بعد إمضاء الاتفاق في القطاع العام وإلغاء إضراب الغد: مفاوضات الوظيفة العمومية الخطوة الأصعب.. بين ضغوطات الاتحاد وإكراهات صندوق النقد الدولي

أمضى كل من رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل رسميا مساء أمس الاتفاق الذي تمّ

التوصل إليه السبت الماضي صلب اللجنة العليا للمفاوضات 5 زائد 5 والمتعلق في جانب منه بالزيادات في الأجور في القطاع العام وفي جانب آخر بوضعية المؤسسات العمومية التي تعهدت الحكومة بعدم التفويت فيها ودراسة وضعياتها حالة بحالة بالشراكة مع الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي بموجبه قررت الهيئة الإدارية الوطنية للمنظمة الشغيلة المنعقدة بصفة استثنائية أول أمس إلغاء الإضراب العام المقرر يوم الأربعاء 24 أكتوبر الجاري، وبعد هذا الاتفاق فإن الخطوة القادمة هي المفاوضات في الوظيفة العمومية وهي حسب تصريح وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي لـ«المغرب» ستكون الأصعب، علما وأن الاتحاد بالتوازي مع عملية إمضاء الاتفاق في القطاع العام سيصدر اليوم الثلاثاء برقية الإضراب في الوظيفة العمومية المقرر يوم 22 نوفمبر المقبل .

الاتفاق بين الاتحاد والحكومة حول عمومية المؤسّسات العمومية والزيادة في الأجور في القطاع العام يضمّ 3 نقاط أساسية، الزيادات العامة في الأجور والمحافظة على المؤسسات العمومية والثالث الدعم والتحكم في الأسعار، وبالنسبة إلى الزيادات في الأجور فهي تخص سنوات 2017 و2018 و2019 وتشمل 142 مؤسسة ومنشاة عمومية تتوزع بين 270 دينارا للإطارات و245 دينارا بالنسبة لأعوان التسيير و205 دنانير بالنسبة لأعوان التنفيذ، وتحتسب الزيادة على أساس 12 شهرا، ويتم صرف المفعول الرجعي للزيادات مع أجرة شهر جانفي 2019.

جدولة المفعول المالي الرجعي
حسب نص الاتفاق فإن الزيادات ستتوزع على 3 أقساط، الأول بداية من 1 ماي 2018 والثاني بداية من 1 ماي 2019 والثالث بداية من غرة جانفي 2020 ، وبالنسبة للمؤسسات التي تشكو صعوبة مالية يتم الاتفاق بين الإدارة العامة للمؤسسة المعنية واتحاد الشغل على كيفية جدولة المفعول المالي الرجعي، هذا ويتواصل التفاوض حول النظام الأساسي العام لأعوان الدواوين والمنشآت العمومية بين الطرفين على أن تنتهي اللجنة المشتركة من أعمالها في أجل أقصاه 31 ديسمبر 2018، كما يتواصل التفاوض في الجانب الترتيبي على مستوى كل مؤسسة على أن تنتهي هذه المفاوضات في أجل أقصاه 31 مارس 2019، مع فتح جولة جديدة من المفاوضات بداية من أفريل 2020، هذا ويلتزم الطرف النقابي بعدم المطالبة بأي زيادة عامة في الأجور بعنوان سنوات 2017 و2018 و2019.

4 وزراء و4 أمناء مساعدين أمضوا أولا على الاتفاق
البند الثاني المتضمن في نص الاتفاق الذي سبق وأن تمّ إمضاؤه قبل عرضه على الهيئة الإدارية من قبل 4 وزراء وهم وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي ووزير المالية رضا شلغوم ووزير الإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي والناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني و4 قواعد نقابية من المكتب التنفيذي وهم حفيظ حفيظ وصلاح الدين السالمي ومنعم عميرة وكمال سعد، يخص المحافظة على المؤسسات العمومية والتي كانت السبب الجوهري للخلافات بين الحكومة والاتحاد، وقد تمّ الاتفاق على أن تجدد الحكومة تعهدها بالمحافظة على المستوى الحالي لنسب مساهماتها العمومية المباشرة وغير المباشرة في المنشآت والمؤسسات العمومية ومعالجة الأسباب التي أدت إلى اختلال الوضع المادي للبعض منها حالة بحالة للمحافظة على صبغتها العمومية وديمومتها وتطويرها في إطار تشاركي بين الطرفين.

ضبط آليات عملية التحكم في الأسعار
بموجب هذا الاتفاق فإنه سيتم تكوين لجنة مشتركة ثنائية في أقرب الآجال تجمع الحكومة والاتحاد لدراسة إصلاح منظومة الدعم المباشر وغير المباشر لجميع القطاعات على أن تنهي أعمالها قبل موفى مارس 2019، وفيما يتعلق بالبند الثالث المتعلق بالدعم والتحكم في الأسعار، فإن الحكومة تتعهد بضبط آليات عملية التحكم في الأسعار وإعادة هيكلة مراقبة مسالك التوزيع بما فيها أسواق الجملة على أن تنطلق الحكومة في تفعيل هذه الآليات قبل موفى ديسمبر 2018 .

ملف التعليم الثانوي على طاولة النقاش
إمضاء الاتفاق في القطاع العام اعتبره الطبوبي بعد لقائه رئيس الحكومة انتصارا للإرادة وللبلاد من خلال الابتعاد عن التوترات الاجتماعية في انتظار إنهاء ملف الوظيفة العمومية في أقرب الآجال وسيتم اليوم إصدار بطاقة الإضراب العام بخصوصه، مشيرا إلى أنه تناول أيضا خلال لقائه بالشاهد ملف التعليم الثانوي العالق منذ السنة الفارطة لما له من حساسية كبرى، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق بخصوص هذين الملفين مع الحكومة في القريب العاجل، مؤكدا انفتاح الاتحاد على التفاوض.

كتلة الأجور سترتفع
لئن يعدّ هذا الاتفاق خطوة ايجابية، فإن المفاوضات القادمة في الوظيفة العمومية ستكون الأصعب لأن لها علاقة بكتلة الأجور والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وستجد الحكومة نفسها بين ضغوطات اتحاد الشغل واكراهات صندوق النقد الدولي الذي يشدد على ضرورة مزيد التخفيض في كتلة الأجور، علما وأن الزيادات السابقة قد كانت في شكل إعفاء جبائي على عكس الزيادات المرتقبة التي ستكون زيادات فعلية وبالتالي فإن كتلة الأجور مرشحة للارتفاع أكثر، وبذلك فإن هامش المفاوضات سيتقلص على عكس المنشات والمؤسسات العمومية التي لها استقلالية مالية وإدارية وهي خارج ميزانية الدولة، وإصدار برقية الإضراب العام في الوظيفة العمومية قبل شهر من تاريخ الإضراب العام هو محاولة من الاتحاد لضمان مساحة زمنية متسعة للتفاوض، علما وأن اتفاق القطاع العام جاء بعد خلافات في وجهات النظر بين الحكومة والاتحاد حول صيغة النقطة المتعلقة بعدم التفويت في القطاع العام، فالحكومة اقترحت في البداية صيغة فيها أكثر مرونة في التعامل مع المؤسسات مستقبلا وفي المقابل أراد الاتحاد التنصيص على كلمة التعهد بعدم التفويت في القطاع العام في الاتفاق، ليتقرر بعد يومين من التفاوض اقرار الصيغة الموجودة في نص الاتفاق والمذكورة آنفا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115