هيئة الحقيقة والكرامة والتعويضات لضحايا الانتهاكات: كورشيد يؤكد أنها من خزينة الدولة وبن سدرين تشدد على أنها من «صندوق الكرامة»

لا يزال ملف التعويضات وجبر الضرر لضحايا الانتهاكات يثير جدلا في البلاد ويمثل نقطة سجال كبيرة بين

مختلف الفاعلين، جدل تعمق مع نشر هيئة الحقيقة والكرامة يوم الجمعة الفارط نص القرار الإطاري المتعلق بضبط جبر الضرر ورد الاعتبار من ناحية، والذي حسب الهيئة يضمّ 26 فصلا موزعة على 9 عناوين: أحكام عامة وطرق احتساب التعويض عن الضررين المادي والمعنوي وطرق صرف التعويضات والإدماج وإعادة الإدماج وإعادة التأهيل واسترداد الحقوق السياسية والمدنية وإجراءات مشتركة لجبر الضرر والاعتذار. أما العنوان التاسع والأخير فخصّص للأحكام الخاصة، بسبب التصريح الإعلامي الأخير لوزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق مبروك كورشيد الذي قال أن ضحايا الانتهاكات سيتم التعويض لهم من الخزينة العامة للبلاد التونسية وأن من بين أسباب إعفائه رفضه تقديم تعويضات لـ 62 ألف شخص من المتضررين من العهد السابق وهو ما أثار غضب حركة النهضة.

وفق نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة محمّد بن سالم فإنه سيتمّ منح الضحايا 3 خيارات حول طريقة التعويض سواء بتمتيعهم برأس مال حسب مقدار التعويض المستحق لهم أو منحهم جراية عمريّة أو توفير المساهمة اللازمة لإنجاز مشروع يتكفّل به صندوق الكرامة طبق البرنامج الراجع بالنظر الى الوكالة الوطنية للتشغيل خاصّة في ظلّ استعداد عدّة دول لتنفيذ هذه الفكرة في شكل هبات على غرار ألمانيا.

التعويض حسب نسبة الضرر
نص القرار الإطاري العام المتعلق بضبط معايير جبر الضرر ورد الاعتبار يصنف الفصل الرابع الضررين المادي والمعنوي ضمن 4 أصناف وخصّ كل صنف بضوارب معينة يتم بموجبها احتساب نسب التعويض. ويهم الصنف الأول الانتهاكات التي تمس الحق في الحياة وتم تخصيص نسبة 100 بالمائة للوحدة الحسابية لقيمة التعويض، أما الصنف الثاني فيخص الانتهاكات التي تمس من السلامة الجسدية والنفسية للأشخاص وقد تراوحت نسب الضوارب بين 70 إلى 25 بالمائة .ويشمل الصنف الثالث من الأضرار المادية والمعنوية، الانتهاكات التي تمسّ من حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه وتشمل الاعتقال التعسفي والتجنيد القسري (40 بالمائة كضارب وحدة حسابية). أما الصنف الرابع والأخير فيخص الانتهاكات المتعلقة بالحقوق المدينة والاجتماعية (15 بالمائة ضارب الوحدة الحسابية).

اعتذار رئيس الجمهورية
جاء في الفصل 20 من نص القرار الإطاري أن رئيس الجمهورية يقدم اعتذارا علنيا باسم الدولة لكل الضحايا على معنى الفصل 10 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 .ويعرف هذا الفصل الضحية: «هي كل من لحقه ضرر جراء تعرضه لانتهاك على معنى هذا القانون سواء كان فردا أو جماعة أو شخصا معنويا. وتعد ضحية أفراد الأسرة الذين لحقهم ضرر لقرابتهم بالضحية على معنى قواعد القانون العام وكل شخص حصل له ضرر أثناء تدخله لمساعدة الضحية أو لمنع تعرضه للانتهاك.ويشمل هذا التعريف كل منطقة تعرضت للتهميش أو الإقصاء الممنهج. ويقوم اعتذار رئيس الجمهورية على الإقرار والاعتراف بمسؤولية الدولة عن انتهاكات حقوق الإنسان والالتزام بضمان عدم تكرارها وتسليم شهادة اسمية من نص الاعتذار لكل ضحية.

كورشيد.. التعويض من خزينة الدولة
وزير أملاك الدولة السابق مبروك كورشيد أكد في تصريح سابق له لـ«موزاييك أف أم» أنّ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رفع «الفيتو» ضد استمراره في منصبه ‘’منذ عدّة أشهر بسبب مضيّه في اتجاه مخالف لرغبة حركة النهضة التي تريد منه أن يقدّم تعويضات لـ 62 ألف شخص من المتضررين من العهد السابق، مشددا على أن الغنوشي طلب التعويض المجزي لـ 62 ألف شخص من الخزينة العامة، وتابع قائلا «رفضت أن يتم هذا وأنا وزير لأملاك الدولة لأنّه لا يجوز التعويض من خزينة الدولة ولا يمكن اعتبار النضال آلية للتعويض»، وأضاف أن الأموال المتأتية من القرارات التحكيمية عوض توجيهها إلى خزينة الدولة سيتم تخصيصها للتعويض للضحايا، تصريحات ردت عليها رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين في «شمس أف أم» وأكدت أن الهيئة لم تطلب من مبروك كورشيد التعويض. وأوضحت أن الملفات التي تدخل في باب التحكيم والمصالحة من باب الانتهاكات الجسيمة لا يتجاوز عددها 10 آلاف ملف والهيئة لم ترسل القائمة إلى كرشيد.
بن سدرين..صندوق الكرامة هو الجهة الوحيدة التي تعوض

