148 نائبا يمنحون الثقة لوزير الداخلية الجديد: الخوف من « الانقسام » يضمن مرور الشاهد ووزيره

الخوف هو ما تحكم في كواليس البرلمان يوم امس وحسم الأمر لصالح الشاهد٫ خوف من « الفراغ » و خوف من «الانقسام» خوف من ان « تطال الازمة المجلس»، الخوف

من تحمل مسوولية عدم تعيين وزير داخلية جديد في ظل تهديدات امنية، خوف واعتبارات سياسية اعادت رسم المشهد السياسي والبرلماني لتكون فيه الغلبة نسبيا للشاهد وداعميه.

في السياسة هناك مواقيت بها تستدل على ما تبحث، وامس الكل كان يبحث عن اجابة واضحة لسؤال هل تمنح الثقة لوزير الداخلية الجديد ومن خلفه يمنح الشاهد «صك غفران» من المجلس يقيه استمرار ازمة الحكم التي تشارف على شهرها السادس، والميقات امس كان الساعة الرابعة و43، دقيقة توقيت مغادرة الثلاثي حافظ قائد السبسي ورؤوف الخماسي وسفيان طوبال للقاعة عدد1 بالمجلس في اتجاه مكتب الاخير للتشاور قبل العودة واعلان موقف نهائي.

الثلاثي غادر اجتماع الكتلة المخصص لتحديد موقفها من منح الثقة للوزير الجديد، بعد ان حسم الامر في النقاشات بان نجح المدافعون عن منح الثقة في تغليب تصورهم ولكن هذا ضمن حزمة مفاهمات، اعلن عنها تباعا. اولها ان الكتلة تتبنى موقف قادة الحزب، وتطالب الحكومة بالرحيل، الثاني انها تطالب بان تعرض حكومة الشاهد نفسها على جلسة منح الثقة في غضون 10 ايام، واخيرا تعلن انها ستمنح وزير الداخلية الثقة لتجنب الفراغ الامني ولا تمنح حكومة الشاهد أية ثقة.

هذا الموقف المعلن عنه في حدود الساعة الرابعة و52 دقيقة من مساء امس، جاء متناقضا مع ما افرج عنه من تصريحات ادلى بها الشق الرافض لمنح الثقة والمحسوب على المدير التنفيذي للحركة حافظ قائد السبسي، تصريحات كان مضمونها يوحي بانه لن تمنح الثقة للوزير والسبب هو ان الرهان ليس سد الشغور بل سياسي عبر محاولة الشاهد الاحتيال بعرض وزيره لجلسة منح الثقة عوض عرض حكومته .

الاحتيال هو وصف الرجل الاول في الحزب لما اتاه الشاهد، والقصد بهذا القول ان الشاهد سيقدم حكومته على انها لا تزال حكومة وحدة وطنية تحظى بدعم الاحزاب المشاركة في حوار قرطاج ان وقع منح الثقة للوزير، والحال انه وان منحت الثقة فهذا لا يعني انها منحت للشاهد بل لسد شغور في وزارة الداخلية في ظرف دقيق. لكن تغير الموقف مع حلول الساعة الرابعة ونيف والسبب اتصالات من خارج المجلس توصي الكتلة بمنح الثقة للوزير وعدم السماح بحدوث فراغ في الوزارة او إحياء الانقسام في الكتلة اياما بعد اللقاء مع رئيس الجمهورية الذي اوصى بتوحيد الموقف.

فكتلة نداء تونس انقسمت منذ يوم الجمعة الفارط ليعلن شق منها قدر ب20 نائبا التصويت لصالح الوزير في مخالفة صريحة لما اعلن عنه رئيس الكتلة والناطق الرسمي باسم الحزب، وهذا ما دفع الى عقد لقاء امس الذي التحق به الخماسي بجلسته الثانية التي لم تدم اكثر من ساعة وانتهت باصدار الموقف الجديد.

موقف تاكد معه مرور الوزير بشكل جلي، بعد ان كانت حظوظه متقلبة خلال الساعات الاولى من يوم امس، مع ترجيح مروره بفارق طفيف عن عتبة 109 أصوات، فقبل اعلان كتلة النداء انها ستصوت كلها مع منح الثقة كانت التوازنات دقيقة، فالكتل التي اعلن عن منحها الثقة ضمت كتلة النهضة التي سجلت حضور 66 نائبا والكتلة الوطنية ب8 نواب، وكتلة الاتحاد الوطني الحر ونواب افاق تونس الذين تمردوا على قرار حزبهم ونواب من كتلة الولاء للوطن.

هذه الكتل كان موقفها واضحا منذ الصباح، اذ ان كتلة النهضة اعلنت على لسان كل قادتها انها ستمنح الثقة للوزير مثلما ما منحتها لسابقه وانها ترفض الشغور في وزارة الداخلية وذات الحجة هي ماقدمته كتل اخرى على غرار الكتلة الوطنية التي اكد رئيسها مصطفى بن احمد انها ستمنح الثقة لرفضها تعطيل المؤسسات كما انها ترفض ان تصطف في الصراعات الراهنة ولا ترى القضية من زاوية من ينتفع بتصويتها ومن يضر، في اشارة الى الصراع بين الشاهد وقائد السبسي الابن او الصراع بين القصبة وقصر قرطاج.

رفض الفراغ والاصح الخوف منه هو ما يحرك كل الكتل الداعمة للشاهد في توصيفها، او هذا ما تقره علنا، فكتلة الاتحاد الوطني الحر بدورها تخشى من الفراغ وترفض ان تتخذ موقف الحياد بالاحتفاظ او التصويت بالضد، وان كان رئيسها يدرك ان التصويت قد يقرأ على انه «ثمن» رفع تحجير السفر عن رئيس الحزب سليم الرياحي.

لكل حجته للدفاع عن القبول او الرفض، ولكن خلف الحجج يختفي دافع اخر لمنح الثقة لوزير الداخلية الجديد وهو الخشية من انقسام الكتل البرلمانية، فكرة نار الشاهد انفلقت وتوزعت على القبائل دون استثناء لتصبح مهددة من داخلها على غرار كتلة مشروع تونس التي اعلن جزء منها منح الثقة للوزير ضد قرار الكتلة الموصي بالاحتفاظ رفض تبرره الكتلة بان الشاهد لم يف بتعهده المتمثل في التشاور مع الاحزاب قبل اعلان اسم مرشحه، وكذلك توقيت التحوير الذي كانت الكتلة والمشروع يفضلان ان تؤجل الى ما بعد العطلة البرلمانية.

لكن هذا ايضا تغير قبل دقائق من انتهاء الجلسة لتعلن الكتلة الحرة لمشروع تونس انها ستمنح ثقتها للوزير، الحجة هنا ان الكتلة قررت الاحتفاظ لتجنب ان تصطف خاصة وان التحوير ياتي في ظل صراعات متداخلة، صراع مع الرئيس ومع حركة نداء تونس، المشروع يرفض التورط في هذا.لكن طالما ان كتلة نداء تونس قررت منح الثقة للوزير، وطالما ان الرئيس لا يعترض عليه فان المشروع قرر تعديل موقفه وان يمنح الثقة.

رغم محاولات تقديم التصويت بمنح الثقة لصالح وزير الداخلية على انه لا يعني أي تغير في الموازنات السياسية صلب المجلس او خارجه فان العكس صحيح، فالشاهد الذي حصد 148 صوتا بنعم لصالح وزيره سيكون في وضع مريح جدا لبقية السنة وسيدير معاركه وفق نسقه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115