موقفهما من قضايا تهم البلاد، آخرها مبادرة الرئيس للمساواة في الميراث مع التلويح بنهاية «التوافق»، فهي غير قادرة على تبني خطابهما ولكنها في حالة من العطلة تحول دون تقديم موقفها، لتقتصر على القول إن ما يصدر عن غير رئيسها ومن ليس له صلاحية التصريح لا يلزمها.
خلال اليومين الفارطين تعددت تصريحات قادة حركة النهضة المعربة عن رفضهم لمبادرة رئيس الجمهورية بشأن اقرار المساواة في الميراث كمبدإ قانوني مع ترك المجال لمن يريد اعتماد نظام المواريث الاسلامي، بشكل مباشر على غرار محمد بن سالم او عبد اللطيف المكي او عبر التلميح على غرار علي العريض الذي اعتبر ان الاصل هو اعتماد نظام المواريث الاسلامي ام الاستثناء فهو المساواة.
لكن ليس هذا ما قد يثير حرج حركة النهضة، التي لم تحدد بعد موقفها من خطاب الرئيس وما تضمنه من رسائل للحركة، ما يحرج الحركة هي تلميحات صريحة ومبطنة من قادتها، خاصة محمد بن سالم وعبد اللطليف المكي، الى ما يمكن اعتباره «باعلان نهاية التوافق مع الرئيس».
فحدة الانتقاد بل والذهاب الى طلب فتح تحقيق برلماني ضد رئيس الجمهورية والسبب انه في فترة تقلده لمنصب رئيس حكومة انتقالية في 2011 صادق اجتماع وزاري على رفع الاحتراز التونسي على اتفاقية السيداو.انتقادات القياديين بالحركة لم تغفل عن الاشارة الى الفصل الاول من الدستور وكيف يؤولانه، باعتبار انهما كانا من المؤسسين للدستور الجديد.
اعلان نهاية التوافق او اقرار بوقوع الجفاء بين رئيس الجمهورية ورئيس حركة النهضة، ينفيه جزء اخر من قيادات الحركة، من بينهم سامي الطريفي ولطفي زيتون، فالاثنان وان بأشكال مختلفة يعلنان دعمهما لما اقترحه الرئيس ويجدانه مناسبا لتونس. ليكشف مضمون كلام القيادين عن صراع في الحركة
فالوصف الذي أطلقه لطفي زيتون على تحركات «أخيه» في الحركة محمد بن سالم يكشف الكثير عما يحدث في الحركة، وما أعلنه سامي الطريفي يكشف ان القيادات المحيطة برئيس الحركة تجد نفسها في شبه إحراج من تصريحات بعض قادة النهضة التي تقدم قراءات شخصية وتضع الشارع التونسي في حالة التباس.
التباس قوامه ان مواقف بن سالم او المكي تؤخذ على انها مواقف رسمية للحركة ويقع تأويلها والذهاب بها بعيدا، وفق الطريفي الذي اعتبر ان مبادرة الرئيس هي مبادرة «ثورية» وموقف الحركة منها سيحدد عبر هياكلها ومؤسساتها ومنه سيقدم الى كتلة الحركة.
الموقف من المبادرة هو الرضا والتحمس لها من قبل شق يعرف نفسه على انه تقدمي صلب الحركة، ان تعلق الامر بالحريات، ويشدد على ان الفضاء الخاص يجب ان يكون محميا ولكل فرد حريته في اطاره.دفاع هذا الشق عن الحريات الفردية ينطلق من ان «الاسلام دين حرية».
لكن الخلاف بين الطرفين لا يقتصر على مسالة مبادرة الرئيس بل بشان تقييم التوافق هل إنه مازال قائما ام انتهى؟، فان كان المكي وبن سالم يلمحان الى نهايته معتمدين على اختلاف المرجعيات في تحديد المواقف من المساواة في الميراث، فان اصل اعلان النهاية يبدو ان منطلقه التطورات الاخيرة في حركة نداء تونس والصراع بين الشاهد وقائد السبسي، الاب والابن.
احداث ادت لضعف موقع الرئيس وهو ما جعل جزءا من قادة الحركة يعتبرون الاستمرار في التوافق معه على حساب «الحزب» غير مقبول ويجب اعادة تقييم كيفية ادارة التوافق ان لم يكن انهاؤه، في المقابل يعتبر شق اخر ومنهم الطريفي ان التوافق لايزال قائما سواء من قبل الرئيس او الحركة.
بل يذهب اكثر من هذا حينما يشدد على ان الحركة متمسكة به لكن ما يحدث ان بعضا من قادتها كانوا ولايزالون ضد التوافق مع الرئيس يعبرون عن مواقفهم الداعية لمراجعة الامر، وكل مناسبة يقع فيها الخلاف تتكرر هذه المواقف مما يربك المشهد.
في انتظار موقف رئيس الحركة راشد الغنوشي، يبدو ان حركة النهضة ستشهد حالة من الشد والجذب بين تيارين صلبها، وان كان كلاهما يشترك في ان التوافق له حدود يقف عندها.