تعرض خطاب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي خلال الندوة السنوية الثانية للحركة الى الاتهامات التى وجهت للنهضة في ملف الاغتيالات السياسية وان كان بطريقة غير مباشرة .
في الوقت الذي شددت فيه هيئة الدفاع عن الشهيدين امس على ان معطيات مؤكدة وردت عليها تفيد بان عددا من القيادات الامنية والسياسية القريبة من حركة النهضة تمارس ضغوطا متزايدة لفتح الغرفة السوداء والعبث بمحتوياتها واتلاف وثائقها، شبه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في أول رد منه رسميا على المعطيات التى سبق وان قدمتها هذه الهيئة منذ 2 اكتوبر الماضي «بمن استغل قميص عثمان للوصول الى الحكم»، داعيا للكف عن التعامل مع حركة النهضة باعتبارها ملفا امنيا.
هذا الرد بطريقة غير مباشرة على اعضاء هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي من جهة وعلى قيادات الجبهة الشعبية خاصة من جهة اخرى الذي كان من بين المحاور العديدة التى تناولها خطاب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي امس لم يكن بعيدا عن ردود الافعال التى صدحت بها قيادات النهضة منذ الندوة الصحفية الاولى لهيئة الدفاع والحديث عن التنظيم السري او الخاص للنهضة وإنكار ذلك واتهام قيادات الجبهة بالتشويه والمغالطات.
بالعودة الى ما جاء في رد الغنوشي الذي اتهم فيه بعض الاطراف بأنها«مازالت تسبح ضد التيار على خلاف ما هو مطلوب وبمحاولة تلويث الفضاء العام واستغلال الاوضاع السياسية للرجوع بتونس إلى خطاب الكراهية والحقد والاستئصال والتشويه وافتعال القضايا والتلهية عن الأولويات الحقيقية للوطن والمواطن والاستثمار في الدم بدل المساهمة في بناء تونس وتطوّرها»، مشبها عملها بمن استغل قميص عثمان للوصول إلى الحكم «على نحو ما يعرف في الادبيات اتخاذ قميص عثمان سبيلا للوصول الى السلطة وعبثا تحاول هذه الاطراف» في اشارة الى قيادات الجبهة الشعبية.
من حادثة الافك 2012 الى قميص عثمان 2018
ليست هي المرة الأولى التي يشبه فيها رئيس حركة النهضة أحداثا تعلقت بالنهضة باحداث من التاريخ الاسلامي لعل ابرزها كانت خلال ما اصبح يعرف بقضية الفساد «الشيراتون غيت» والمتعلقة بصهره رفيق عبد السلام عندما كان وزيرا للخارجية في عهد الترويكا الاولى وتحدث الغنوشي في ديسمبر 2012 عن حكم من ينشر اشاعة في الشرع الاسلامي وعمن يشن حملات اعلامية لتمزيق صف المسلمين وقال الغنوشي «من يُروج الإشاعة دون أن يأتي بدليل يُعاقب بـ80 جلدة»، واعتبر نشر الإشاعة عمل أعداء الإسلام واستشهد في ذلك بآيات قرانية واستعرض قصة السيدة عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك .
يوم امس استدل في خطابه بحادثة اخرى وهي استغلال قميص عثمان وهو أمير المؤمنين عُثمان بن عفّان ثالث الخلفاء الراشدين وقد قُتل في منزله، وقميص عُثمان هو القميص الملطخ بدمه وفي معركة صفين التي كانت بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية ، أحسّ عمرو بن العاص في عسكر معاوية فتوراً في المحاربة، فشار على معاوية أن يبرز لهم قميص عُثمان، ليجعلهم يستأنفون المنازعة، ففعل ذلك معاوية، وحين وقعت أعين الجند على القميص ارتفعت ضجتهم بالبكاء والنحيب، وتحرك منهم الساكن، وثارت أحقادهم واندفعوا يقاتلون، وإذن فقميص عُثمان صار يُطلق على كل شيء يُراد به التحريض والإثارة، كما تعرف بفتنة مقتل عثمان أو الفتنة الكبرى وتُعرف كذلك بـالفتنة الأولى.
وقال الغنوشي خلال خطابه امس إنّ هذه الأطراف تحاول عبثا ‘’استصحاب خطاب المخلوع وسياساته في التعامل مع حركة النهضة باعتبارها ملفّا أمنيا وليست حزبا سياسيا وعمقا اجتماعيا وثقافيا وفاعلا وازنا في المشهد السياسي ، قاوم الاستبداد قبل الثورة ويساهم بعدها في بناء الجمهورية الثانية والدفاع عن الدولة من مواقع متقدّمة بشرعية انتخابية وشعبية واسعة راسخة ومتجددة وقيادة قاطرة المصلحة الوطنية التي تقبل بشرعية الثورة ودستورها ونظامها السياسي على حد تعبيره.
التخلي عن العمل السري
وأضاف في السياق ذاته انه فات هذه الأطراف أن النهضة قرّرت منذ مؤتمرها الخامس المنعقد في المهجر سنة 1995 التخلي عن «العمل السرّي» الذي أجبرها عليه نظام قمعي واكدت طابعها المدني وان ذلك تجسد في هيئة 18 اكتوبر 2005 ..... وقال ايضا انه بالرغم من حملات الملاحقة الأمنية والتشويه الإعلامي ومحاولات اتهام النهضة وقياداتها بالإرهاب فقد أنصف القضاء الأجنبي النهضة في كل القضايا في المحاكم الاجنبية وحكم بتبرئة النهضة من اتهامات العنف والارهاب، كما أشار إلى أنّ القضاء الإداري التونسي بعد الثورة أنصف النهضة بإبطال كل الأعمال الصادرة عن محكمة أمن الدولة المتعلقة بمحاكمة عدد من قيادات حركة النهضة في الفترة من 1987 إلى 2010.