بالتزامن مع مناقشة لجنة المالية لمشروع قانون المالية لسنة 2019: الجلسة العامة تواصل مناقشة أبواب الميزانية

واصلت الجلسة العامة يوم أمس أشغالها من أجل المصادقة على أبواب الميزانية لسنة 2019، حيث ناقش نواب الشعب

ميزانيتي وزارتي الداخلية والشؤون المحلية والبيئة. النقاش العام بين نواب الشعب الذي يعتبر الجزء الأكبر من الجلسات العامة وإن لم يتطرق إلى مضامين الميزانيات إلا أنه تطرق بالأساس إلى عدد من القضايا المتعلقة بالأمن ووضعية البلديات والمجالس الجهوية.

انطلقت الجلسة العامة بالمصادقة على مشروع ميزانية رئاسة الحكومة لسنة 2019 بــ101 نعم 5 احتفاظ و15 رفض، بعدما رفعت الجلسة المنعقدة أول أمس عند مستوى النقاش العام. وفي الفترة الصباحية، ناقش نواب الشعب الباب الرابع المتعلق بمشروع ميزانية وزارة الداخلية، المقدرة بـ 3093.352 م.د مقابل 2879.083 م.د سنة 2018 أي بزيادة قدرها 7.4% موزعة على نفقات التصرف 2878.752 م.د، نفقات التنمية 204.000 م.د، صناديق الخزينة 10.600 م.د، تمت المصادقة عليها بـ135 نعم، 4 محتفظ، 10 رفض.

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس نواب الشعب أعلن أنه اثر استقالة النائب عبد الرؤوف الشريف والتحاقه بعضوية الحكومة، فإن العضو الموالي في الترتيب في قائمة نداء تونس عن دائرة توزر جيهان طه العبادي، ستعوضه في كتلة الحرة لمشروع تونس، لتؤدي اليمين إثر ذلك.

الحياد واستقلالية المؤسسة الأمنية
النقاش العام بين نواب الشعب تطرق إلى عديد المواضيع المتعلقة بالمؤسسة الأمنية وموضوع اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وأيضا مدى حياد الوزارة عن الأمور السياسية. واعتبر نواب الشعب أنه من الضروري السعي إلى تكريس الأمن الجمهوري الذي يخدم الشعب والدولة بكل حياد ووفق ما يضبطه القانون وليس حسب الظروف السياسية السياسة، في ظل وجود محاولات للزجّ بالمؤسسة الأمنية لإرجاعها إلى مربّع التجاذبات السياسية. وقال النائب عن كتلة الائتلاف الوطني محمد الراشدي أنه من الضروري العناية أكثر بظروف العمل خاصة في المراكز الحدودية وذلك من خلال المزيد من التنسيق مع وزارة الدفاع الوطني والعمل على إرساء منظومة أمن جمهوري بعيدا عن كل التجاذبات السياسية. في حين قال النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس صلاح البرقاوي أنه من الضروري الإسراع بالمصادقة على مشروع قانون حماية الأمنيين، معتبرا أن الغرض منه ليس تكميم الأفواه بقدر ما يتعلق الأمر بتوفير التجهيزات التي تمكنهم وتحصّنهم ضد الجريمة والإرهاب.

أغلب التدخلات تحدثت عن الاستقلالية من جهة، وعن الإمكانيات المتاحة للمؤسسة الأمنية في ظل وجود نقص في التجهيزات لدى الأمن الوطني والذي ينعكس مباشرة على تفاقم الجريمة ، من خلال الدعوة إلى ضرورة دعم الشرطة الفنيّة والعلمية وتدعيم منظومة اليقظة وتكثيف أجهزة الكاميرا. وأفاد رئيس الكتلة الديمقراطية سالم الأبيض أن الإشكال يكمن في كيفية التوفيق بين الأمن والحياة دون السقوط في القمع، موضحا أن عصابات تسطو على بنوك في ظل تفاقم الجريمة نتيجة انهيار المنظومة القيمية.

