النهضة ترد على تصريحات رئيس الجمهورية: الحركة ستظل أقوى من كل الافتراءات.. ولا للزج برئاسة الجمهورية في التجاذبات السياسية

دخلت العلاقة بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وحركة النهضة منعرجا جديدا، فالبداية كانت بإعلان القطيعة مع

راشد الغنوشي لتصل إلى حرب معلنة وإقرار رئيس الدولة بوجود التنظيم السري للحركة واعتبر بيانها تهديدا لشخصه وذلك خلال اجتماع مجلس الأمن القومي أول أمس، منعرج باتت النهضة تدرك جيدا خطورته لتسارع بعقد مكتبها التنفيذي مباشرة بعد المجلس والذي تواصل إلى ساعات متأخرة من الليل لتصدر يوم أمس بيانا دعت فيه إلى ضرورة الحفاظ على حيادية مؤسسة رئاسة الجمهورية والنأي بها عن التجاذبات الحزبية والسياسية والانتخابية باعتبارها رمز وحدة التونسيين، مجددة ثقتها في حرص رئيس الجمهورية على السهر على احترام الدستور وضمان علوية القانون والتصدي لكل الممارسات التي من شأنها إقحام مؤسسات الدولة في التجاذبات.
المكتب التنفيذي للنهضة وجه دعوة للقوى السياسية والاجتماعية إلى الانتباه إلى المخاطر التي تهدد المسار الانتقالي نتيجة ارتفاع درجة المناكفات السياسية وتغليب المصالح الحزبية الضيقة والآنية، محذرا بان من شأن ذلك أن «يعمق أزمة الثقة بين الفاعلين السياسيين وعموم المواطنين ويعرقل نجاح عملية الانتقال الديمقراطي ويسيء إلى فرادة التجربة التونسية وتميزها».

مؤسسة موحدة للتونسيين
وفق تصريح الناطق الرسمي لحركة النهضة عماد الخميري لـ«المغرب» فإن الحركة ليس لها أي تعليق على تصريح رئيس الجمهورية في مجلس الأمن القومي والشيء الوحيد الذي تريد أن تؤكد عليه هو أن الأمر الثابت بالنسبة للحركة أنها حريصة على أن تكون مؤسسات الدولة وخاصة مؤسسة رئاسة الجمهورية بعيدة عن التجاذبات السياسية من منطلق أنها مؤسسة موحدة للتونسيين ورئيس الجمهورية بالصلاحيات الدستورية هو رمز لضمان وحدة التونسيين وكل ما يكون هناك تجاذب كل ما تلعب مؤسسة الرئاسة دورا كبيرا في عملية التوحيد والتجميع والتقريب بين التونسيين ومن هذا المنطلق فإن النهضة حريصة على أن تظل مؤسسة الرئاسة في هذا المستوى والابتعاد عن كل الفاعلين السياسيين الذين يريدون الزج بمؤسسة الرئاسة في التجاذبات السياسية.

اتهامات باطلة
وبخصوص إقرار رئيس الجمهورية بوجود الجهاز السري للحركة، قال الخميري إن رئيس الجمهورية هو قبل كل شيء رجل قانون ويدرك جيدا أن هذا إدعاء وإشارته فيها حديث على أن هذا الأمر يحتاج إلى جهة تقضي فيه ورئاسة الجمهورية تدرك جيدا رغم تداول هذا الأمر في مجلس الأمن القومي أن الجهة الوحيدة التي تمتلك الصلاحية للنظر في هذا الموضوع هي القضاء والنهضة حريصة وفق تعبيره على معرفة الحقيقة في كل القضايا ومنها الاغتيالات السياسية، مشيرا إلى أن ادعاءات الجبهة الشعبية بخصوص وجود الجهاز السري للحركة هي مجرد اتهامات باطلة، فالنهضة من أحرص الأطراف والأحزاب على معرفة الحقيقة والكشف عنها في الاغتيالات السياسية وغيرها من القضايا ولكن الفرق بين الحركة وخصومها السياسيين هو عدم اعتراف خصومها بالدولة ولا بالمؤسسات القضائية ويريدون أن يوجهوا هذا الموضوع إلى غير الجهة التي عهد لها بالصلاحيات أن تقضي فيه أي «القضاء».

