وزعيمي الحركتين السياسيتين الأكثر تمثيلا في البرلمان، عقدت لقاءات جمعت القادة بهياكلهم ليبلغوهم ان شيء تغير عما كان عليه قبل اللقاء، المواقف على حالها والكل يطالب بإيجاد حل لازمة يبدو أنها تتجه أكثر لتعقيد في ظل غياب جهة تحكيم.
مساء الاثنين الفارط عقدت حركة النهضة اجتماعا لمكتبها السياسي أعادت فيه صياغة ما قاله رئيسها راشد الغنوشي في اللقاء السباعي بقصر قرطاج يومها، النهضة مع الاستقرار الحكومي وبقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد وذلك بدعوتها الأخير ان يلتزم بتطبيق الإصلاحات المتفق عليها في وثيقة قرطاج2 وعدم الترشح هو وفريقه لانتخابات 2019.
هذا الموقف عبر عنه الناطق الرسمي للحركة عماد الخميري قبل ان يصدر بيان عن المكتب السياسي متضمنا دعوة لحكومة الشاهد بالتوجه للبرلمان وعرض تحويره الوزاري المرتقب عليه للمصادقة، هذا الموقف شرحه الخميري بقوله انه يهدف لوضع حد للجدل سواء بمرور التحوير وهذا ينهي دعوات إسقاط الحكومة او بتعثره وهذا يعني ضرورة ذهاب الشاهد.
مقابل هذا الموقف من النهضة يعبر اتحاد الشغل الذي شارك أمينه العام في اللقاء عن موقف آخر، لا يختلف عن السابق قبل اللقاء، فوفق الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري، الاتحاد شارك في اللقاء وهو يظن ان حوار رئيس الجمهورية الذي بث قبل يوم سيكون بداية مرحلة جديدة في التعاطي وان الاتحاد انتظر ان يكون هناك «أكثر جرأة لتجاوز الأزمة».
أزمة يقول الطاهري أنها باتت تمثل خطرا وأن منظمته متخوفة من القادم، خاصة وان ما يحدث «غير مسموح به» ويهدد البلاد واستقرارها. لهذا وجب التعجيل بالحل لتجنب تعقيد الأمور، والحل يجب أن يكون دستوريا، سواء بتوجه استقالة الشاهد او ذهابه للبرلمان لنيل الثقة من جديد أو الورقة الأخيرة وهي الفصل 99 من الدستور الذي يسمح لرئيس الجمهورية بطلب سحب الثقة من الحكومة.
خيارات ثلاثة يلمح الاتحاد أن الوضع قد يحتم الذهاب للثالث بحكم «تردد الشاهد في الذهاب للبرلمان لسد الشغور في حكومته»، وهذا في ظل وجود «من يريد أن يستحوذ على الحكم بأية طريقة» والحال ان البلاد في وضع هش والديمقراطية تحتاج إلى توافق وإعمال الحكمة عوضا عن تغليب المصالح الحزبية.
اتحاد الشغل الذي عاد لفتح قنوات التفاوض مع الحكومة في الملف الاجتماعي، يعتبر ان تعامله معها لا يعني انه قد يتخلى عن موقفه الداعي لرحيلها، حيث قال الطاهري ان الأزمة تتجه الى التعقيد اكثر ولا حل لها الا برحيل الحكومة لان بقاءها فقد مسوغاته فهي دون حزام سياسي ولا يمكنها الاستمرار دون المنظمات الاجتماعية.
الحل ممكن رغم اعتباره ان رئيس الدولة تأخر في التدخل، كما انه لم يوضح جملة من المسائل، حيث اختار في خطابه سواء في الحوار او اللقاء ان يوضح بعضها ويلمح لبعضها برسائل وهذا غير كاف بالنسبة للاتحاد الذي يعتبر ان الدستور يسمح لرئيس الجمهورية بلعب دور في حل الازمة.
حل الازمة هو ما يرغب فيه اتحاد الشغل بشدة وهذا لا يتم الا برحيل الحكومة، ما تبقى هو ان يقع اتخاذ قرار سياسي من «الجهات المعنية» لينفذ فالاتحاد وفق الطاهري ليس من سيصوت بنعم او لا على بقاء الحكومة إنما النواب في البرلمان.
هنا يتضح ان الازمة ستستمر اكثر الى ان تحسم التوازنات صلب المجلس، على غرار اتضاح الراي الغالب صلب كتلة نداء تونس، حيث ان الحركة لاتزال تعاني من انقسام داخلي جعلها غير قادرة على ان تكون طرفا مؤثرا في الحسم، فشق المدير التنفيذي في الحركة يدفع باتجاه اسقاط حكومة الشاهد دون ان تكون له اغلبية في الكتلة البرلمانية للحزب. مقابل الباحثين عن اسقاط الشاهد لم يضمن بعد الداعمون للرجل اغلبية مريحة لهم، لتستمر ازمة النداء وتتعمق الازمة العامة اكثر.