بين احترام حقوق الإنسان وإنفاذ القانون
وفي رده على تساؤلات النواب، قال وزير الداخلية هشام الفوراتي انه من الأفضل تفعيل المشاريع المعطلة عوضا من برمجة مشاريع جديدة، مشيرا إلى أن جميع فقرات ميزانية الوزارة تصب في مجال مكافحة الإرهاب، حيث لابد من رصد إعتمادات تتماشى مع طموحات وزارة الداخلية في مقاومة هذه الآفة. كما أضاف أن هناك نقص في مراكز الأمن، فالعديد منها يشتغل بنصف الإمكانيات المطلوبة بالإضافة إلى النقص في الموارد البشرية، مشددا على أن الهدف يتمثل في تحقيق المعادلة بين احترام حقوق الإنسان وإنفاذ القانون. كما تحدث في مداخلته عن التشريعات الضرورية المتعلقة بالقوات الحاملة للسلاح، معتبرا في هذا الصدد وجود مشروع قانون يتعلق بضبط قواعد استعمال القوّة لا يزال قيد الدرس لدى مصالح التشريع، داعيا مجلس نواب الشعب إلى ضرورة تسريع المصادقة على مشروع القانون المتعلق بحماية الأمنيين لما يمثّله من حافز نفسيّ للأمنيين.

وبخصوص برنامج الوزارة للفترة القادمة، قال الفوراتي أن الوزارة ستقتني رادارات آلية بقيمة 1.6 م.د من ميزانية الوزارة، من أجل تركيزها على الطرقات لمحاولة التقليص في عدد حوادث السير. كما أعلن الوزير تخصيص 43 م.د لاقتناء الأسلحة ومعدات تدخل ومعدات وقاية من الرصاص من أجل تدعيم مجهود الوزارة وقوات الأمن في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وضعية الجهات والبلديات
وفي الجزء الثاني من أشغال الجلسة العامة، ناقش نواب الشعب الباب الخامس المتعلق بميزانية وزارة الشؤون المحلية والبيئة، حيث تم ضبطها بـ 1006.308 م.د مقابل 887.406 م.د سنة 2018 أي بزيادة قدرها 118.902 م.د بنسبة 19.4%، موزعة على نفقات التصرف 560.308 م.د، نفقات التنمية 323.000 م.د، صناديق الخزينة 123.000 م.د.

النقاش العام بين نواب الشعب تطرق إلى وضعية الجهات، حيث طرح كل نائب وضعية جهته في حين تحدث البعض الآخر عن المشاكل التي تعاني منها بعض البلديات. وقال النائب عن كتلة حركة نداء تونس عماد أولاد جبريل أن بعض الولاّة يستغلون عدم معرفة المجالس البلدية لصلاحياتهم ويواصلون العمل كالمعتاد، مطالبا بضرورة تطبيق كل ما جاء في مجلة الجماعات المحلية. وسرد النائب المشاكل التي تعاني منها ولاية المهدية التي تمثل مثالا أيضا لبقية الولايات، حيث اعتبر أن نسبة تغطية الديوان الوطني للتطهير ضعيفة جدا في الولاية، مما يستوجب ضرورة التدخل بصفة عاجلة في الأحياء ذات الكثافة السكنية، والعمل على وضع إستراتيجية وطنية للحد من التصحّر بالتنسيق مع وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي.

وفي نفس السياق، تحدث بعض النواب عن الإشكاليات المتعلقة بأملاك المجلس الجهوي الواقعة في نطاق المجالس البلدية، وعديد المسائل المتعلقة بمرحلة ما بعد الانتخابات البلدية. وقال النائب عن كتلة حركة النهضة الصحبي عتيق أن اللامركزية تمثل تجربة جديدة وتشاركية، حيث أن الهدف منها تقريب السلطة من المواطن الذي يبقى بحاجة إلى ثقافة لتفهّمها واستيعابها. وأوضح أن بلدية المنيهلة تعاني من نقص كبير على مستوى الموارد البشرية إضافة إلى أن بلدية حي التضامن لا توجد فيها مناطق خضراء، بالرغم من وجود إمكانية إلحاق بعض المناطق الخضراء من مدينة باردو لبلدية حي التضامن. ومن المنتظر أن تواصل الجلسة الليلية، مناقشة مشروع ميزانية وزارة العدل.

