قصة الغرفة السوداء والجهاز السري لحركة النهضة كانت في 19 ديسمبر 2013، تاريخ تقديم شكوى ضد مصطفى خضر تتعلق بالمفتاح الرئيسي لباب السطح قبل ان تصبح متعلقة بجهاز سري يهدد الأمن الوطني.
خلال الساعات الـ72 الفارطة، بلغ ملف «الغرفة السوداء» وفق توصيف لجنة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي حلقته الراهنة، رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية تقران بوجود «مكتب» يتضمن محجوزات قضية مصطفى خضر.
مكتب يشدد الناطق باسم الداخلية على انه ليس غرفة سوداء، بل احد مكاتب الوزارة وقع استخدامه لتأمين المحجوز، فالوزارة وفق سفيان الزعق لم تقم الا بالتأمين المادي للمحجوز منذ ان بلغها في 2013. تامين مادي يقصد به الناطق باسم الداخلية حماية المحجوز وحفظه دون ضرورة الإطلاع على الوثائق ومضمونها، ويوم طلب منها المحجوز قدمته للجهات القضائية المختصة.
قول سفيان الزعق، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية منذ جوان الفارط، يتضمن اشارة الى قدوم قاضي التحقيق بمكتب 12 المكلف بملف اغتيال محمد البراهمي ومعاينة الفضاء، ويتضمن اقرارا بان المحجوز نقل خارج الوزارة وبات تحت تصرف قاضي التحقيق. هذه المعطيات هي ما تقدمه الداخلية مع التشديد على انها لم تنف يوما وجود وثائق تتعلق بقضية مصطفى خضر بيدها، بل نفت ولا تزال وجود «غرفة سوداء».
ما تقدمه الوزارة ينتهي عند هذا الحد، وتطلب التوجه للقضاء لمعرفة بقية التفاصيل المتعلقة بكيفية ضبط المحجوز كيف نقل للوزارة ومن اطلع عليه وقرر اية وثائق تدرج في التحقيق. معطيات لا تتوفر بشكل مباشر من اية جهة مختصة في تونس.
لكنها تتسرب من خلال التصريحات المقتضبة الصادرة عن كل جهة، على غرار ما اعلنه الناطق باسم القطب القضائي سفيان السليطي، الذي يشير الى ان قاضي التحقيق في المكتب 12 استمع لاطار بوزارة الداخلية، اثر اثارة هيئة الدفاع عن محمد البراهمي للامر، وبعد الاستماع اليه قرر توجيه طلب معاينة للمحجوز، وهو ما تم قبل ان يقوم بنقله ليكون على ذمته. معاينة ونقل يقول السليطي انها كانت بوجود النيابة العمومية، التي رافقت قاضي التحقيق في كافة المسار وسترافقه في عملية الاطلاع على الوثائق.
هذه الوثائق التي ترد في 30 كيسا بلاستيكيا كبير الحجم واضافة الى صناديق عدة، هي مستندات وأدلة متعلقة بقضية مصطفى خضر، التي اصدر القضاء فيها حكما بسجن الاخير لـ8 سنوات بتهم تتعلق بالحق العام ومسك وثائق عمومية.
وليست هي التهم الوحيدة التي وقع استخلاصها من 30 وثيقة وجهت للقضاء من اصل كم الوثائق المحجوزة، اذ يشدد سفيان السليطي على ان النيابة العمومية أحالت ملف قضية خضر الى قاضي التحقيق بتهم تتعلق بالارهاب والمس من الامن القومي، لكنه أحال الاخير بالتهم التي حوكم عليها.
قضية يقول السليطي أنها قد تفتح من جديد ويستأنف التحقيق فيها ان وصلت للنيابة العمومية ادلة جديدة، فالنيابة ليست ولن تتستر على اي طرف او جهة، بل هي مؤسسة لها مسؤولية كشف الحقيقة واتباع الإجراءات القانونية.
إجراءات يقول إنها اتبعت وان النيابة تحركت لإثارة ملف الغرفة السوداء بالاستناد الى الإجراء 31 لكن عميد قضاة القطب تخلى عن القضية لعدم الاختصاص، قبل ان تصبح اليوم أدلة لدى المكتب 12 الذي سينظر فيها ويعتمد التي لها علاقة، إن وجدت، بقضية البراهمي والاغتيالات السياسية. لكن ليس هذا فقط المهم، المهم هو فتح قضية مصطفى خضر من جديد وهو ما يقول السليطي انه سيقع ان وجدت ادلة جديدة يكشف عنها المحجوز.
اعلان يقترن مع تعهد على المضي في مسار القضية فالنيابة العومية متمسكة بان تصل للحقيقة وفق السليطي ولن تتسر على اي طرف يكشف عن تورطه وستتحرك وفق ما يسمح به القانون لها. تعهد قد يكون ملزما للنيابة العمومية بان تتحرك ليس فقط بعد جرد كافة المحجوز في قضية خضر الذي ضبطه أعوان الشرطة العدلية بالمروج بمقر مدرسة تعليم السياقة الخاصة به ودون في محضر حجز بتاريخ 19 ديسمبر 2013 والذي ينص على وجود 14 صندوق من الوثائق ومحجوزات اخرى من اجهزة هاتف وحواسيب وادوات مراقبة وتصوير.
انما تتحرك لتتحرى عن الجهة المسؤولة عن عدم تضمين هذه الوثائق في القضية وكيف وقع التغافل عن تضارب بين محضر الشرطة العدلية ومحضر التسليم الممضى عليه من قبل ممثل لوزارة الداخلية، الذي يبين اختفاء 10 صناديق قبل ان تتقلص هذه الصناديق الاربعة بدورها الى 30 وثيقة تحال الى القاضي المكلف بقضية خضر.
قضية خضر او اللغز الجديد لم تعد تتعلق فقط بجهاز سري لحركة النهضة او غرفة سوداء انما باتت تتعلق بشبهة تلاعب وتستر قامت بها اجهزة في الدولة أعاقت التحقيق في شبه جرائم ارهاب وامن دولة، وفق تصنيف النيابة اول الامر.
تلاعب ان كشف عنه سيكشف عن باقي تفاصيل القضية التي قبرت قبل صدور حكم القضاء من خلال حجب ادلة قد لا يكون فيها ما يدين خضر بالاغتيالات او يدين النهضة معه في ذات القضية او في مسألة الجهاز السري، وسيكشف بالاساس عن الجهات التي حجبت وهذا سيكون مفتاحا لمعرفة اسرار اخرى.