او استغلالها في شكل عطلة، كما يمثل فرصة للبعض الآخر من أجل الاطلاع على مشاغل الجهات في وقت تشهد فيه عديد المناطق جملة من الاحتجاجات. مسألة الاحتجاجات قد تطرح مباشرة من قبل نواب الشعب مع أول جلسة عامة يعقدها البرلمان خلال سنة 2019.
تزامن أسبوع الجهات المعلن عنه من قبل مجلس نواب الشعب، مع وجود احتجاجات في عدد من مناطق الجمهورية، في إطار تفعيل الدورين الرقابي والتمثيلي لنواب الشعب. هذا الأسبوع المنصوص عليه في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في فصله 43 «يراعى في عمل كل هياكل المجلس عدا رئاسته تخصيص أسبوع من كل شهر للأعضاء للتواصل مع المواطنين والجهات. وعلى مكتب المجلس توفير الإمكانيات المادية واللوجستية لتسهيل القيام بذلك».
المتعارف عليه وحسب النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب أن أسبوع الجهات يعتبر من أجل فسح المجال أمام نواب الشعب للاتصال بناخبيهم والاطلاع على مشاغل جهاتهم، لتتوقف بذلك كافة أشغال البرلمان، دون أي نشاط يذكر سواء على مستوى الجلسات العامة أو اجتماعات اللجان القارة والخاصة. لكن في المقابل، يبدو أن هذا الأسبوع قد تحول من فضاء للاتصال بالناخبين والاستماع إلى مشاغلهم من أجل طرحها في البرلمان وجلسات الاستماع إلى أعضاء الحكومة في إطار الدورين الرقابي والتمثيلي، إلى فرصة من أجل الحصول على قسط من الراحة بعد جلسات ماراطونية تمت المصادقة خلالها على مشروع قانون المالية وأبواب الميزانية لسنة 2019.
الدور التمثيلي للنائب
لكن التحدي الأكبر يكمن في التقارير التي سيقدمها النواب إلى البرلمان بخصوص وضعيات الجهات، فكثيرا ما يتعرض أسبوع الجهات بالنسبة لنواب الشعب، لعدد من الانتقادات في ظل غياب أية متابعات أو نتائج على أرض الواقع لما يفعله ممثلو الشعب في جهاتهم. فعديد الأسباب قد تعيق نواب الشعب عن الاتصال مع ناخبيهم أو جهاتهم، نتيجة لما يعتبره البعض غياب الامكانيات التي تعيقهم للنظر في أسباب تعطل المشاريع في علاقة بالتنمية من أجل إيصالها إلى الجهات المعنية الرسمية. كما أن البعض من النواب يرى أن التواصل مع الناخبين لا يقتصر على أسبوع الجهات، وإنما هي مسألة تكون دائمة على امتداد السنة خلال عطل نهاية الأسبوع. لكن في المقابل، فإن استغلال بعض الوقت من أجل الراحة أمر معقول وطبيعي من أجل الحفاظ على نجاعة عمل النائب، في ظل الجلسات المتتالية لمجلس نواب الشعب سواء في اللجان القارة أو الخاصة أو الجلسات العامة، وهو ما جعل الدور التشريعي لنواب الشعب يهيمن على الدورين الرقابي والتمثيلي. وقالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني عبير العبدلي أن اسبوع الجهات خاص بالعمل والتواصل المباشر مع المواطن، خاصة بالنسبة لنواب المناطق الداخلية لبعدها عن العاصمة وصعوبة التنقل اليومي نحوها، مشيرة إلى أنه يتم خلالها حضور جلسات العمل داخل المندوبيات والادارات الجهوية والولايات حول عديد الاشكاليات وتقدم المشاريع التنموية على غرار وضعية الفلاحين والعديد من تشكيات المواطنين ذات العلاقة بالمسالك الريفية وغيرها.
صعوبات وعراقيل
عديدة هي المشاكل تعاني منها الجهات وإن اختلفت من حيث الشكل والمضمون حسب خصوصية كل ولاية أو معتمدية، فإنها تشابهت من حيث المبدأ وهي المشاكل التنموية والمشاريع المعطلة، لكن دور النائب يقتصر على معاينة الأوضاع دون وجود أية تقارير تذكر أو أنه يتم طرحها في أشغال لجنة التنمية الجهوية في المجلس على سبيل المثال. كما أن قرار مكتب المجلس المتعلق بتخصيص جلسة عامة كل شهر من أجل مناقشة مشاكل الولايات، لم يتجاوز 3 جلسات ثم تغافل عنها، خصوصا وأنها تعتمد في نقاشاتها العامة على ما يتم رصده من الزيارات الميدانية. نواب الشعب قد يستغلون هذا الأسبوع من أجل انجاز بعض الأسئلة الكتابية أو الشفاهية لأعضاء الحكومة، أو الحضور في أشغال اللجان الجهوية ليبقى التحدي الأكبر في كيفية تنفيذ الإصلاحات أو الإيفاء بالوعود المقدمة للمواطنين في جهاتهم. وقد طالب نواب الشعب في أكثر من مناسبة خاصة خلال مناقشة ميزانية البرلمان بضرورة تطوير عمل النواب وأدائهم من خلال توفير الموارد الكافية اللوجستية والمالية من أجل التواصل مع الناخبين والتعرف على أهم مشاكل الجهات، حتى أن البعض منهم طالب بضرورة تخصيص فروع للمجلس أو مكاتب خاصة بالنواب في مختلف ولايات الجمهورية. وأوضح النائب عن كتلة حركة النهضة ناجي الجمل أن كل جهة لها خصوصيتها التي يجب على النائب أن يتعامل وفقها وان يسعى في حل اي مشكلة تعترض الجهة دون نسيان نصيبه من الراحة.
ضرورة التواصل
وفي هذا الإطار، قالت النائبة عن الكتلة الحرة لمشروع تونس خولة بن عائشة أنه خلال هذه الأوضاع الدقيقة التي تمر بها البلاد الآن، يجب أن يخصص هذا الأسبوع للعمل على المستوى الجهوي بالتنسيق مع السلط المحلية للاستماع إلى مشاغل المواطنين وأولوياتهم، ومحاولة تهدئة الأوضاع. كما بينت أن الأهم اعتماد خطاب الحقيقة والمصارحة وعدم تقديم وعود زائفة او يصعب تحقيقها لتهدئة المواطنين، بل يجب إعلامهم بما تتطلبه كل خطوة وكل مطلب من مراحل للانجاز والتواصل الدائم معهم او مع ممثل يختارونه حتى تكون المتابعة من الطرفين ناجعة، وحتى لا يشعر المواطنون بان زيارات النواب او المسؤولين ظرفية ولا جدوى منها. وأضافت أن دور النواب والمسؤولين المحليين والجهويين ايضا يتمثل في تاطير الاحتجاجات والتوعية بمخاطر الانفلات وتحولها إلى أعمال تخريب وإعلامهم كذلك بإمكانيات الدولة المادية والبشرية حتى يتمكن الجميع في التعامل بواقعية مع مختلف المطالب والمشاغل، خاصة وأن عنصر التواصل والاتصال المباشر مهم جدا في هذا الظرف