اتحاد الشغل وقانون المالية لسنة 2019: عدم الرضا المطلق عن مضامينه مع دعم الطعن فيه

يبدو أن رقعة الرافضين والمنتقدين لبعض الإجراءات والفصول المتضمنة في قانون المالية لسنة 2019 باقية وتتمدد، فبعد المحامين

والأطباء والخبراء المحاسبين وأصحاب المهن الحرة والذين نزلوا للشارع للتعبير عن احتجاجهم على القانون، أكد الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له أمس عدم رضاه المطلق عن مضامين قانون المالية لسنة 2019، معلنا عن دعمه للطعن الذي تقدّم به بعض أعضاء مجلس نوّاب الشعب لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بخصوص جملة من الفصول المتنافية مع مبدإ العدالة الجبائية الذي أقرّه الدستور.

لئن تمّ الاستماع إلى جلّ الأطراف المعنية بقانون المالية لسنة 2019 صلب اللجان قبل المصادقة عليه في الجلسة العامة من وزارات ومنظمات وهياكل وطنية، فإن اتحاد الشغل رفض حضور الجلسة المخصصة للاستماع إليه صلب لجنة المالية واكتفى فقط بتقديم مقترحات كتابية، ووفق بعض المصادر النقابية، فإن الاتحاد يرى أنه لا فائدة من الحضور باعتبار أنه لم يتم التشاور معه في مرحلة الإعداد، كما أن أغلب ملاحظاته ومقترحاته لن تؤخذ بعين الاعتبار أضف إلى ذلك أنه يتجنب انتقادات نواب المجلس بخصوص الإضرابات العامة، وأشارت مصادرنا إلى أن صياغة بعض فصول القانون تمت بصفة ارتجالية أمام انعدام الشفافية خاصة على مستوى فرضية سعر صرف الدينار غير المتضمن في القانون إلى جانب الزيادات في الوظيفة العمومية.

الافتقار إلى النفّس الإصلاحي
حسب اتحاد الشغل فإن فصلين مهمين قد تمّ إسقاطهما في قانون المالية في علاقة بالعدالة الجبائية وإنقاذ الصناديق الاجتماعية من خلال إحداث مساهمة استثنائية بـ 1 % على أرقام معاملات البنوك وشركات التأمين والاتصالات والنفط واستغلال المحروقات لفائدة هذه الصناديق، عدم رضا المركزية النقابية عن قانون المالية عزاه حسب بيان له إلى افتقاده إلى النفّس الإصلاحي والرؤية الإستراتيجية والإرادة المطلوبة من أجل تفعيل الإصلاحات الجبائية والمحافظة على المقدرة الشرائية للمواطن ومراقبة مسالك التّوزيع والإنتاج ومقاومة الاحتكار والتهريب وعلى توازنات الماليّة العموميّة، إلى جانب افتقاره لأيّ إجراء جدّي في اتجاه دعم المؤسسات العموميّة والنّهوض بالتعليم العمومي والصحة العمومية والنقل والسّكن الاجتماعي.

عرقلة الإصلاحات الجبائية
كما عبر عن استنكاره لرضوخ كتل الائتلاف الحاكم إلى ضغوطات مجموعات الضغط خدمة للمصالح الضيّقة لمجموعات متنفّذة وللسلوك العبثي في التعامل الحكومي والبرلماني مع قانون الماليّة مثلما عكسه التخبّط الواضح في المصادقة على بعض الفصول ثم التراجع عنها وهو ما يبيّن غياب أيّ أسس أو أسباب جدية لاقتراحه من جهة، وكذلك عرقلة هذه الكتل للإصلاحات الجبائية ولتوفير مناخ ملائم للاستثمار العمومي والخاص والذي يبقى الأداة الوحيدة للرّفع من نسب النّمو والتنمية العادلة، وفي المقابل تواصل الحكومة شيطنة التحرّكات الاجتماعية وإطلاق الشعارات والوعود الفضفاضة. هذا وعبر عن انشغاله تجاه استهتار البعض في البرلمان عند مناقشة قانون الماليّة وعدم طرح التحديات الحقيقية لشعبنا الذي يعاني من البطالة وتدنّي الخدمات الأساسية والمقدرة الشرائية، وهو ما يؤكّد عجز بعض مكوّنات الطبقة السياسية عن تقديم البدائل الكفيلة بتلبية انتظارات التونسيين وذلك بالرّغم من التوافق الحاصل حول تشخيص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتوفّر الحلول المعقولة الممكن تطبيقها على المدى القصير والمتوسّط، وفق ذات البيان.

معزول ومفصول عن المخطط الخماسي
هذا ونبه اتحاد الشغل إلى تدنّي مستوى الشفافية والمصداقية في مسار إعداد الميزانية وهو ما تبيّن من خلال الحجب المتعمّد للعديد من المعطيات والمؤشّرات الأساسية على غرار سعر صرف الدينار فضلا على الارتفاع غير المسبوق في النفقات الطارئة غير الموزّعة، مشددا على تمسكه بالمطالب والمقترحات التي سبق أن تقدّم بها في علاقة بالتدقيق في منظومة الدعم والمديونية والمالية العمومية ومنظومة دعم التشغيل والتكوين المستمر ككلّ والإسراع بمراجعة الترسانة التشريعية للمالية العمومية طبقا لمقتضيات القانون الأساسي الجديد للميزانية. وبين أن قانون المالية لسنة 2019 جاء معزولا ومفصولا تماما عن المخطط الخُماسي للتّنمية رغم الأموال الطّائلة التي أهدرت في إعداده.

الزيادات غير مضمّنة في القانون
وفق مصادرنا النقابية فإن الحكومة لم تبرمج الزيادة في أجور الوظيفة العمومية في قانون المالية وهذا ما يشير إلى رفضها منذ البداية مبدأ الزيادة، مشددة على أن هذا القانون قد تمّت المصادقة عليه من طرف مجلس نواب الشعب ولذلك فإن الاتحاد لا يمكنه القيام بأي شيء باستثناء دعوته نواب المجلس لتحمل مسؤوليتهم باعتبارهم السبب في هذا المشكل وتقديم طعن في بعض الفصول التي تتناقض مع الدستور وسيساندهم الاتحاد في ذلك، كما أن الميزانية انبنت على فرضيات خاطئة من سعر برميل النفط 75 دولار وهو مرشح إلى أن يكون أقل وكذلك فرضيات منقوصة على مستوى سعر صرف الدينار واستخلاص القروض مع رفض الإجراءات الجبائية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115