النهضة عنوان الاستقرار السياسي
وأضاف الخميري أنه إذا كان تصريح رئيس الجمهورية هو مجرد إدعاء وهو أيضا من صلاحيات القضاء المستقل، مشددا على أن الحركة لا تريد تسليط الضغط مثل ما لاحظته من قبل بعض الجهات السياسية التي تبحث عن كيفية لمزيد تسليط الضغط على القضاء وهذا يعدّ ضربا لاستقلاليته، وفي البلاد هناك تمشي لأن تتحرر هذه المؤسسات وأن تظل مؤسسات جمهورية والأمن والقضاء مرافق عمومية مستقلة يقضي في قضايا الشعب. كما شدد على أن تشويه الحركة مع اقتراب المواعيد الانتخابية القادمة تشتغل عليه عدة أطراف سياسية جربت الاحتكام للشعب الذي أعطاها أحجاما أقل بكثير من «الجعجعة» التي تقوم بها على المستوى الإعلامي والاتصالي ولذلك هي اليوم بالاستناد إلى مثل هذه الافتراءات والزج بهذه المواضيع في الساحة الإعلامية والاتصالية والسياسية تسعى إلى الإضرار بصورة النهضة لكنها ستظل أقوى من كل الافتراءات، فتاريخها طويل ولها عقود من النضال زمن الاستبداد وهي أيضا حريصة على إنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي وإنجاح التجربة التونسية الفريدة من نوعها والنهضة عنوان الاستقرار السياسي وعنوان كبير من عناوين الديمقراطية، حسب قول الخميري.

مشروع فاشل
هذا وشدد محدثنا على أن النهضة ستقول لهؤلاء الأطراف السياسية أن مشروعهم فاشل منذ البداية لأن الشعب ذكي ولا يمكن أن ينطلي عليه مثل هذه الأساليب التي اعتمدوها في وقت سابق وربما لقيت صدى في ذلك الوقت بسبب الظروف السياسية التي مرت بها البلاد بعد الثورة ولكن لا تعتقد الحركة أن مثل هذه الأساليب يمكن أن تجلب الأصوات ويمكن أن تكون الأرضية الانتخابية التي يستندون إليها في عملهم السياسي، مشيرا إلى أن المسؤولية السياسية تقتضي أن ينتفع الشعب بمشاريعهم السياسية، فالتونسيون اليوم يريدون حلولا عملية من القضاء على البطالة وتحسين معدلات النمو ووضع البلاد على سكة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية إلى غاية 2030 فهذه البوصلة الحقيقية للتونسيين وليس بالعودة إلى الوراء وعبر التقسيم الإيديولوجي.

لا للقطيعة والجفاء
وعن القطيعة القائمة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحركة منذ فترة، أكد الخميري أن الحركة حريصة على أن تظل علاقتها ايجابية برئيس الجمهورية وتكرر باستمرار أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وأن انتصارنا لفكرة الاستقرار الحكومي لم يكن انتصارا لمصلحة حزبية أو شخصية وإنما لمصلحة وطنية، مبينا أن الحركة ستظل باستمرار حريصة على أن تبقى رئاسة الجمهورية بعيدة عن التجاذبات السياسية والتوظيف السياسي، فرئاسة الجمهورية مظلة لكل التونسيين وبذلك فإنه حسب اعتقادها ومن أجل مصلحة البلاد فإن العلاقة بين الطرفين يجب ألا يكون فيها نوع من القطيعة والجفاء، مشددا على أن بيان الحركة لم يتضمن أي تهديد لرئيس الجمهورية مثلما صرح بذلك في اجتماع مجلس الأمن القومي.

تفاعل وتعديلات
ويشار أيضا إلى أن المكتب التنفيذي لحركة النهضة قد استعرض مختلف المستجدات على الساحة الوطنية وأبرزها الوضعين الاجتماعي والاقتصادي وما تشهده بعض القطاعات العمومية من توترات إلى جانب ارتفاع درجة التجاذبات والمناكفات السياسية وتدهور مستوى الخطاب السياسي، كما تناول اللقاء عددا من القضايا الداخلية المتعلقة بالأنشطة المستقبلية للحركة خلال سنة 2019. كما جددت الحركة موقفها بخصوص مشروع قانون المساواة في الميراث الذي عبرت عنه خلال الندوة السنوية لهياكلها بأنها ستتفاعل مع مشروع القانون عبر دراسته واقتراح التعديلات التي تراها ملائمة على ضوء مقتضيات الدستور ورغبة أوسع قاعدة من التونسيين، آملة من مختلف الأطراف التعاطي مع المشروع المقترح على المجلس بمسؤولية ودون توظيف.

كما ثمنت الحركة إرساء المجلس الوطني للحوار الاجتماعي مطلع هذا الأسبوع، معبرة عن أملها في أن يكون المجلس فضاء للحوار بين مختلف المتدخلين الاقتصاديين والاجتماعيين ورافعة لتعزيز الديمقراطية والشفافية والحوكمة الرشيدة وأداة ناجعة في بناء علاقات مثمرة وإيجابية تساعد على بناء خيارات تنموية فعالة ومستدامة. ولفت إلى ضرورة مواصلة مختلف الأطراف الاجتماعية والحكومية الحوار والتفاوض حول أفضل السبل للارتقاء بالأوضاع الاجتماعية لمختلف القطاعات باعتبارها مسؤولية مشتركة ومطمحا للجميع، مشددا على وجوب «تغليب لغة الحوار والبحث عن توافقات تجنب البلاد تعريض رأس مالنا الوطني المادي والمعنوي للمخاطر».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115