستوري ومقترحات أعضاء هيئة الانتخابات الذين ساندوا المقترح.
وخلال الجلسة تباينت آراء أعضاء اللجنة بخصوص هذه المبادرة التشريعية، إذ أكّد نواب حركة النهضة أنّهم مع المصالحة الشاملة ومع التوافق، لكنهم يرون أنّ هذه المبادرة معقولة من حيث الشكل والمضمون، لكنّها بلا قيمة وذلك لانتهاء حزب التجمّع، فيما اكد نواب النداء مساندتهم للمبادرة التشريعية، رافضين الإقصاء الذي تمّ وضعه لفترة معيّنة. في المقابل عارض نواب الجبهة الشعبيّة المساس بالقانون الانتخابي وتعديله خلال هذه الفترة وقبيل أشهر من موعد الانتخابات المقبلة موفى 2019، داعين إلى احترام المواثيق الدولية والقوانين التي تنصّ على هذه المسألة بشكل صريح.
وفي إطار مناقشتها لمشروع قانون تنظيم حالة الطوارئ المقدم من قبل رئاسة الجمهورية، استمعت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية يوم أمس إلى النائب عن كتلة الولاء للوطن رياض جعيدان باعتباره قدم مبادرة في نفس السياق وأكد على أن المشروع المقدم من قبل جهة المبادرة يهدّد الحق النقابي ولا يفرق بين حالة الطوارئ والحالات الاستثنائية. وطالب بأن تكون حالة الطوارئ إجراء ضبط إداري يختلف كليا عن إجراءات الضبط العدلي، مشيرا إلى أهمية إرساء رقابة برلمانية على حالة الطوارئ لأن فيها مساس بالحقوق والحريات. وبين أن مبادرته تضم رقابة سابقة ولاحقة تتمثل الأولى في ضرورة إعلام البرلمان والثانية في التمديد الذي لابد أن يكون بتفويض شعبي عن طريق الجلسة العامة التي يدعو لها رئيس مجلس نواب الشعب.