بعد رفض مجلس الشورى لحركة النهضة المساواة في الميراث: الشق الاصلاحي مصدوم...

رغم محاولات الحركة تجنب ابراز الخلافات بين اعضائها بشأن « مبادرة المساواة في الميراث» الا انها عجزت عن منع

بروز هذه الخلافات بحدة انطلقت من كواليسها وتتهيأ لمغادرتها للعلن٫ خلافات مردها اعتبار شق من الحركة أنهم «عادوا سنوات للخلف» بفضل كلمتين تضمنهما البيان، عادتا بالحركة الى ما قبل مؤتمرها العاشر.

يبدو ان البيان الاخير لمجلس شورى حركة النهضة، قد اصاب سهمه مقتلا في الحركة، التي باتت تواجه نفسها قبل خصومها، فهي وبعد مؤتمرها العاشر اعلنت انها فصلت بين السياسي والدعوي وانها حزب مدني سياسي ليس عقائديا ولا يضمن لمنخرطيه دخول الجنة دون سواهم، لكن وبعد السنتين كشفت عبارات في البيان الختامي لاشغال الدورة الـ21 لمجلس الشورى ان الفصل في ظاهره سهل لكن تنزيله فعليا شبه مستحيل في الحركة.

فالبيان وفي نقطته السادسة حمل معولا لهدم صورة الحديثة للنهضة، حزب عصري مدني يمارس العمل السياسي بمقاربة مدنية دستورية وليست عقائدية، صورة دفعت الحركة الكثير لترسيخها داخليا وخارجيا واستعانت بوكالات العلاقات العامة لترويج هذه الصورة، التي نجحت في رسمها قليلا رغم تشكيك جزء هام من معارضيها.

المعول كان كلمات وردت في البيان الختامي وتحديدا في النقطة السادسة منه، التي تتضمن في اولها « …وقرر مجلس الشورى التمسك بنظام المواريث كما ورد في النصوص القطعية في القرآن والسنة، وعبرت عنه مجلة الأحوال الشخصية. ويؤكد أنّ مبادرة المساواة في الإرث فضلا عن تعارضها مع قطعيات الدين ونصوص الدستور ومجلة الأحوال الشخصية فهي تثير جملة من المخاوف على استقرار الأسرة التونسية ونمط المجتمع ».

عبارات وقف عليها شق من حركة النهضة كان قد غادر قاعة اشغال الدورة الـ21 وصدم وفق افراد منهم بالبيان وما تضمنه من مصطلحات على غرار «قطعيات الدين» و «النصوص القطعية في القران والسنة» عبارات اعتبروا انها تناقض ما وقع التنصيص عليه في الموتمر العاشر للحركة، من مبدإ الفصل بين الدعوي والسياسي وهذا يتضمن من وجهة نظرهم مناقشة المبادرة السياسية بمقاربات سياسية وليست عقائدية.

الصدمة التي اصيب بها من غادر القاعة في اليوم الاخير من الاشغال، بعد استيفاء النقاش في اليوم الاول بشان المبادرة وانتهى الى عدم اتخاذ اي موقف وفق مصدر من مجلس الشورى، بسبب عدم استكمال النقاشات حتى في باقي ايام الدورة التي خصصت لمسائل داخلية منها الهيكلة الجديدة للنهضة.

الصدمة ليست في الرفض وفق عدد من النهضاويين بل في المنطلقات المستند إليها في الرفض، وهي منطلقات عقائدية ستكون الورقة الرابحة بيد خصوم الحركة لاثبات حقيقة «ازدواجية الخطاب» وان النهضة لم «تتطور»، مخاوف عبر عنها في اجتماع المكتب السياسي للحركة ساعات اثر صدور البيان الختامي.

فالمكتب السياسي المحسوب على الشق الاصلاحي في النهضة انتهى في نقاشاته الى ضرورة ان تجد الحركة ومؤسساتها مخرجا من الوضع الذي باتوا فيه « بسبب خطأ» تقدير موقف من المبادرة التي يعتبرون انه كان بالمقدور التعامل معها بمقاربة نقدية لتطويرها وليس لرفضها القاطع بمنطلق عقائدي. وهذا ما يجعله حريص علي تغيير الموقف او تعديله في الاسابيع القادمة قبل عرض القانون على جلسة تصويت بالبرلمان

الخلاف اليوم في النهضة هو خلاف «جوهري» كما يريدالشق الاصلاحي ابرازه، فهو خلاف بين شقين شق محافظ لم يتاقلم بعد مع مخرجات المؤتمر العاشر ويفهم معنى الفصل بين السياسي والديني في العمل الحزبي، وبين شق اصلاحي يعتبر ان الشان الحزبي والسياسي هما امران دنيويان يخضعان لحسابات منطقية وليست عقائدية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115