شعارات ضد الطبوبي في يوم غضب أساتذة الثانوي: هل تمردت القواعد على المكتب التنفيذي ؟

يوم أمس الحدث كان فعاليات يوم الغضب الذي دعت إليه النقابة الأساسية للتعليم الثانوي، الآلاف من الأساتذة

حل ركبهم بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ليعبروا عن «غضبهم» ضد الحكومة وأيضا ضد المركزية النقابية، التي وجّه إليها المحتجون رسائل واضحة.

مع بداية اليوم كان الحدث الرئيسي هو يوم الغضب (انظر مقال مجدي الورفلي)وبنهايته أصبح الحدث ما قد يكون إعلانا عن «تمرد» نقابة التعليم الثانوي ضذ المركزية عبر عن نفسه بالشعارات التي رفعها الأساتذة المتجمعون في بطحاء محمد علي ضد الأمين العام الحالي للمنظمة تتهمه بخيانتهم.

تهمة رددها مئات من الأساتذة تجمهروا صباح أمس أمام المقر المركزي لاتحاد الشغل، ما يعرف باسم بطحاء محمد علي التي ردد صداها أصوات المئات الهاتفين بشعارات ملء الصدور تقول «يا حشاد شوف شوف الخيانة بالمكشوف» و«يا حشاد ويني رجالك الطبوبي باع اولادك».شعارات نقلت مباشرة على صفحة نقابة التعليم الثانوي على موقع الفايسبوك، ولايزال تسجيل الفيديو الخاص بها في الصفحة ومدته تتجاوز الدقيقة، نظرا لقطع البث المباشر.

قبل ان يعود على وقع شعارات جديدة رفعها الاساتذة المجتمعون أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل من بينها «الاتحاد مستقل والقواعد هي الكل» و«هيئة ادارية.. حق موش مزية». قبل ان يتجه الجميع الى شارع الحبيب بورقيبة للاستماع للاسعد اليعقوبي.

شعارات عكست غضب الأساتذة من مركزيتهم النقابية، وخاصة من الامين العام الذي ذكر بالاسم في أحد الشعارات المناهضة له والتي اتهم فيها ببيع الأساتذة. وهذه التهمة تنبع من تقييم سلبي للاساتذة لموقف المركزية من تحركاتهم وخاصة من نقطة مقاطعة امتحانات الثلاثي الاول.

اذ ان المركزية عبرت صراحة عن رفض قرار مقاطعة الامتحانات الذي اقرته جامعة التعليم الثانوي، وليست هي الحادثة الاولى بينهم، ففي 2017 كان الامر نفسه، اقرار بعدم ارجاع ورقات الامتحان وتنفيذ اضراب مفتوح رفضه المكتب التنفيذي ولكن الجامعة تمسكت بقرارها، مثلما تفعل اليوم.

مقابل هذا التمسك يرى الاساتذة ان المركزية عاقبتهم برفض التاشير بعقد هيئتهم الادارية القطاعية، وهذا ما تنفيه نقابة التعليم الثانوي التي تشدد على انها لم تتلق ردا رسميا بعد وان من يروج لرفض المركزية عقد الهيئة يريد توتير الأوضاع بين النقابيين وخلق فتنة وانقسام.

هذه التهم، خلق الفتنة والانقسام والصيد في المياه العكرة، يبدو انها جاهزة لتوجه لمن يرى في سلوك نقابة التعليم الثانوي تحديا صريحا للمركزية وتمردا عليها، وهذا بينته مواقف وشعارات أمس، مثلما بينته أحداث سابقة على غرار ما تم في مارس 2018، حيث كان ملف حجب الأعداد نقطة خلافية بين المكتب التنفيذي لإتحاد الشغل والهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي.

خلاف تطور ليصل لرفض المركزية النقابية الإمضاء على اللائحة المهنية الصادرة عن اجتماع الهيئة الإدارية في تلك الفترة، والسبب تضمّن اللائحة قرار مواصلة حجب أعداد الامتحانات عن الإدارة. قبل ان يقع تجاوز الازمة بتوافق جديد. توافق لم يعد قادرا على الصمود هذه الأيام، في ظل تمسك صف أساتذة التعليم الثانوي واصطفافهم خلف نقابتهم، ضد الحكومة وضد المركزية النقابية التي يعتبرونها في صف غير صفهم.

أزمة داخلية في صفوف الاتحاد عادت لتبرز في الأيام الفارطة قبل ان تتطور لتكون بهذا العنف في شعارات الأساتذة التي لم تساندها النقابة ولم تعارضها بل اقتصرت على تجاهلها، والقول ان كل شيء بخير بين النقابة والمركزية، التي بدورها تجاهلت امس الشعارات.

بغض النظر عن التوصيف الذي سيقدم اليوم، وان نظرنا بعين الإنصاف لما حدث طوال السنوات الفارطة، بين النقابة العامة للتعليم الثانوي و المركزية النقابية، سيكون الوصف الدقيق أننا أمام تمرد شجعته المركزية من حيث لا تدري باعتمادها سياسة إطلاق يد النقابات في اطار تحسين شروط التفاوض مع الحكومات ما بعد الثورة، وهذا كان خيارا تكتيكيا، مع بعض الاستثناءات التي فرض فيها الخيار على المركزية.

خيار وجدت فيه بعض النقابات العامة، وابرزها التعليم الثانوي والصحة، مجالا ينمي قوتها، في ظل انشغال المركزية بزهوة نجاح تكتيكها في التفاوض مع هامش حركة اكبر مع الحكومات وخاصة مع حكومة الصيد في 2015. انشغال حال دون ان يقع ادراك ان بعض النقابات العامة باتت كيانات شبه مستقلة، وباتت تقارع المركزية في ظل زهوها بالقوة التي بات لها.
تاخر الادراك لم يحل دون ان تنجح المركزية في لجم بوادر التمرد في قطاعي، التعليم الابتدائي والصحة، ولكنها عجزت عن ذلك مع نقابة التعليم الثانوي، فقد خيرت ان تؤجل الحسم بعد المؤتمر لتجنب تاويله على انه تصفية حسابات مع اليعقوبي الذي ترشح ضد المكتب الحالي.
تاجيل جعل من فرض الانضباط النقابي على نقابة الثانوي، امرا صعبا حيث باتت الأخيرة تشتغل وفق استراتيجيات نضالية خاصة بها تتناقض مع استراتيجية المركزية النقابية.كما هو الحال في ملف مقاطعة الامتحانات هذه السنة.
تمرد تعززه الافعال والشعارات ولكنه ينتفي في البيانات الرسمية، لحد الان، ففي البيانات تحرص النقابة العامة للتعليم الثانوي على ان تتجنب المواجهة المباشرة والمفتوحة مع المركزية بل انها تعرب عن تمسكها واصطفافها خلف المركزية النقابية.
لكن هذا يظل حبيس البيانات فقط، فالتصريحات وان تجنبت القول الصريح فإنها تحمل تلميحات مباشرة بتمرد قد يتطور ليصبح حربا مفتوحة بين النقابة والمركزية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115