بدأت عديد الانتقادات توجه إليه خصوصا من قبل أعضاء المكتب المحسوبين على الشق المعارض. الايام القليلة القادمة قد تبرز خطة الناصر لحلحلة الأزمة على إثر اللقاءات المنتظر أن يجريها مع عدد من الشخصيات الوطنية.
بعدما تبيّن ان محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب سيقوم بلعب دور الوساطة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد والنداء لحل الإشكال القائم بينهما برزت عديد التساؤلات حول كيفية هذا التدخل في وقت تفكر فيه الهيئة السياسية لحركة نداء تونس في طرد يوسف الشاهد من الحزب بعدما أخل بالآجال التي اقرتها الهيئة والمقدرة بـ 24 ساعة من أجل توضيح كافة المسائل المطروحة.
الهيئة السياسية لحركة نداء تونس كانت قد اجتمعت في بحر هذا الاسبوع وقررت على إثرها توجيه جملة من الاستفسارات حول علاقة الشاهد بكتلة الائتلاف الوطني التي تشكّلت مؤخرا وتضمّ نوابا استقالوا من كتلة حركة نداء تونس إلى جانب طلب الاستفسار عما يروج حول اعتزامه تكوين حزب سياسي لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019، عن طريق نفس الكتلة، إضافة إلى طلب الاستفسار عن علاقته السياسية بحركة النهضة التي تدعمه وتسانده، على أن يقدم كافة الأجوبة في غضون 24 ساعة. ومع انتهاء المهلة، دون وجود اي رد يذكر من قبل الشاهد الذي قال في تصريح إعلامي خلال الندوة الوطنية حول مشروع قانون المالية لسنة 2019 يوم أمس أنه لم يجد الوقت المناسب للرد على هذه التساؤلات لانشغاله الكبير بمشروع قانون المالية والعودة المدرسية، الأمر الذي حتم على الهيئة السياسية الانعقاد من أجل اتخاذ الاجراءات اللازمة.
حلحلة الأزمة
في هذا الإطار، يسعى رئيس المجلس محمد الناصر الى حلحلة الأزمة من خلال التفكير في إيجاد مقترحات للوضعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الصعبة التي تمر بها البلاد من خلال الحوار والعودة إلى طاولة الحوار، حيث من المنتظر أن يستقبل صباح اليوم السبت نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، على أن تليها عديد اللقاءات الأخرى خلال الأسبوع القادم مع عدد من الشخصيات الوطنية السياسية والاجتماعية. ويعتبر الناصر حسب بعض المصادر في رئاسة المجلس أن الهدف من إعادة الحوار بين جميع الأطراف مناقشة الأزمة السياسية في الحكومة وايضا في البرلمان بين الكتل النيابية، بالاضافة إلى الأمور الاقتصادية في علاقة بمشروع قانون المالية للسنة القادمة وكيفية التنسيق حتى تنطلق السنة السياسية على أحسن ما يرام، وتعود بذلك الثقة بين مختلف الاطراف السياسية والاجتماعية.
تشكيك في قدرة رئيس المجلس
من جهة أخرى، فإن الاراء والمواقف تختلف في مجلس نواب الشعب إذ يعتبر البعض أنه يصعب على الناصر حل مثل هذه الأزمة كالنائب عن الحرة لمشروع تونس وعضو المكتب حسونة الناصفي الذي أكد على أن البرلمان عاجز عن لعب أي دور في هذه الأزمة، باعتبار أن التجاذبات السياسية هي الطاغية، إلى جانب أن النواب لم يعد يحكمهم مفهوم الانضباط بل على العكس مفهوم الولاءات والحسابات. واضاف أن محمد الناصر لا يملك مقاليد الأمور والكتل النيابية أخلت بكل التزاماتها سابقا تجاهه خاصة كتلة حزبه، الأمر الذي يطرح عديد التساؤلات من بينها مدى توفيقه في حلحلة الأزمة بما أنه فاقد للتأثير في نواب حزبه، خصوصا وأنه قد تغيب طيلة 3 سنوات عن الشأن الداخلي للنداء. كما اعتبر الناصفي أن الناصر غير ملم بحيثيات ما يدور في النداء، حتى أن يوسف الشاهد لم يكن واضحا معه أو أنه أطلعه على حقيقة نواياه، لذلك لا يمكن انتظار أي شيء إيجابي من هذه المبادرة.
أغلب النواب خصوصا في الصف المعارض لبقاء يوسف الشاهد على رأس الحكومة، انتقدوا تدخل الناصر الذي اعتبروه خارجا عن السياق حتى المعارضة بدورها انتهزت الفرصة من أجل انتقاده، حيث اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية وعضو المكتب غازي الشواشي أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عجز عن فض الخلاف، مما يعقد المسألة نوعا ما أمام رئيس المجلس محمد الناصر، مشيرا إلى أن النزاع اكبر من منصبه ولا يمكن فضه بآليات برلمانية، خصوصا وأن المعركة يمكن وصفها بكسر العظام بعدما دخلت صلبها عديد الأطراف من كافة الجهات.
في انتظار ما ستسفر عنه الاجتماعات التي من المنتظر أن يجريها رئيس المجلس محمد الناصر خلال الأسبوع القادم، تبقى الأزمة الحكومية مفتوحة على كافة السيناريوهات، لكن قد يغير قرار الهيئة السياسية لحركة نداء تونس أو قد يعمق الأزمة في حالة اتخاذ قرار يتنافى مع المبادئ التي أعلن عنها الناصر والمتمثلة في الحوار والتوافق.