الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي لـ«المغرب»: تفعيل الفصل 99 مغامرة غير محسوبة العواقب.. وهامش المناورة عند رئيس الجمهورية أصبح ضعيفا جدا

لا حديث يوم أمس إلا عن الحوار التلفزي المباشر المرتقب لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي

بداية الأسبوع المقبل وإمكانية إعلانه عن حلّ لأزمة الحكومة من خلال استعمال صلاحياته الدستورية وعرض الحكومة على مجلس نواب الشعب لنيل الثقة أي تفعيل الفصل 99 من الدستور، توجه أسال الكثير من الحبر من قبل الفاعلين السياسيين، حيث أكد جلال غديرة النائب عن كتلة حركة نداء تونس في تصريح له للإذاعة الوطنية أنه لا ينصح رئيس الجمهورية بهذا الحلّ ، معتبرا أن سحب الثقة من يوسف الشاهد يشكك في خياراته ومواقفه لأنه هو من اختاره ليكون في منصب رئاسة الحكومة، وبالنسبة لحركة النهضة فهي مازالت تدرس كل الفرضيات الممكنة لحلّ الأزمة مع التمسك بالاستقرار الحكومي، وهو ما جدد التأكيد عليه رئيس الحركة راشد الغنوشي في لقائه أمس برئيس الجمهورية.
ينص الفصل 99 من الدستور على أنه «لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل 89.. عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.. وفي حالة تجديد المجلس الثقة في الحكومة، في المرّتين، يعتبر رئيس الجمهورية مستقيلا».

استحالة إسقاط حكومة الشاهد عبر البرلمان
الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أكد لـ«المغرب» أنه على ضوء الأخبار المتداولة بصفة مكثفة بناء على تسريبات من دوائر قريبة من القصر مفادها اعتزام رئيس الجمهورية استعمال الفصل 99 من الدستور وطلب التصويت على تجديد الثقة لحكومة يوسف الشاهد فإن الحزب يعتبرها بالمعطيات المتوفرة في الساحة وبما حققه يوسف الشاهد من تقدم على خصومه داخل نداء تونس وداخل منظومة الحكم، شبه مغامرة غير محسوبة العواقب لأنه في صورة احتساب نواب حركة النهضة الداعم الأساسي لاستمرار الشاهد في الحكم بشروطها طبعا إلى جانب الكتلة الجديدة «كتلة الائتلاف الوطني» فإن الأغلبية موجودة، أكثر من 109 أصوات، وبالتالي يستحيل عدديا أن ينجح رئيس الجمهورية في إسقاط الحكومة من خلال اللجوء إلى البرلمان وهذا ما يفتح على مزيد تعميق الأزمة السياسية لأن الرئيس سيكون أمام خيار إعادة طلب التصويت لتجديد الثقة وهذا إذا لم ينجح فيه مرة أخرى يعتبر بدوره مستقيلا وبذلك الدخول في تداعيات كبيرة للفصل 99 وقد يصل الأمر إلى انتخابات سابقة لأوانها، البلاد غير مستعدة لها، هذا من الناحية الدستورية أو من الناحية السياسية فإن هذه الأخبار تشير إلى أن التعايش بين رأسي السلطة التنفيذية، رئيسي الجمهورية والحكومة، أصبح مستحيلا ولن يقبل الرئيس بالنقطة التي سجلها على حسابه يوسف الشاهد في البرلمان بجلب نواب من النداء وحركة مشروع تونس ونواب آخرين في كتلة برلمانية موحدة.

أوراق اللعبة خرجت من بين يدي رئيس الجمهورية
وفق الشابي فإن رئيس الجمهورية لن يقبل بكافة هذه النقاط ويريد أن يردّ الفعل أو يبعث برسالة مفادها أنه غير قابل لاستمرار التعايش بينهما على رأس السلطة التنفيذية في السنة الأخيرة من عمر المنظومة الانتخابية، تفصلنا سنة عن انتخابات 2019، رسالة يبين فيها أنه مازال يمسك بزمام بعض الأوراق للإطاحة بيوسف الشاهد لكن حسب اعتقاده فإن هامش المناورة عند رئيس الجمهورية أصبح ضعيفا جدا وأوراق اللعبة خرجت من بين يديه نظرا للأخطاء الكثيرة التي ارتكبت في إدارة الأزمة، مشيرا إلى أن المنظومة التي تحكم البلاد منذ 2014 إلى اليوم مسؤولة عن الظرف الصعب التي تمر به البلاد والصراع القائم إلى اليوم وسط رفض أي طرف للتسوية فإن التونسيين هم من يدفعون الثمن، وبين أن البلاد اليوم باتت في واقع حكومة تصريف أعمال، حكومة تعاني من ضغوطات داخلية مع انقسام في الأحزاب الحاكمة وهذا من شأنه أن تكون له تداعيات على المستوى الاقتصادي خاصة، فالبلاد تعيش على وقع أزمة اقتصادية حقيقية، أزمة هي الثمن الباهظ الذي دفعه التونسيون نتيجة «الصراع المحموم» على الحكم.
هذا وأكد الشابي أن الحزب يدعو التونسيين إلى انتفاضة صناديق الاقتراع ومساءلة منظومة الحكم ومحاسبتها، فالساعة دقت والعمر السياسي لهذه المنظومة انتهى ولم يبق أمام الشعب إلا تغيير الأوضاع وهنا تكمن مسؤولية المعارضة والبروز كقوة قادرة على أن يلتفت لها التونسيون عند الاقتراع، مشددا على أن المعارضة في وضعها الحالي من التشتت وغياب المبادرة والقدرة على المبادرة، يجعلها لاعبا ضعيفا، فدور المعارضة اليوم هو أن تغير من واقعها الذاتي من أجل تغيير واقع البلاد.

فرصة للتدارك
وبالنسبة للحلول للخروج من الأزمة، أشار محدثنا إلى أنه مهما كانت الحكومة سواء حكومة الشاهد أو غيرها فإنه لن يكون بإمكانها معالجة الأزمة العميقة التي تمر بها البلاد على جميع المستويات وخاصة معالجة المؤشرات الاقتصادية الخطيرة مثل تدهور مخزوننا من العملة الصعبة وانهيار قيمة الدينار وارتفاع نسبة التضخم ونسبة البطالة وغياب التنمية الجهوية، فمن الصعب النجاح في إنقاذ البلاد في أشهر قليلة تفصلنا عن الانتخابات، فالحكومة التي ستحكم البلاد في هذه الفترة الفاصلة عن انتخابات 2019 المطلوب منها أن تضع حدا للتدهور الخطير الذي تشهده البلاد وأن تعمل على المحافظة على الاستقرار أمنيا وتحقيق السلم الاجتماعي وتنظيم الانتخابات في موعدها حتى يتسنى للتونسيين أن تكون لهم فرصة حقيقية للتدارك. وأوضح أن الحزب ليس له أمل في أن منظومة الحكم الحالية يمكنها أن تعالج الأوضاع وأن تقدم للشعب أي عمل ايجابي وتحقيق التوازنات الأساسية ومجابهة ارتفاع الأسعار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115