المصادقة على إحداث بنك الجهات
وعلى مستوى أشغال اللجان، عقدت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالتزامن مع الجلسة العامة اجتماعا للمصادقة على تقرير اللجنة حول مشروع ميزانية وزارة الشؤون الخارجية لسنة 2019 وتمت المصادقة عليه بإجماع الحاضرين. كما عقدت لجنة التشريع العام لقاء مع خبراء من المركز الدولي للمساعدة القانونية من أجل النقاش حول التجربة التونسية في العدالة الانتقالية ومختلف القوانين والتشريعات المهّمة التي صادقت عليها تونس خلال الفترة الانتقالية، ومن المنتظر المصادقة عليها مستقبلا أهمها قانون المساواة في الميراث الذي أثار ضجة كبيرة ويعتبر خاصية لتونس وكذلك المؤسسات الدستورية التي بصدد الإرساء على غرار المحكمة الدستورية. كما صادقت اللجنة على تقريرها بخصوص ميزانية وزارة العدل.

في المقابل، واصلت لجنة المالية والتخطيط والتنمية مناقشة فصول مشروع قانون المالية لسنة 2019، ومن أبرز الفصول التي تم الحسم فيها حسب النائب عن كتلة حركة نداء تونس المنجي الحرباوي الفصل 25 المتعلق ببنك الجهات، حيث صادق أعضاء اللجنة على إحداث البنك برأسمال قدر بـ 400 مليار في مرحلة أولى لتمويل المشاريع والباعثين ودفع التنمية والتشغيل بالجهات الداخلية. وخلال النقاش طالب النائب عن نفس الكتلة محمد الفاضل بن عمران بأن يكون مقر البنك في ولاية قبلي بدلا عن تونس العاصمة، التي اعتبرها منطقة تنمية جهوية ذات أولوية وأيضا لتجسيم مبدإ التمييز الايجابي والبعد الجهوي لهذا الهيكل بالابتعاد عن المركزية.

كما ناقشت اللجنة الفصل 24 المتعلق بدعم إعادة الهيكلة المالية للنزل السياحية التي تواجه صعوبات مالية، حيث اعتبر أعضاء اللجنة أنه يجب تعميم هذا الفصل على كافة المؤسسات التي تعاني من صعوبات، حيث قال النائب عن كتلة الائتلاف الوطني المنصف السلامي أنّ إعادة الهيكلة المالية لا يمكن أن تحدد بمقتضى فصل، لكن اللجنة المحدثة بأمر لها أن تحدد ذلك، ومتسائلا عن القواعد والمعايير التي سيتمّ أخذها بعير الاعتبار. وفي الأخير تم تعديل الفصل من خلال تغيير العنوان «دعم إعادة الهيكلة المالية للنزل السياحية».

الناصر يثمن الموقف السويسري
من جهة أخرى، استقبل رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر رئيس جمعية الصداقة المدنية سويسرا تونس وسفير سويسرا بتونس، وذلك بحضور محمد سعيدان مساعد رئيس المجلس المكلف بالعلاقات الخارجية. وثمن الناصر موقف سويسرا المساند للانتقال الديمقراطي في تونس، وقرار الحكومة الفدرالية السويسرية إبقاء تونس ضمن قائمة البلدان ذات الأولوية للتنمية، مؤكدا على أهمية تمويل المشاريع والبرامج الرامية إلى خلق فرص العمل والاستثمار في المناطق الأقل حظا. من جانبه أكد رئيس مجموعة الصداقة مكانة تونس لدى سويسرا وحرص أصدقاء تونس على مواصلة مساندتها ودعمها من اجل ضمان تواصل نجاح التجربة التونسية الديمقراطية التي تعتبر رائدة في المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115