رئيس الجمهورية وحركة النهضة : الباجي يقرّ بوجود جهاز سري ويفتح النار على «صديقه» الغنوشي

يبدو ان «الصداقة» بين رئيس الجمهورية ورئيس حركة النهضة بلغت منتهاها، وانتقلت إلى خانة الحرب

المفتوحة والمفارقة أنه أعلن عن بدء مرحلة الصدام تحت يافطة «الجهاز السري» بحضور رئيس الحكومة يوم أمس، وكأن الأمر يشمله هو الأخر.

اختار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أمس الخميس، ان يجيب عن بيان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الصادر ليلة الاثنين الفارط، اذ كسر الرئيس القاعدة واخذ كلمة افتتاحية لدى إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي.

كلمة ألقاها وعلى يساره جلس يوسف الشاهد رئيس الحكومة، يستمع الى هجوم الرئيس على حليفته الرئيسية حركة النهضة وإدانتها بشكل مباشر وصريح بتشكيل جهاز سري، وهي اول مرة يدين فيها طرف رسمي النهضة منذ الندوة الصحفية لهيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي 2 اكتوبر الفارط.

الرئيس وفي كلمة لدى افتتاحه اجتماع المجلس الأمن القومي بقصر قرطاج قال ان «ملف الجهاز السري اصبح مفضوحا وأن العالم اجمع اصبح يتكلم عنه»، بعد ان مهد لهذا الاعلان بتطرقه الى لقائه بوفد من ثلاثة محامين عن هيئة الدفاع قدموا له تقريرا تضمن معطيات بشأن الجهاز السري لحركة النهضة.

رد الرئيس على الحركة لم يفته الاشارة الى ان ملف الجهاز السري وفتح أو لقاء هيئة الدفاع «يثير حساسية لدى النهضة» التي قال انه ليس ضدّها او ضد أي طرف، وهذا لدى شرحه لاسباب لقائه بأعضاء هيئة الدفاع التي اعتبر «إنّ كلامهم معقول» وانه لا يمكن التعتيم عما أثارته الهيئة من حقائق.

حقائق أشار إلى انها أثارت حفيظة النهضة التي اصدرت بيانا، اعتبره الرئيس «تهديدا له» وهو لن يتسامح مع هذا الامر، ليستعين بزاده من الأمثال الشعبية ويقول «إذا خلالك الجو فبيضي وفرّخي»، في استعارة يقصد بها ان الحركة تمكنت من جزء من الجهاز التنفيذي، لكن الجزء الآخر وهو بيد الرئيس «ما تاكلش الأمور هاذي معه» وقصده انه لن يهادنها كرئيس الحكومة ويتجاهل قضية الجهاز السري بل «ستنظر فيه المحاكم».

يوم امس اعلن الباجي عن اكثر من موقف، الرابط المشترك بينها هو حركة النهضة، فالحركة التي كشف منذ شهر عن وجود جهاز سري لها، تهدد الرئيس لانه استقبل واستمع لهيئة الدفاع، في مسعى منها، كما يلمح الباجي، الى طمس الملف.

هنا يقحم الباجي بشكل غير مباشر رئاسة الحكومة، سواء بالاستعانة بالامثال او بقيامه باستقبال هيئة الدفاع، على عكس رئيس الحكومة، او حديثه بشكل مباشر عن ملف الجهاز السري واقراره انه موجود وحقيقة لا يمكن انكارها او السكوت عنها، في الوقت الذي تجنب فيه رئيس الحكومة وكل وزرائه الخوض في هذا وان تلميحا.

تجميع كل هذا العناصر يكشف ان كسر الرئيس للقاعدة والقاء كلمة في اجتماع مجلس الامن، كان لاعلان الحرب على النهضة ومن ينتصر لها، والقصد هنا رئيس الحكومة الذي ذكره الرئيس بان مجلس الامن القومي الذي يرأسه رئيس الدولة، له ان يعوض الحكومة في بعض القرارات.

والقرار هنا نقل الحرب بين القصر والنهضة الى الحاكم بفتح ملف الجهاز السري، وهذا سيضع الشاهد في حرج هو وانصاره، فهم ان ظلوا على الحياد وتجنبوا الخوض في الامر سيعززون الانطباع السائد لدى جزء من الشارع بانهم «اتباع النهضة» وان قرروا الخوض في الامر فسيكونون في حرج مع حليفتهم.

خيار يبدو ان الرئيس درسه جيدا واكتشف انه يصيب اكثر من «عصفور»، أولا ان الجهة الوحيدة التي تقف في وجه النهضة هي رئاسة الجمهورية، وان الطرف الاخر، الشاهد ليس الا بيدقا لا يمكنه ان يكون «امل» التونسيين في 2019، ثانيا محاصرة النهضة وضربها في مقتل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115