رغم ان فوز اي منهم ليس «بيده» بل هو بيد غيره ومحكوم بحسابات رياضية بسيطة، من معه الاغلبية+1، ومن ضمن تحالفات تحقق له هذه الاغلبية، والجواب الكل يسعى لهذا.
منذ 48 ساعة ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يعقد سلسلة من اللقاءات مع ابرز الفاعلين في البرلمان، اخرها مع رئيسه بعد ان سبق له والتقى بكل من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي.
لقاءات بات جليا انها تتعلق بمبادرته التي سيعلن عنها في حواره بداية الأسبوع المقبل، ان لم يتراجع عنها، وهي اللجوء للفصل 99 من الدستور الذي يمكنه من إحالة حكومة الشاهد على البرلمان لتجديد الثقة فيها او إسقاطها، والرئيس يراهن على إسقاطها.
خيار الرئيس بالذهاب للبرلمان يمكن اعتباره ردا على استمرار الأزمة السياسية في البلاد لكنه بالأساس رد على تفاقم الأزمة وانجراف حزبه نداء في تونس في دوامة الاستقالات التي تنبئ هذه المرة «بنهايته». لهذا اختار ان يتدخل على أمل إنقاذ حزبه الذي لن يتم دون المرور بحل أزمة الحكومة.
الرئيس وهو يبحث عن حل الأزمتين يسعى لتوجيه رسائل للداخل والخارج بأنه «لايزال اللاعب رقم واحد» وهو بيده كل خيوط اللعبة ولديه القدرة على تغيير المعادلات، لكن هذه الرسالة قد تكون جاءت في وقت متأخر جدا، وهو ما تكشفه اللقاءات التي عقدها الرجل في قصر قرطاج، بعضها علني والآخر سري.
لقاءات علنية كان أولها مع رئيس النهضة الذي يبدو انه كرر ما قاله في آخر لقاء جمعه بالرئيس منذ أسابيع، قرار هياكل الحزب التمسك بالاستقرار الحكومي والسياسي أي انها مع الإبقاء على الشاهد، ولكن ذهب الشيخ كما المرة الفارطة إلى طلب مهلة لعرض الأمر على حزبه والعودة برد إلى الرئيس، في ظل مؤشرات اولية من الحركة تفيد بأنها لن تغير موقفها خاصة وأنها تضع في أولوياتها انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية ورئيس هيئة الانتخابات.
هذا اللقاء مع رئيس حزب يدعم الشاهد ليس الوحيد، فرئيس الجمهورية التقى برئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي ساعات اثر لقائه بالغنوشي، ويبدو انه طرح عليه مسألة سحب نوابه من كتلة «الائتلاف الوطني» الداعمة للشاهد، بهدف اضعاف حزام الشاهد في البرلمان، وفي انتظار ما سيقوم به اعضاء الاتحاد الوطني في البرلمان يمكن التخمين بانه لن يختلف عن المرة السابقة حينما طلب الرئيس ورفض الرياحي.
رفض لم يتاكد بعد سواء من النهضة او الاتحاد الوطني الحر، لكن هذا لا يعني ان حسابات الرئيس تسير بشكل جيد، فما يشهده حزبه الذي من اجله خاطر باللجوء للفصل 99 لا تمضى كما انتظر، فالاستقالة العاشرة من كتلة نداء تونس تمت بعد ان اودع النائب اسماعيل بن حمودة استقالته من الكتلة في مكتب ضبط البرلمان.
هذا يعني ان مساعي الرئيس الى ايقاف نزيف الاستقالات الى حين اتضاح الرؤية امامه واعلان مبادرته لم تنجح خاصة وان عددا من قادة حزبه يتداولون عريضة تطالب بالغاء قرار تجميد الشاهد من النداء وتشكيل هيئة تسييرية تشرف على الحزب الى حين اجراء المؤتمر.
ربما هذا سيؤثر على خيارات الرئيس وتجعله يعدل عن استعمال الفصل 99 من الدستور والبحث عن خيار آخر لحل ازمة حزبه التي باتت في مرحلة تنذر بخطر الزوال النهائي.