حسب بن سدرين فإن كورشيد ليست له صفة التعويض ولا صلاحية التعويض ولا صفة جبر الضرر ولا يمكنه التعويض وأن صندوق الكرامة هو الجهة الوحيدة التي تعوض، مشيرة إلى أن الهيئة توجهت الى المكلف العام بنزاعات الدولة بـ2307 طلب مصالحة رفض قبولها. كما اتهمت بن سدرين كرشيد بالإجرام في حق الدولة وقالت إنه فوت على الدولة الحصول على مبالغ مالية لأنه لا يفهم شيئا من العدالة الانتقالية.

260 شخص طلبوا المصالحة و988 جلسة
من جهته أكد النائب عن حركة النهضة محمد بن سالم لـ«المغرب» أن عدد من الضحايا عبروا عن استعدادهم للمصالحة وحسب المعلومات المتحصل عليها فإن 260 شخصا طلبوا مقابلة المعتدين عليهم في وزارة الداخلية فقط لتوضيح أسباب الاعتداء عليهم ومن أمرهم بالقيام بعملية التعذيب الوحشية ولم يطلبوا أي تعويض، مشيرا إلى أن المكلف بنزاعات الدولة بأوامر من مبروك كورشيد رفض كل مطالب المصالحة وتصريحاته كانت مجانبة للحقيقة وكانت بسبب المرارة التي شعر بها عند إعفائه من مهامه أضف إلى ذلك فهو لم يكن مكلفا بالخزينة وأنه ليس من حق وزارة أملاك الدولة الموافقة على التعويض من عدمه. وبين محمد بن سالم أنه حسب ما أكده له عضو هيئة الحقيقة والمصالحة خالد الكريشي فإن الذين تقدموا بطلب المصالحة مع الموظفين دون تعويضات يبلغ عددهم 260 شخصا والمكلف بنزاعات الدولة رفض كل ذلك وأكثر من ذلك فإن كورشيد أساء لخزينة الدولة ذلك أن المصالحة تكون بين الضحايا والجلادين في حين أن المصالحة المالية تكون بين الأشخاص الذين استغلوا أموال الدولة واعترفوا بذلك وبين الدولة والفئة الأخيرة يريدون تسوية هذه القضية خارج المحاكم بالنظر إلى الضغوطات المسلطة عليهم. كما أشار بن سالم إلى أن المكلف بنزاعات الدولة طلب التأجيل في 988 جلسة ورفض أن تتم المصالحة مع أي إن كان والمليارات التي كانت ستدفع من قبلهم للدولة باقية الآن في جيوبهم. وأوضح أن الأمر المكون لصندوق الكرامة قد صدر وينص فقط على أن الدولة تدفع مرة واحدة 10 مليون دينار كل سنة حسب الميزانية. هذا وأعرب عن أسفه من غياب الرغبة لدى «المذنبين في حق البلاد» من طي هذه الصفحة.

مبادرة راشد الغنوشي حول المصالحة
وسط الجدل القائم بخصوص جبر الضرر والتعويضات للضحايا، دعا رئيس حزب حركة النهضة، راشد الغنوشي إلى تقديم مبادرة للعفو التشريعي العام تهدف إلى المصالحة الشاملة في البلاد وتفعيل مسار العدالة الانتقالية، وحسب تصريح يمينة الزغلامي القيادية بحركة النهضة لـ«المغرب» فإن هذه المبادرة هي قيد الدراسة من قبل لجنة تمّ تشكيلها على مستوى الحركة من أجل إبداء الرأي فيها والقيام بالتعديلات الضرورية بالتنسيق مع الكتلة البرلمانية للحركة والمكتب القانوني وكذلك مكتب العدالة الانتقالية، مشيرة إلى أن مبادرة رئيس الحركة تتعلق بالعفو التشريعي العام والمصالحة الشاملة بضمان حقوق الضحايا وكشف الحقيقة وجبر الضرر وتخص الأشخاص الذين لهم صفة «الضحية» مهما كانت انتماءاتهم فهي تشمل كل ضحايا الاستبداد.

وأضافت الزغلامي أن مبادرة رئيس الحركة ليست بديلا عن العدالة الانتقالية أو في مسار متناقض معها بل تهدف إلى تحقيق المصالحة الشاملة في البلاد وطي صفحة الانتهاكات وردّ الاعتبار للضحايا وجبر الضرر، وللأسف الشديد فان هيئة الحقيقة والكرامة لم تشتغل على ملف المصالحة الشاملة والحال أنه ركيزة من ركائز العدالة الانتقالية، مشددة على أن نهاية مسار العدالة الانتقالية هي طي صفحة الانتهاكات والمصالحة. كما أوضحت أن المبادرة مازالت في مرحلة مناقشة المقترح المقدم صلب مؤسسات الحركة وسيعلن راشد الغنوشي عنها حين تكون جاهزة وأدخلت عليها التعديلات المناسبة، رافضة تقديم أكثر تفاصيل سواء حول شكل المبادرة أو الخطوط العريضة لها واكتفت بالقول إن رئيس الحركة هو الذي سيتولى الإعلان عن تفاصيل المبادرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115