من الاحزاب التونسية، آخرها المسار الديمقراطي الاجتماعي الذي انقسم قادته الى شقين شق يتبنّى بيان المكتب السياسي المعلن عن الخروج من حكومة الشاهد والثاني يرفض المسالة، لتتصاعد الازمة داخل الحزب فاتحة الباب أمام عدة احتمالات.
خلال الساعات الـ48 الفارطة اعلن حزب المسار عن انسحابه من حكومة الشاهد في بيان صادر عن مكتبه السياسي. لاحقا اعلنت مجموعة من قادة الحزب ومن اعضاء المجلس الوطني عن رفضها للقرار ودعوتها الى العودة للمجلس للحسم في الخلاف بين اعضائه بشأن الموقف من الحكومة.
من هؤلاء الداعين للعودة عن قرار الانسحاب من الحكومة الى حين الحسم في المجلس المركزي الاستثنائي، الحبيب القزدغلي، الذي شدد على ان النقاشات صلب حزبه لم تنته بحسم أي خيار وان المجلس المركزي المنعقد في الـ7 والـ8 من جويلية الجاري دعا الى فسح المجال للنقاش اكثر وتجنب التصويت.
القزدغلي يعتبر ان الحزب تشقه خلافات في التقييم، وهي خلافات سياسية تتعلق بمشاركة الحزب في الحكومة اذ يعتبر شق من الحزب وفق قوله ان الحزب خسر الكثير وضعف بسبب هذه المشاركة وان خروجه من وضعه الحالي ينطلق من الخروج من الحكومة اولا.
هذا الموقف يقول القيادي في المسار انه نوقش في هياكل الحزب منذ فترة وان النقاشات كانت تنتهي الى فسح المجال لبلورة بديل عبر النقاش وهو ما مكن الحزب من تجاوز الخلاف الحاصل طوال 6 اشهر، لكن الأسبوع الأخير لم يسر الامر كما هو متفق عليه.
اذ وفق القزدغلي وقع الاتفاق في المجلس الوطني على التشاور اكثر والعودة لاحقا لاخذ القرار، في ظل تجميد الامين العام سمير الطيب لنشاطه كامين عام للحزب ليساهم وفق القزدغلي في ايجاد الحل دون ان يكون هناك تداخل بين صفتيه كعضو في الحكومة ومنصبه في الحزب.
لكن لاحقا اتجه الشق الداعي للخروج من الحكومة الى التصويت ليقرر انسحاب الحزب من الحكومة ويعبر عن هذا في بيان المكتب السياسي، وهذا يعتبره القزدغلي غير مناسب فعدد من شاركوا في التصويت لا يمثل اغلبية اعضاء المجلس المركزي، لتتضارب هنا الارقام المقدمة بشان عدد المصوتين فالقزدغلي يعتبر ان 79 صوتا بنعم من اصل 154 عضوا لا تمثل الاغلبية فيما يقول الجنيدي عبد الجواد ان عدد من صوت بالخروج هم 84 شخصا.
التعارض لا يقتصر على الارقام فكل شق منهما يعتبر ان خياره وقراءته أسلم، اذ يعتبر القزدغلي ومجموعة من القياديين معه من بينهم سلمى بكار والحبيب ملاخ والشاذلي ونيس، ان قرار الخروج مرفوض لانه مرتجل يهدد الصالح العام ووحدة الحزب، لذى وجب العودة للمجلس لمواصلة النقاش قبل اصدار اي قرار.
موقف الرافضين لبيان المكتب السياسي يقابله تشديد جنيدي عبد الجواد على ان ما يثار من احترازات على عملية اخذ القرار غير صحيح، من ذلك ان الذهاب الى التصويت الالكتروني كان بقرار من المجلس المركزي للحزب الذي شارك فيه وفق قوله 72 عضوا، وهي اعلى نسبة مشاركة سجلت منذ دخول الحزب في الحكومة.
ليشرح عبد الجواد كيف تمت عملية التصويت، حيث قرر المجلس المركزي ان لا يمر الى التصويت على عين المكان بل ان يكون التصويت الكترونيا اشرفت عليه انتصار حبابو التي تراست اشغال جلسة المجلس المركزي.
هذا التصويت تم وفق عبد الجواد بعد عرض نصين الاول يدافع عن البقاء في الحكومة والثاني عن الخروج منها وقد صوت الـ84 عضوا لصالح الخيار الثاني فيما رفض البقية التصويت وقاطعوه، لاحقا انعقد اجتماع للمكتب السياسي لفرز الاصوات واقرارها قبل اصدار نتائجها والموقف المترتب عنه.
هنا يشير عبد الجواد الى ان المصوتين لصالح الخروج اقتنعوا بنص المدافع عن هذا الطرح الذي بين ان الحكومة الحالية باتت محل تجاذب واحد عناصر الازمة، وان الحزب غير معني بالبقاء في الائتلاف الحاكم خاصة بعد ان اتضح ان رئاسة الجمهورية وحركة النهضة محل خلاف بشأن الحكومة وهذا يعني نهاية التوافق المغشوش.
موقف هذا الشق من المسار مرده أيضا أن الحكومة فقدت كل سند سياسي والبقاء في صفها هو اصطفاف خاطئ، كما أن الحزب ومنذ أشهر يناقش مسالة الخروج من الحكومة لرفض جملة من التوجهات.
عند هذا الحد يعود الجنيدي عبد الجواد إلى الخلافات الداخلية في الحزب ليعتبر ان رافضي مغادرة الحكومة قاطعوا التصويت استجابة للائحة اعتبر انها تضمنت «تعلات واهية لا اساس لها من الصحة» في اشارة الى اتهامات تضمنتها لائحة داخلية اعتبرت ان عملية التصويت على قرار الخروج شهدت عدة اخلالات.
اخلالات ينفيها عبد الجواد ويؤكد ان أشغال المكتب السياسي شارك فيها من يعارضون الخروج، ليوجه دعوة لـ«الأقلية» للرضوخ لقرار الأغلبية وحماية وحدة الحزب، معتبرا ان الحزب يتسع للآراء المخالفة وان الرافضين المغادرة يمكنهم الدفاع عن موقفهم دون التشكيك في عملية التصويت.
الخلاف دب في حزب المسار ويبدو انه مرشح للتصعيد أكثر في ظل تباين حاد في المواقف يهدد تماسك الحزب ووحدته.